“تحرير الشام” تسيطر على عفرين.. ما موقف تركيا؟
أفادت مصادر متطابقة بأن “هيئة تحرير الشام” فرضت السيطرة الكاملة على مدينة عفرين، وذلك بعد اشتباكات “محدودة” خاضتها مع “الفيلق الثالث”، قبل أن يضطر الأخير إلى الانسحاب باتجاه مدينة أعزاز.
وبذلك تكون “تحرير الشام” قد وسعت نطاق نفوذها بالسيطرة للمرة الأولى على مناطق تخضع بشكل مباشر للنفوذ التركي، ما يثير تساؤلات عن موقف تركيا من التطورات الأخيرة.
وحسب مصادر لعربي21، فإن تركيا اختارت الصمت حيال التطورات العسكرية الأخيرة، ما يؤشر حسب المصادر ذاتها إلى أنها راضية عن تمدد “تحرير الشام”، وهو الأمر الذي كان يعد بمثابة خط أحمر.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي، أن ما يجري من تغيير في خارطة السيطرة في الشمال السوري، إنما يتم تحت أنظار القوات التركية الموجودة في المنطقة، مؤكداً، أن “تركيا غير راضية عن أداء بعض الفصائل في منطقتي غصن الزيتون ودرع الفرات”.
وتابع علاوي بالإشارة إلى الفوضى والفلتان الأمني التي تسود أرياف حلب، وقال: “من جانب آخر، يبدو أن تركيا تحتاج لقوة واحدة في الشمال السوري في حال تم التوصل إلى تفاهمات جديدة بما يخص الشمال السوري، لأن تعدد القوى يفتت المنطقة”.
وحسب الكاتب، فإن وجود إدارة واحدة للشمال السوري من شأنه تسهيل مخطط تركيا الهادف إلى إعادة اللاجئين السوريين، وهي الخطة التي أعلنت الحكومة التركية عنها سابقاً.
وقال إن تركيا تحتاج من أجل تنفيذ مخطط إعادة اللاجئين إلى ثلاثة شروط، الأول إدارة واحدة للمنطقة، وإلى قوة أمنية واحدة، وتوفير مناخ هادئ، وكل ذلك يتطلب وجود ذراع قوي، يبدو أن تركيا وجدته في “تحرير الشام”.
بدوره، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة، أن “تحرير الشام” لم تكن تجرؤ على التمدد في منطقة عمليات “غصن الزيتون” دون موافقة تركيا.
وقال إن التعاطي التركي الجديد مع الشأن السوري، أي التوجه للمصالحة مع النظام في دمشق بغية مشاركته في دحر قوات سوريا الديمقراطية من المناطق التي تسيطر عليها “قسد” بالقرب من الحدود التركية، يحتم كما يبدو على تركيا إجراء تغيير.
وطبقاً لخليفة، تسعى تركيا لدمج “تحرير الشام” مع بقية فصائل الشمال، على أن تتوحد جميعها في كيان واحد يتولى إدارة إدلب وبقية مناطق الشريط الحدودي مع تركيا.
ويستدرك خليفة بقوله: “لكن النظام بالمقابل يرى أن الفصائل المسلحة في الشمال حالها كحال “قسد”، أي قوى متمردة على الدولة، ويجب التعامل معها بالقوة، والتوقف عن دعمها”.
والسؤال الأكثر إلحاحاً اليوم، وفق خليفة، هو مصير المنطقة بعد سيطرة “تحرير الشام” على عفرين، وما إن كان ذلك سيجعل المنطقة عرضة للاستهداف من روسيا والنظام السوري بذريعة محاربة “الإرهاب”.
في المقابل، تستبعد مصادر أخرى وجود أي تنسيق عسكري بين تركيا و”تحرير الشام”، المصنفة ضمن قوائم التنظيمات “الإرهابية” حتى من جانب تركيا.
وتبدي أوساط سورية مخاوف من تبعات سيطرة “تحرير الشام” على عفرين، وسط مخاوف من إعطاء ذلك ذريعة لروسيا لاستهداف المنطقة.
ومنذ أيام، والشمال السوري بات مسرحاً لاشتباكات بين فصائل “الجيش الوطني”، وذلك على إثر الكشف عن تورط فصيل “فرقة الحمزة” في قضية اغتيال الناشط الإعلامي محمد عبد اللطيف “أبو غنوم”.
وتحت وطأة الغضب الشعبي والمطالب بالمحاسبة، تحرك “الفيلق الثالث” ضد مقرات “فرقة الحمزة” في مدينة الباب، وسيطر عليها، قبل أن تساند فصائل أخرى “فرقة الحمزة”، وتتوسع الاشتباكات إلى عفرين، التي انتهت فيها السيطرة لـ”تحرير الشام” بعد انسحاب قوات “الفيلق الثالث” منها.