غاز غزة.. “معركة مفتوحة” بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال
مع تزايد الصراع العالمي على مختلف مصادر الطاقة، خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية، تسعى جميع الأطراف إلى الحفاظ وبالقوة، على ما لديها من مصادر طاقة، حتى وإن لم يكن بمقدور أصحابها استخراجها والانتفاع بها في الوقت الحاضر.
فلسطين المحتلة التي تحتوي مياهها الإقليمية على ثروات كبيرة من الغاز الطبيعي، يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى نهبها والاستفادة منها بأعلى درجة ممكنة، وفي أقل فترة زمنية، في حين أنه حتى الآن، فإن أصحاب الأرض لا يمكن لهم الاستفادة من تلك الثروات الطبيعة.
وحذرت الفصائل، الاحتلال الإسرائيلي، من الاستمرار في نهب الثروات الطبيعة الفلسطينية، وفي مقدمتها الغاز، مشددة على أن المقاومة الفلسطينية ستحمي حق الشعب الفلسطيني في غاز غزة بـ”النار والبارود”.
غاز غزة حق للشعب الفلسطيني
وعن موقف ورسائل المقاومة، شدد عضو المكتب السياسي لـ”حماس”، سهيل الهندي، أن “الغاز قبالة شواطئ القطاع، هو حق للشعب الفلسطيني، وهذه الثروة هي أمانة كبيرة في أعناق المقاومة الفلسطينية”.
وذكر، أن “هناك رسائل مهمة للاحتلال، بأن هذه هي خيرات يملكها الشعب الفلسطيني”، منوها إلى أن “لدى المقاومة والفصائل الفلسطيني رؤية حول آليات الاستفادة من هذه الثروات، وقادم الأيام ستتضح هذه الرؤية حول غاز غزة، أما أن نترك الاحتلال يتمتع بثرواتنا في حين أن شعبنا يعاني، فهذا مرفوض جملة وتفصيلا”.
وأكد الهندي، أن “الأمور بلا شك صعبة جدا والتحديات كبيرة، وهذا الموضوع يحتاج إلى جهد كبير جدا ودماء كثيرة، ونحن سنحمي خيرات شعبنا بكل ما أوتينا من قوة”.
ومن رسائل المقاومة التي تزامنت مع مؤتمر الفصائل، أوضح القيادي الفلسطيني، أن تحليق مسيّرة فلسطينية الصنع بالتزامن مع فعالية شعبية رمزية تضمنت حركة قوارب في بحر غزة، هي “رسالة للاحتلال؛ أنه في حال تجاوز الخطوط الحمر وحقوق شعبنا، فإن المقاومة على استعداد أن ترد للاحتلال الصاع صاعين، وأنها ستحمي شعبنا وممتلكاته في حال حاول العدو النيل منها”.
وعن الحديث في استخراج غاز غزة مع دول وأطراف خارجية مثل؛ قطر ومصر، وغيرهما؛ قال: “هذا موضوع قديم حديث، وتم الحديث فيه سابقا، ونتحدث فيه اليوم وغدا، وسنستمر فيه”، مضيفا: “على العدو الذي يسيطر على خيراتنا أن يفهم، أن غاز غزة لغزة، وهذا حق شعبنا وسنحصل عليه، طال الزمن أو قصر”.
التوافق الفلسطيني هو الحل
من جانبه، نبّه أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، مخيمر أبو سعدة، أنه “لا توجد إشكالية مع إسرائيل بشأن حقل الغاز قبالة شواطئ غزة؛ لأنه ضمن المياه الإقليمية للقطاع، وحماس (التي تدير القطاع) المصنفة عند الاحتلال وبعض دول العالم أنها منظمة إرهابية، لم يسمح لها باستخراج الغاز من حقل غزة، لأن الاتفاقية مع السلطة، من أجل استخراج الغاز والاستفادة منه، والسلطة غير موجودة في القطاع”.
وذكر أن “المشكلة مع غزة ليست حدودية كما مع لبنان، وإنما؛ من يستفيد من هذا الغاز. فحماس غير معترف بحكمها والسلطة غير موجودة بغزة، إضافة إلى تهم الفساد التي تلاحق السلطة على مدار سنوات عديدة”.
ورأى أبو سعدة، أن “موضع غاز غزة بحاجة إلى أطراف عدة، وهو يحتاج إلى توافق بين السلطة وحماس من خلال مصر، كي يتم الاستفادة الغاز المتوفر قبالة شواطئ القطاع”.
وعن الرسالة التي تحملها طائرة بلا طيار انتحارية من نوع “شهاب”؛ التي أطلقتها المقاومة وحلقت في سماء القطاع خلال مؤتمر الفصائل، قال: “هذه إشارة تحذير لكل الأطراف (خارجية وداخلية) وخاصة لإسرائيل؛ أنه لن يسمح لها باستخراج الغاز من هذا المكان”.
وأضاف: “قد تكون أيضا رسالة تحذير للسلطة الفلسطينية، التي تحاول توقيع اتفاق مع تل أبيب لاستخراج الغاز من خلال شركة دولية لصالح السلطة”.
وقطاع غزة المحاصر من الاحتلال الإسرائيلي منذ 16 عاما على التوالي، لا يمكنه استخراج الغاز الذي اكتشف قبالة سواحله منذ زمن.
ورغم الواقع المعقد الذي يمر به القطاع، بين انقسام فلسطيني وحصار خارجي وتفاقم الفقر وانتشار البطالة وتردي الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، إلا أن فصائل المقاومة لم تغفل عن تذكير العالم، وخاصة الاحتلال والسلطة الفلسطينية، بأن غاز غزة هو ملك للشعب الفلسطيني وحق له.
الثلاثاء الماضي، أعلنت الفصائل الفلسطينية في مؤتمر شعبي عقد في ميناء غزة عن تدشين ممر مائي لكسر الحصار عن غزة، مشددة على حق الفلسطينيين في الغاز المكتشف قبالة سواحل القطاع.
وخلال هذه الفعالية، ثبتت لوحدة جدارية على أرض الميناء كتب عليها باللغتين العربية والإنجليزية شعار “غازنا حقنا.. OUR GAZ IS OUR RIGHT”، وبالتزامن مع ذلك، أطلقت المقاومة الفلسطينية طائرة مسيّرة انتحارية من نوع “شهاب” حلقت في سماء الميناء.
ولفت أستاذ العلوم السياسية، إلى أنه “لا أحد سيسمح لحركة حماس بأن تستخرج غاز غزة، ولكن في ظل ما يعانيه القطاع، الأمر يحتاج إلى طرف محايد؛ لا السلطة ولا حماس”، مرجحا أن “الحال سيبقى على ما هو عليه بدون حل، وخاصة في الوقت الحالي”.
ولأجل الاستفادة فلسطينيا من هذه الثروة، خاصة في ظل غياب المصالحة الفلسطينية الداخلية، نصح أبو سعدة أن يكون هناك “على الأقل تنسيق بين السلطة وحماس من أجل إدارة هذا الملف، وضمان ذهاب هذه الأموال لصالح الشعب الفلسطيني، وبدرجة أساسية لصالح الفقراء والمعذبين في القطاع”.
مذكرة تفاهم مع مصر
جدير بالذكر، أن مصر والسلطة وقعتا بتاريخ 21 شباط/ فبراير 2021، على مذكرة تفاهم بشأن تطوير حقل الغاز الطبيعي قبالة ساحل قطاع غزة، وفق ما نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا” في ذلك الوقت.
وتم التوقع على مذكر التفاهم على هامش زيارة وزير البترول المصري، طارق الملّا، إلى رام الله والاحتلال، حيث التقى مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين.
وتم التوقيع ما بين الأطراف الشريكة في حقل “غاز غزة” متمثلة في “صندوق الاستثمار الفلسطيني” والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس”، و”شركة اتحاد المقاولين (CCC)”، على مذكرة التفاهم التي بحسب ما كشف منها فقط، أنها تقضي بالتعاون من أجل “تطوير حقل غاز غزة والبنية التحتية اللازمة، بما يوفّر احتياجات فلسطين من الغاز الطبيعي، ويعزز التعاون بين البلدين الشقيقين، وإمكانية تصدير جزء من الغاز لمصر”.
ودفعت سرية وغموض تلك الاتفاقية بين السلطة ومصر، في حينه القيادي البارز في “حماس” موسى أبو مرزوق إلى نشر تغريدة له على “توتير”، قال فيها: “يجب أن تكون غزة حاضرة في أي تفاهمات حول حقول غاز شواطئها”، مطالبا بـ”معرفة تفاصيل الاتفاقية التي تم توقيعها مع هيئة الاستثمار”.
وردا على مطالبة أبو مرزوق، كتب وزير الشؤون المدنية لدى السلطة حسين الشيخ، في تغريدة لـ: “الاتفاقيات تتم بين دول، وفلسطين عضو في منتدى غاز المتوسط، الاتفاقيات توقع مع دول وليس مع فصائل وتنظيمات”.