أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليمحلياتومضات

ما خيارات الفلسطينيين لثني بريطانيا عن نقل سفارتها إلى القدس؟

منذ أعلنت بريطانيا أنها تدرس نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، تحرّكت الدبلوماسية الفلسطينية في اتجاهات متعددة لعرقلة هذا الإجراء وثني بريطانيا عن هذا التوجه.

وقال مسؤول حكومي إن لدى فلسطين خيارات سياسية وقانونية لمواجهة “التفكير” البريطاني، وهي خيارات اعتبرها محلل سياسي فلسطيني الأكثر جدوى.

وتتمثل الخيارات السياسية في الاتصالات الثنائية مع بريطانيا من جهة، وتشكيل جماعات ضاغطة في بريطانيا ومع أطراف دولية من جهة ثانية. في حين تجري استعدادات قانونية لمحاكمة بريطانيا دوليا إن نقلت السفارة إلى القدس فعلا.

تراس تفكّر

وخلال لقاء على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر/أيلول الماضي، أبلغت رئيسة وزراء بريطانيا ليز تراس نظيرها الإسرائيلي يائير لبيد، أنها تفكر في نقل السفارة البريطانية بإسرائيل إلى القدس.

وتقع السفارة البريطانية حاليا في تل أبيب، وهي المسؤولة عن العلاقات مع الإسرائيليين، فيما تتولى قنصلية بريطانية عامة في شرقي القدس المسؤولية عن العلاقات مع الفلسطينيين.

والقدس أرض محتلة، بموجب قرارات الشرعية الدولية، وينطبق عليها القانون الدولي الإنساني، كباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

خيارات الرد

يقول أحمد الديك، المستشار السياسي لوزير الخارجية الفلسطيني، متحدثا للجزيرة نت، إن معلومات وصلت فلسطين “ومنذ فترة زمنية طويلة” عن نية بريطانيا نقل سفارتها.

وفي تقدير المستوى السياسي الفلسطيني هناك “توجّه حقيقي لدى رئيسة الوزراء البريطانية بخصوص نقل السفارة” حسب الديك.

وعن خيارات فلسطين السياسية لمنع ذلك، قال إن حملة دبلوماسية سياسية مكثّفة بدأت على الساحة البريطانية ومع عدد من الأطراف الدولية.

وتابع الديك بأن التحرك الفلسطيني يجري على جميع مستويات صناعة القرار في بريطانيا، بما في ذلك الحكومة والبرلمان والمؤسسات والمنظمات وفعاليات المجتمع المدني.

خلية أزمة

وأضاف المسؤول في الخارجية الفلسطينية “شكّلنا ما يشبه خلية أزمة مكونة من سفيرنا في بريطانيا والسفراء العرب فيها، وبالفعل بدؤوا مع عدد من اللوبيات (جماعات الضغط) بالتحرك في كافة الاتجاهات لتشكيل ضغط حقيقي على رئيسة الوزراء ومن يؤيدها للتراجع عن دراسة نقل السفارة، على قاعدة أن هذا الموضوع لا يحتاج من الأساس لأي مراجعة”.

وقال الديك إن جميع السفراء العرب ومن خلال مجلس السفراء العرب “يعملون بنشاط وبشكل مشترك للضغط على الحكومة البريطانية”.

بين بلفور والسفارة

وأشار المستشار السياسي إلى أن نقل السفارة مخالف للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية “خاصة وأن بريطانيا متورطة في الظلم التاريخي الذي حل بالشعب الفلسطيني من خلال إصدارها لوعد بلفور (1917)”.

وفي 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917، أرسل وزير الخارجية البريطاني آنذاك اللورد آرثر جيمس بلفور رسالة إلى اللورد اليهودي ليونيل والتر روتشيلد رئيس المنظمة الصهيونية العالمية، تضمنت وعدا بتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين.

يقول المسؤول الفلسطيني “كان المطلوب من بريطانيا أن تتخذ خطوات باتجاه الحقوق الوطنية والعادلة للشعب الفلسطيني من قبيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية وممارسة الضغط على دولة الاحتلال لوقف انتهاكاتها وجرائمها”.

محاكمة بريطانيا

على الصعيد القانوني، قال الديك “أي دولة تقدم على مثل هذه الخطوة نرفع ضدها دعاوى قضائية في المحاكم الدولية، والمحاكم البريطانية متاحة”.

وأشار إلى جاهزية فلسطين من الناحية القانونية، وقد رفعت دعوى سابقة ضد الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب.

وفي 6 ديسمبر/كانون الأول 2017، اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل؛ وقرر نقل سفارة بلاده إليها، وهو ما تم في 14 مايو/أيار 2018.

وأعرب الديك عن أمله في أن تتراجع رئيسة الوزراء البريطانية عن تفكيرها “حتى لا نضطر للقيام بمثل هذه الخطوات” كما قال.

وأضاف أن القرار البريطاني في حال وجد طريقه للتنفيذ “سيترك أثرا مدمرا على العلاقات الفلسطينية البريطانية، وسيترك أثرا سلبيا على العلاقات العربية والإسلامية مع بريطانيا”.

وأشار إلى أن بريطانيا ردّت من خلال قنوات دبلوماسية بأن قرار نقل السفارة “لم يتخذ وإنما قيد المراجعة والدراسة، وبالنسبة لنا (كفلسطينيين) هذه خطوة بالاتجاه الخاطئ في التاريخ، فالموضوع برمته ليس بحاجة إلى مراجعة أو إعادة قراءة”.

جماعات الضغط

جاءت الخطوات التي تحدث عنها المسؤول بالخارجية الفلسطينية متوافقة مع رأي أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت جهاد حرب، الذي شدد على أهمية وجود ضغط داخلي على الحكومة البريطانية لثنيها عن توجهها.

وقال حرب، في حديثه للجزيرة نت، إن المطلوب فلسطينيا هو “الضغط على الحكومة البريطانية لمنعها من نقل السفارة، سواء من خلال العلاقة السياسية المباشرة أو بواسطة القوى والأحزاب البريطانية وخاصة حزب العمال، وبعض النقابات المؤيدة للقضية الفلسطينية”.

ويرى أنه بالإمكان الضغط على البرلمانيين البريطانيين بالتحرك داخل بريطانيا “فالأمر المهم والحاسم ليس الضغط المباشر على رئيسة الوزراء، وإن كان جانبا مساعدا ولا يمكن التقليل من أهميته”.

وتابع “العمل داخل المجتمع البريطاني وداخل الأحزاب والنقابات البريطانية والحركات الاجتماعية واللوبي العربي والإسلامي، أكثر أهمية”.

الضغط الاقتصادي

وأشار المحلل الفلسطيني إلى “أهمية الضغط على بريطانيا من خلال الاتحاد والبرلمان الأوروبي والعمل معهما لعدم خرق الإجماع الأوروبي، بغض النظر عن خروج بريطانيا من الاتحاد”.

وعن جدوى التدخل العربي بهذا الخصوص، أشار إلى أهمية “لوبيّات الجاليات العربية والإسلامية وسفراء الدول العربية”.

وذكر أن “استخدام القوة الاقتصادية العربية ضروري لمنع الحكومة البريطانية أو وقف أو الحد من ذهابها لنقل سفارتها إلى القدس”.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى