بعد أن قضى 8 سنوات في معتقلات الاحتلال.. محكوم بالسجن 15 عاما أخرى في الأردن بتهمة “دعم المقاومة”
على أحرّ من الجمر انتظرت السبعينية سميرة سمارة الإفراج عن ابنها مناف جبارة (36 عاما) من سجون الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن قضى 8 سنوات في الأسر، لكن فرحتها لم تكتمل بعد حرمان مناف من العودة للأردن، لأنه سيجري اعتقاله وسجنه 15 عاما في حال عودته.
تقول الحاجة سميرة سمارة (أم منهل) “فرحتي لم تكتمل بالإفراج عن مناف”، وتضيف للجزيرة نت أن “محكمة أمن الدولة حكمت على مناف بالسجن 15 عاما بعد اتهامه بدعم المقاومة والتواصل مع حركة حماس قبل عدة سنوات، وابني مهدد الآن في حال دخوله الأردن بالاعتقال والسجن مرة ثانية”.
وكانت محكمة أمن الدولة العسكرية الأردنية قضت في يوليو/تموز 2015 بسجن 10 متهمين بقضية دعم المقاومة الفلسطينية بعد إدانتهم بالاتصال مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، من بينهم الأسيران الأردنيان مناف جبارة وعبد الله الزيتاوي، وحكم على كل منهما بالسجن 15 عاما غيابيا، نظرا لوجودهما في السجون الإسرائيلية خلال المحاكمات.
رحلة شاقة لزيارة مدتها 45 دقيقة
حافظت الحاجة أم منهل (70 عاما) على زيارة ابنها مناف في سجون الاحتلال الإسرائيلي طوال فترة اعتقاله، “كنت أتنقل 48 ساعة لأزور مناف 45 دقيقة، أسافر من الأردن لمدينة طولكرم، وفي اليوم الثاني أخرج قبل صلاة الفجر في رحلة تستمر 10 ساعات ذهابا وإيابا لسجن إيشل بمدينة النقب جنوبي فلسطين”.
وإضافة لمرارة الرحلة وصعوبتها على سيدة في عمرها، تمنع قوات الاحتلال الإسرائيلي أهالي الأسرى من احتضانهم أو الجلوس معهم، إذ تتم الزيارة من خلف حواجز زجاجية وعبر الهاتف، وتحت مراقبة مشددة للأسرى، ويتم تفتيش الأهالي بطريقة “يتعمد فيها جنود الاحتلال إهانة عائلات الأسرى”، على حد قولها.
وبعد عودتها لعمّان من زيارة ابنها مناف بمدينة طولكرم والاحتفال بالإفراج عنه، تعتزم أم منهل “السير بإجراءات إعادة محاكمته أمام محكمة أمن الدولة، والسير بإجراءات التقاضي علّنا نحصل على عفو عن هذه الأحكام”، حسب قولها.
وبالإفراج عن الأسير مناف جبارة من السجون الإسرائيلية، يتبقى هناك 17 أسيرا ممن يحملون الجنسية الأردنية، منهم 8 أسرى محكوم عليهم بالمؤبد، وأمضى 10 من الأسرى في السجون أكثر من 18 عاما، وهناك 34 مفقودا، بحسب لجنة الأسرى والمفقودين.
تضييق وإهمال طبي
وكفرحة أم منهل الناقصة، يصف الأسير الأردني المحرر من سجون الاحتلال مناف جبارة فرحته بـ”الناقصة”، وذلك لـ”تركه آلاف الأسرى الفلسطينيين والأردنيين في سجون الاحتلال”، ويتعرض الأسرى لتعذيب نفسي وجسدي ومضايقات وحملات تفتيش يومية وتفقدية مزعجة، وإهمال علاج المرضى والجرحى، وانعدام لجودة الطعام المقدم للأسرى، كما يقول جبارة.
ويضيف، أن أوضاع الأسرى خاصة أصحاب المحكوميات العالية زادت صعوبة وشدة بعد حادثة “ليلة القمعة” عام 2019، بعدما هاجم الأسير إسلام وشاحي ضابطا إسرائيليا بسجن النقب وأصابه إصابة خطيرة، وعلى إثرها قررت مصلحة السجون مزيدا من التضييق على الأسرى.
مشاهد من الافراج عن الأسير الأردني المحرر مناف جبارة في قرية كفر لبّد من سجن النقب
يذكر أن الأسير المحرر جبارة محكوم غيابيا ١٥ سنة لدى محكمة أمن الدولة في الأردن بتهمة دعم المقاومة pic.twitter.com/KGqDYifc96
— خالد الجهني (@KhaledEljuhani) September 11, 2022
وبخصوص الحكم الصادر بحقه في الأردن، يقول جبارة إن “دعم المقاومة فخر ووسام شرف وليس تهمة”، نافيا مشاركته في أي “أعمال تعرض أمن وسلامة المجتمع الأردني للخطر، أو تصنيع مواد متفجرة، أو الإخلال بالنظام العام”، بحسب التهم الموجهة له من قبل محكمة أمن الدولة.
وسيلتقي جبارة بمحامين لمعرفة الطرق القانونية لـ”إعادة مقاضاته أمام محكمة أمن الدولة الأردنية، وإعادة النظر في القضية برمتها”، وسيبقى مقيما في الضفة الغربية لحين الإيجاد حل سياسي أو قضائي لهذه القضية، مناشدا ملك الأردن عبد الله الثاني إصدار عفو ملكي في قضيته.
ويحمل الأسير مناف جبارة الجنسية الأردنية، وكان اعتقل عام 2014 خلال زيارة لعائلته بالضفة الغربية بتهمة الانتماء لحركة حماس، وصدر بحقه حكم بالسجن 8 سنوات وغرامة مالية، وبعد قضاء محكوميته خرج الأسبوع الماضي من السجن.
حل سياسي للقضية
يقول محامي الدفاع عن المتهمين بقضية “دعم المقاومة” مصطفى نصر الله إنه بمجرد دخول جبارة للحدود الأردنية فـ”سيتم اعتقاله وتحويله للمدعي العام لدائرة المخابرات أو محكمة أمن الدولة تمهيدا لتنفيذ مدة الحكم الصادرة بحقه”.
ونظرا لأنه محكوم غيابيا بالسجن 15 عاما، -يضيف نصر الله- فإن الإجراءات القانونية تسمح له بالاعتراض على الحكم، وإعادة فتح ملف القضية والسير بإجراءات التقاضي من جديد، ويبقى موقوفا على ذمة القضية لنحو 6 أشهر، وإذا تمت إدانته من قبل القضاء فسيصدر قرار بسجنه من 3 إلى 5 سنوات أسوة بالأحكام الصادرة بحق زملائه.
ويشير نصر الله إلى أنه “نصح جبارة بعدم الرجوع للأردن، لأن الحل القضائي ليس الوحيد، فهناك حل سياسي يمكن التوصل له مع صُنّاع القرار الأردني، خاصة وأن المتهم قد حوكم لدى الكيان الإسرائيلي وبالتهمة ذاتها، ويمكن تبرير ذلك من خلال عدم ممارسته فعلا مجرّما على الأراضي الأردنية، ولم يقم بأي أعمال تخل بالنظام العام في الأردن، وفق نص لائحة الاتهام.