الإحلال التهويدي.. ما هي المعالم التي اقتطعها الاحتلال من المسجد الأقصى؟
منذ احتلال مدينة القدس عام 1967، يواجه المسجد الأقصى المبارك مشروعًا إحلاليًّا تهويديًّا دينيًّا يسعى بالوسائل الممكنة كافة لتغيير هويته الإسلامية، وبسط سيطرة الاحتلال عليه، من خلال العديد من الانتهاكات والتعديات؛ في محاولة لإيجاد رواية تؤيد وجود تاريخ لليهود في المدينة المقدسة.
ومن هذه الوسائل سياسة القضم البطيء لمعالم المسجد الأقصى المبارك؛ إذ تمكن الاحتلال من السيطرة الكاملة على بعضها، ويحاول الاستيلاء على أخرى بدعاوى واهية.
الأقصى جوهر الصراع
وأكد الباحث المختص في شؤون القدس والمسجد الأقصى، جمال عمرو أن سلطات الاحتلال عملت منذ اليوم الأول لاحتلال الشطر الشرقي من مدينة القدس على تهويد المدينة المقدسة، ولاسيما المسجد الأقصى الذي يعدّ جوهر الصراع، مشددًا على خطورة سياسات التهويد التي تتبعها سلطات الاحتلال تجاه المسجد.
وأضاف: يوجد أكثر من 60 حفرية في محيط الأقصى، كما تم افتتاح 101 كنيس حول المسجد، وهم الآن في طريقهم لافتتاح الكنيس رقم 102، وكل هذه الكُنُس لم تكن موجودة، وإنما هي عقارات إسلامية حوّلت لكُنُس، وبعضها جزء من المسجد الأقصى.
أبرز المعالم المقتطعة
يقول عمرو: استخدم الاحتلال سياسة القضم البطيء لمعالم المسجد الأقصى المبارك، فسيطر على بعضها، ويحاول الاستيلاء على الباقي، والمعالم التي سيطر عليها هي:
المدرسة التنكزية:
في حزيران/ يونيو عام 1969 وضعت سلطات الاحتلال يدها على المدرسة؛ لكونها تقع في موقع حيوي وحساس يطل على حائط البراق ويشرف على ساحات الأقصى، وحولت جزءًا منها لمقر لما يسمى “شرطة حرس الحدود” لمراقبة المسجد والمصلين في داخله، وحولت الجزء الآخر لكنيس يقيمون فيه صلواتهم وطقوسهم التوراتية علنًا.
وتعد المدرسة التنكزية إحدى أعرق وأجمل المدارس التاريخية داخل المسجد الأقصى المبارك، بناها الأمير سيف الدين تنكز الناصري نائب الشام 729هـ/ 1328م بالقرب من باب السلسلة، وتطل واجهتها الجنوبية على ساحة البراق، ووفق مخطط البناء، فقد كان لها قاعة، وفيها محراب، ويوجد سبيل في المركز وبركة ماء، كما يوضح الباحث في تاريخ فلسطين المعاصر، عوني فارس، لمراسلنا.
خلوة جان بولاد (الخلوة الجنبلاطية) وخلوة أرسلان باشا (أوضة أرسلان باشا):
يقول الدكتور جمال عمرو: إنّ سلطات الاحتلال تستخدم الخلوتين المتجاورتين شمال صحن قبة الصخرة المشرفة كمغفر يحتوي على مكتب قائد شرطة الاحتلال في الأقصى، وقاعة اجتماعات، وغرفة استراحة، ومخزن يحتوى جميع أنواع المعدات العسكرية وأدوات التجسس والمراقبة.
من جانبه يوضح فارس أن الخلوة الجنبلاطية تقع في الجانب الشمالي الغربي من سطح قبة الصخرة، بين خلوة قيطاس بك وأوضة أرسلان باشا، أنشأها الأمير جان بولاد، وكلَّف بناؤها 18 قطعة ذهبية، ورمَّمها الأمير أحمد رضوان سنة 1010هـ/1601م. وكان فيها جماعة من الأكراد المجاورين للأقصى بداية القرن السابع عشر الميلادي.
أما خلوة أرسلان باشا فتقع في الجانب الشمالي من سطح الصخرة بين حجرة محمد آغا في الشرق، والخلوة الجنبلاطية إلى الغرب، وطرازها شبيه بالخلوات التي بنيت أوائل القرن 11هـ/ 17م. وقد رمَّمها أرسلان باشا حاكم القدس سنة 1109هـ/1697م.
أقيم أول مخفر في هاتين الخلوتين في عهد الاحتلال البريطاني بهدف إحباط الثورة الفلسطينية الكبرى، وظلت على ذات الحال في فترة الحكم الأردني، وعند الاحتلال الإسرائيلي للقدس زعم أن المخفر هو الستاتيكو (الوضع القائم)، فاستولى على الخلوتين، واستخدمهما مقرًّا للشرطة.
باب المغاربة:
آخر الأبواب الغربية للمسجد الأقصى، يحده من الجنوب الزاوية الفخرية، ويفضي إلى حارة المغاربة التي هدمها الاحتلال عام 1967، بني بعد فتح صلاح الدين الأيوبي للقدس ليستخدمه المغاربة الذين يسكنون بجواره في الدخول للمسجد الأقصى، وأعيد بناؤه زمن السلطان المملوكي محمد بن قلاوون سنة 713هـ/ 1313م.
يؤكد الباحث المقدسي جمال عمرو أن الاحتلال استولى على مفاتيح الباب منذ احتلال المدينة عام 1967، ليسيطر عليه من الداخل والخارج، بعدما هدم حارة المغاربة، وحي الشرف، وحطم كل الآثار الإسلامية فيها.
ويشكل باب المغاربة الخاصرة الأضعف للمسجد الأقصى، حيث يفتحه الاحتلال ويغلقه متى شاء، ويسمح لجنود الاحتلال باقتحام المسجد متى أرادوا مدججين بعتادهم العسكري لقمع المصلين، كما يستخدمه لاقتحامات المتطرفين وإدخال السياح للمسجد.
وشدد على أن لباب المغاربة مكانة خاصة عند المسلمين؛ لأنه مجاور لحائط البراق، الذي يعد جزءًا خالصًا من المسجد الأقصى المبارك.
حائط البراق
يوضح فارس، أنَّ حائط البراق جزء من الحائط الغربي للمسجد الأقصى المبارك، يبلغ طوله 48 مترًا، وارتفاعه 17 مترًا، وهو يفصل حارة المغاربة عن المسجد الأقصى، سمي بهذا الاسم نسبة إلى براق النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي ربطه به ليلة أعرج به إلى السماء، كان أمامه قبل عام 1967 رصيف صغير يبلغ عرضه 3.35 مترًا، وطوله 30 مترًا، والساحة التي تقابله من الغرب وقف إسلامي يدعى وقف أبو مدين الغوث، وفيها بيوت سكنية للمغاربة المسلمين.
ويعد اليهود الحائطَ الجزء المتبقي من هيكل سليمان، ويُعرف عندهم بالحائط الغربي (كوتال مارفي)، وعند المسيحيين الغربيين بحائط المبكى، وهدم الصهاينة فور احتلالهم للبلدة القديمة للقدس في حزيران عام 1967 حارة المغاربة لتوسيع الحائط وإبرازه معلمًا دينيًّا وقوميًّا يهوديًّا.
من جانبه، ذكّر الباحث جمال عمرو بقرار عصبة الأمم الصادر عام 1931 في الكتاب الأبيض الذي أكد أن حائط البراق جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى، وهو للمسلمين وحدهم، ولا يجوز لليهود الاقتراب منه أو المساس به، لكن الاحتلال سلب الحائط، وسلب القصور الأموية التي تعد امتدادا للمسجد الأقصى من الناحية الجنوبية والغربية.
جدران المسجد الأقصى من الخارج
يؤكد عمرو أن الاحتلال يسيطر على جميع جدران المسجد الأقصى وبواباته من الخارج، ولكن بنسب متفاوتة وأساليب مختلفة.
ففور احتلال القدس كاملة عام 1967 سيطر الاحتلال على الجدار الغربي للمسجد الممتد بين باب المغاربة جنوبًا والمدرسة التنكزية شمالًا، وحائط البراق الصغير الممتد من باب الحديد إلى باب المجلس، بالإضافة للجدار الجنوبي على طوله الذي يدخله المسلمون بعد دفع تذكرة لمصلحة مركز ديفيدسون التهويدي.
الرواقان الشمالي والغربي
يقول الدكتور جمال عمرو: نصبت سلطات الاحتلال كاميرات مراقبة، وسياجًا إلكترونيًّا، ونقاط تفتيش فوق الرواقين، وتمنع أي تحرك فوقها، وتمنع الشرطة المصلين والحراس والسكان المجاورين من الصعود إليهما.
كما حفرت الأنفاق تحت الرواقين، وبعضها يؤدي إلى المسجد الأقصى مباشرة، وبعضها يسير تحت الجدار الغربي للأقصى، وأحد هذه الأنفاق يطلق عليه اسم (الحشمونائيم) نسبة إلى طائفة يهودية عاشت في القدس لبعض الوقت، وداخل هذا النفق يوجد محطات عبارة عن كنس يهودية.
باب الرحمة
يؤكد عمرو أن سلطات الاحتلال أقامت نقطة عسكرية فوق باب الرحمة الواقع في السور الشرقي للمسجد الأقصى، الذي يفصل بينه وبين مقبرة باب الرحمة، وأحيانًا يطرد حراس المسجد من باب الرحمة، الذي بات يشكل نقطة ضعف؛ لأن الاحتلال يسيطر عليه من الداخل لتأمين اقتحامات المتطرفين للمسجد.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام