ابن الشهيد وشقيقه.. سلمان عمران يعيد مشهد الاشتباك مع الاحتلال 20 عاما كما فعل عمه
بينما كانت تشير عقارب الساعة إلى قرابة الواحدة بعد منتصف أمس الأربعاء، كان عشرات من جنود الاحتلال وآلياته العسكرية يحاصرون منزل عائلة المقاوم الفلسطيني سلمان أحمد عمران (أبو أحمد) في قرية دير الحطب إلى الشرق من نابلس، ودون سابق إنذار فتح الجنود المحتلون نيران بنادقهم تجاه المنزل المحاصر.
وفي المنزل المحاصر لم يكن هناك سوى المقاوم عمران (33 عاما) وزوجته وأطفاله الثلاثة وهاتفه النقال الذي صدح عبره بحرقة موصلا رسالته للعالم الخارجي ومعرفا بنفسه قائلا “أنا سلمان عمران، محاصر داخل المنزل، شباب سامحونا جميعكم، ومن استطاع القدوم لمساعدتنا فليفعل، نسأل الله القبول ونسأل الله الشهادة”.
وردد ذلك 3 مرات قبل أن يبعث برسالة أخرى متمنيا فيها بأن يكون وزوجته وأطفاله شهداء، وداعيا “الجميع” بعدم التخلي عن الوطن “فالوطن ليس لي وحدي، الوطن للكل، وإسرائيل احتلت أرضنا كلنا”.
ولم تنفد كلمات عمران كما نفدت ذخيرته، فحملت إحدى رسائله تحذيرا -وسط صرخات وتكبيرات- من أن ينتهي الرصاص لديه دون أن يتمكن من إنقاذ نفسه أو إيقاع أكبر خسائر بين الجنود المعتدين، ليظل مشتبكا معهم لأكثر من 3 ساعات، وفي كل رصاصة يطلقها يزيد الاحتلال الخناق عليه أكثر ويتضاعف المد العسكري القادم لجنود الاحتلال من كافة النقاط العسكرية المحيطة.
رفاق الواجب
وبينما يواصل عمران مقاومته من داخل المنزل، اشتبك مقاومون آخرون مع جنود الاحتلال عند مدخل قرية دير الحطب والمنطقة المحيطة، ليستشهد علاء زغل (21 عاما) ويصاب 6 مواطنين بالرصاص الحي بينهم صلاح شقيق عمران وصحفيان، ونحو 50 مصابا بالاختناق بالغاز المسيل للدموع.
وحول ما جرى، يقول ياسر عم الأسير عمران إن جيش الاحتلال طوَّق المنزل من كل النواحي وشرع بإطلاق النار تجاه المنزل الذي كان به ابن أخوه وزوجته وأطفاله الثلاثة رافضا كل المحاولات التي تقدمت بها العائلة للضغط عليه لتسليم نفسه “بل أحضر جرافة ضخمة وأخذ يهدم أجزاء من المنزل”.
ووسط هذا كله وبعد نحو 3 ساعات من الاشتباك والمناورة “ونفاد الذخيرة” -كما يقول عمه ياسر- استجاب عمران لضغوط عمه ووالدته التي استنفدت كل طاقتها لإقناعه، وكان يرفض، وسلَّم نفسه “وكان مصابا بشظايا” وبعد اعتقاله اقتحم الجنود المنزل وفتشوه بشكل كامل، قبل أن يحضروا عمران ثانية ويدخلوه معهم للمنزل ويفتشوه مرة أخرى.
حدث قبل 20 عاما
وعلى وقع الرصاص والاشتباك عاشت المنطقة الشرقية لنابلس لا سيما قرية دير الحطب التي ينحدر منها الأسير عمران ذكرى اشتباك مسلح خاضه الشهيد حامد عزات عمران (40 عاما) وهو عم هذا الأسير عام 2002 مع جنود الاحتلال عند الشارع الالتفافي الذي يصل مستوطنة “ألون موريه” الجاثمة على أراضي القرية والقرى المجاورة.
ولفترة من الزمن، استمر اشتباك الشهيد حامد قبل أن ينال الشهادة، ثم يعاود نور الدين عمران شقيق الأسير ويشتبك بالحجارة مع جيش الاحتلال وهو ابن 12 عاما في شارع القدس بمدينة نابلس ويستشهد عام 2003، ومن قبل عمه وشقيقه وكذلك والده أحمد عزات عمران ينالها عام 1989 في مسقط رأسه دير الحطب.
المطارد المختفي.. والمشتبك الشرس وابن “العرين”
وقبل هذا الاشتباك لم يكن أحد ليعلم أن عمران أكبر أشقائه وخريج هندسة الديكور عام 2011 وتاجر المركبات (عمله الآونة الأخيرة) “مطلوب للاحتلال” بل كان “ظاهرا للناس جهارا نهارا، ولم يكن أحد يعرف عنه شيء” يقول عمه.
وقبل أن يخرج إعلام الاحتلال وبعد انتهاء “عيد الغفران” ليتهمه بأنه ناشط بحركة المقاومة الاسلامية (حماس) ويقول إن عمران “مشتبه به بإطلاق النار على مركبة وحافلة للمستوطنين قرب قريته قبل أيام” أعلنت “عرين الأسود” المقاوِمة أنه أحد أبنائها.
وشهدت له في بيان لها -وصل الجزيرة نت نسخة منه- أنه كان “المطارد المشتبك” وخير وأشرس الرجال “الذي قاتل لآخر الرصاص” وأنه لم يسلم نفسه إلا مكرها وبعد نفاد الذخيرة وحفظا لعائلته “فخرجت مرفوع الرأس مؤمنا بقضاء الله وقدره”.
وعام 2004 كان أول اعتقال لعمران من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وحكم بالسجن عامين، ثم اعتقل بعدها 3 مرات كان أبرزها عام 2015 حيث قضى عامين ونصف العام، بينما تجاوزت اعتقالاته واستدعاءاته عند الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي بدا ممتعضا من سلوكها في ملاحقته وغيره في رسائله الصوتية قبل اعتقاله اليوم، 6 مرات.
وما إن انتهى الاشتباك وانسحب جيش الاحتلال خرجت عائلة عمران تبحث عن تفاصيل الاشتباك، وتعيد المشهد وترويه للناس والصحفيين الذين توافدوا من كل مكان، بينما هتف الجماهير المحيطة بالمنزل “يا أبو أحمد يا بطل يا قاهر المعتقل” وهو كذلك فعلا “قاهر وعنيد” كما يقول أحد رفاقه بالسجن.