ما هي مكاسب وخسائر مصر من “قمة المناخ” بشرم الشيخ؟
سعت مصر إلى تحقيق أكبر استفادة ممكنة من استضافة قمة المناخ (كوب 27) بمدينة شرم الشيخ، التي انطلقت أعمالها في 6 تشرين الأول/نوفمبر، والمقرر أن تنهي أعمالها اليوم الجمعة، وسط أنباء عن تمديد أعمال القمة، إثر خلافات حول تمويل الأضرار التي تتكبدها الدول الفقيرة جراء التغير المناخي.
حضر قمة المناخ بشرم الشيخ أكثر من 120 من قادة الدول، وشارك نحو 30 ألف ناشط على مدار أسبوعين بالمدينة السياحية الأشهر في مصر، التي تعاني من ركود سياحي ممتد منذ تفشي وباء كورونا قبل نحو عامين.
وخلال تلك القمة، قدمت مصر كثيرا من الجهد والمال لإنجاح التجمع العالمي السنوي، حيث أنفقت على استعدادات المؤتمر وتحويل مدينة شرم الشيخ لمدينة خضراء، نحو 15 مليار جنيه، وفق ما أعلنه محافظ جنوب سيناء خالد فودة، 22 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
“اتفاقيات مليارية”
وخلال الأيام الماضية، أعلنت مصر عن توقيع عدد من الاتفاقيات المليارية، لإقامة مشروعات تتعلق بالطاقة المتجددة والرياح والهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بلغت 119 مليار دولار، بحسب المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أيمن حمزة.
وأعلن مجلس الوزراء المصري عن توقيع عدة اتفاقيات إطارية مع شركات طاقة عالمية لإنشاء تسعة مشروعات لإنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بتكلفة استثمارية إجمالية تبلغ 83 مليار دولار.
ووقع الاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم مع مصر لإنشاء “شراكة استراتيجية” للهيدروجين الأخضر، لدعم انتقال البلاد للطاقة النظيفة، ستساعد تلك الشراكة في تأمين إمدادات تبلغ 20 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، إذ يتطلع الاتحاد لاستيراد “الهيدروجين المتجدد ومشتقاته” من مصر.
كما حصلت القاهرة على نحو 750 مليون دولار دعما أمريكيا وألمانيا لها في هذا المجال، حيث أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، خلال كلمته في قمة المناخ 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري تقديم 500 مليون دولار لمصر، للتحول إلى الطاقة النظيفة.
وخلال قمة المناخ، أيضا، قررت ألمانيا منح مصر 250 مليون يورو، منها 100 مليون يورو في صورة مبادلة ديون، ومنح تنموية بقيمة 50 مليون يورو، و100 مليون يورو تمويلات إنمائية ميسرة.
“تشويه صورة مصر”
وفي تقديره لمكاسب وخسائر مصر من استضافة قمة المناخ (كوب27)، قال أحد السياسيين المصريين المشاركين بقمة المناخ بشرم الشيخ، الأمين العام لحزب المحافظين، طلعت خليل؛ إن استضافة مصر للقمة فضلا عن أنها دعاية سياحية، فهي أيضا رسالة للعالم بقدرتها اللوجيستية والفنية العالية.
وقال خليل، إن “مصر من الدول التي ستتأثر بالتغيرات المناخية، ولدينا تآكل بشواطئ البحر المتوسط والبحيرات المرة، والجفاف يسود والتصحر ونقص مياه النيل، وكلها ملفات عرضت حولها القاهرة رؤيتها بالمؤتمر، وضغطت على الدول الصناعية لعمل استثمارات صديقة للبيئة”.
وانتقد خليل، إدارة السلطات المصرية للملف الحقوقي خلال فعاليات قمة المناخ، التي شهدت تنظيم عدد من المؤتمرات والوقفات الاحتجاجية لنشطاء حقوقيين ومنظمات دولية، كان أبرزها المؤتمر الصحفي للتعريف بقضايا المعتقلين السياسيين في مصر، وخاصة الناشط المصري البريطاني علاء عبد الفتاح.
وقال: “ليس هناك ما يمنع حديث بعض الحضور عن حق مسجوني الرأي في الحرية، ولكن ردودنا كانت سيئة. والحاضرون كان لديهم فجاجة في الردود، ولم يرضني ما حدث من النائب عمرو درويش بمؤتمر دعم المحبوس على ذمة قضايا رأي، ومنهم الناشط المحبوس علاء عبدالفتاح”، معتبرا في نهاية حديثه أن “ما حدث تشويه لصورة مصر”.
وواجهت مصر انتقادات حادة من جانب المدافعين عن حقوق الإنسان بشأن التعامل مع المعارضة منذ سنوات، وإدارتها لحرية التظاهر والاحتجاج والتعبير خلال “كوب27”. وشكا ناشطون عديدون من “استجوابات” وشروط صارمة جدا تفرض على تنظيم الاحتجاجات.
حضور بايدن
واعتبر مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة؛ الباحث محمد حامد، أن الحضور المكثف للزعماء والرؤساء حول العالم، وخاصة الرئيس الأمريكي، كان أمرا إيجابيا للغاية، ومثل نجاحا لمصر وللقمة.
وأضاف، “مكاسب مصر تتمثل في توقيع اتفاقات عديدة بملف البيئة بعشرات المليارات من الدولارات، وحصولها على منحة أمريكية بـ500 مليون دولار، إلى جانب أنها “ستكون ركيزة القارة الأفريقية للانطلاق في ملف الطاقة الخضراء”، -بحسب تعبيره-.
واتفق حامد مع الأمين العام لحزب المحافظين في أن إدارة الملف، كان من أبرز سلبيات المؤتمر، قائلا: “ظهور الملف الحقوقي بشكل أو بآخر في حوارات الزعماء الدوليين ونقاشات مع بعض نشطاء المجتمع المدني”.
وأضاف: “نقاشات حقوق الإنسان كانت موجودة في اللقاءات كافة بالقمة، بشهادة تصريحات المسؤولين من أمريكا وألمانيا والمملكة المتحدة”.
وتابع: “هذا الأمر رسخ فكرة رفض مصر للانتقادات الحقوقية، وأصبح لديها قدرة على الرد عليها”، مستطردا: “مصر خرجت بشكل متزن من القمة، خاصة أن الانتقادات في ملف حقوق الإنسان مستمرة من قبل القمة”.
“بعض الفضائح”
وعلى الجانب الآخر، يرى الحقوقي المصري هيثم أبوخليل، أن “مكاسب مصر من مؤتمر المناخ، كانت ستكون قائمة لو لم تحدث بعض الفضائح مثل تسرب مياه الصرف الصحي بمقر القمة، وشكوى البعض من ارتفاع أسعار المأكولات، وما أثاره الوفد الألماني عن تنصت السلطات المصرية عليها”.
وأضاف، “كذلك الأجواء الحقوقية بقمة المناخ وبعض الانتهاكات التي حدثت على هامش القمة، وأعتقد أنها كانت ستكون أفضل، وتضاف لرصيد مصر بدلا من أن تكون بصورة سلبية، وعلى المستوى الوطني لم أتمن أن تكون بهذه الصورة، ولكنه نظام بدون عقل”.
ويرى أبو خليل، أن “أبرز شيء بقمة المناخ، كان مؤتمر الناشطة سناء سيف، لدعم شقيقها علاء عبدالفتاح، وإثارة ملف الانتهاكات الحقوقية في مصر بالصحافة العالمية”، مضيفا أنه “قد يكون للنظام حسابات أخرى، ولكن من وجهة نظر حقوقية لا توجد إنجازات؛ لأن القمة لم يقابلها تحسن بحقوق الإنسان على الأرض”.
وتكثف وسائل الإعلام المصرية الحديث عما تصفه بمكاسب سياسية واقتصادية من تنظيم قمة المناخ وخاصة في قطاع السياحة، ووضع مصر على خريطتها العالمية، مع إرسال رسائل إيجابية وطمأنة للمستثمرين الأجانب أن مصر مستقرة سياسيا واقتصاديا، مع الإشار إلى أهمية حضور رؤساء وقادة وملوك نحو 70 دولة.
وهو بعض ما أكده مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية عبدالمنعم السيد، لفضائية “إكسترا نيوز”، الذي لفت إلى مكاسب الاتفاقيات والمبادرات والمشروعات التي تم الإعلان عنها لخدمة التغير المناخي، وإنتاج الطاقة الخضراء المتجددة وطاقة الرياح والطاقة الشمسية.