هل تحقق المعارضة التركية أغلبية برلمانية في انتخابات 2023؟
تثار التساؤلات حول المشهد الانتخابي المتعلق بالبرلمان التركي في انتخابات 2023 بتركيا، وتأثير التعديلات في قانون الانتخابات التي أقرها البرلمان في نيسان/ أبريل الماضي.
ومع قرب الانتخابات التي ستجرى بعد تسعة أشهر، تجري شركات المسح ما بين الفينة والأخرى استطلاعات رأي تتعلق بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
التعديلات الانتخابية التي تدخل حيز التنفيذ في آذار/ مارس المقبل خفضت الحد الأدنى المطلوب من الأصوات لدخول الحزب السياسي للمجلس البرلماني إلى 7 بالمئة بدلا من 10 بالمئة.
والعتبة الانتخابية، تمنع أي حزب يحصل على أقل من 7 بالمئة على مستوى البلاد من شغل مقعد في البرلمان، حتى لو جاء أولا في دائرة انتخابية معينة.
وينص أيضا على ضرورة أن يكون الحزب السياسي الراغب في المشاركة بالانتخابات قد عقد لمرتين متتاليتين مؤتمراته الكبرى في الولايات والأقضية.
ويتضمن القرار، تعديلا بمنع انتقال النواب من حزب إلى آخر من أجل تسهيلات الدخول في الانتخابات.
وفي انتخابات عام 2018، انتقل 15 نائبا من حزب الشعب الجمهوري إلى حزب الجيد لتمكينه من دخول الانتخابات، حيث كان قانون الانتخابات يشترط تشكيل كتلة نيابية للحزب داخل البرلمان مؤلفة من 20 نائبا، ليتاح له خوض الانتخابات المقبلة.
وفي القانون السابق، كانت الأحزاب المتحالفة تتمكن من تجاوز العتبة الانتخابية في عموم تركيا من خلال التحالف، ولكن في التعديل الأخير يتم الحصول على مقاعد برلمانية عن طريق أصواتهم الانتخابية أي إنهم لن يستفيدوا من الأصوات الزائدة، وبالتالي فإنه لن يتم تمثيل الأحزاب في البرلمان عبر الأصوات الفائضة.
وسيتم احتساب كامل أصوات التحالف عند تجاوز العتبة الانتخابية، ولكن توزيع المقاعد البرلمانية سيتم حسب عدد الأصوات التي حصل عليها كل حزب على حدة. وعليه فإنه في حال دخلت الأحزاب الصغيرة ضمن “تحالف الشعب” المعارض فإنها ستتمكن من تجاوز العتبة الانتخابية الـ7 بالمئة، ولكن عدد النواب سيتم تحديده وفق الأصوات التي حصلوا عليها في الولاية، وهذا يعني أن زعماءها يتطلب منهم خوض الانتخابات ضمن قوائم الأحزاب الكبيرة للمعارضة لضمان دخول البرلمان.
وهذا يعني أن تشكيل التحالفات للانتخابات البرلمانية، سيكون لها هدف واحد فقط، وهو أن الأحزاب الصغيرة تتجاوز عتبة الـ7 بالمئة، وعليه فلن تجني الأحزاب الكبيرة أي فائدة من التحالفات.
وفي نيسان/ أبريل الماضي، نشرت الجريدة الرسمية قرارا متعلقا بتوزيع المقاعد وعدد النواب في البرلمان التركي وفقا لأحدث إحصائية لتوزيع نسبة السكان بالبلاد.
ويقسم القرار أنقرة وإسطنبول إلى ثلاث دوائر لأن كل دائرة يتجاوز عدد نوابها 18 نائبا، أما بورصة وإزمير ستقسم إلى دائرتين، وبقية الولايات دائرة واحدة.
وتبلغ حصة إسطنبول من النواب 98 نائبا، أما أنقرة 36 نائبا، وإزمير 28 نائبا، وبورصة 20 نائبا، وأنطاليا 17 نائبا، وأضنة 15 نائبا، وقونيا 15 نائبا، أما باقي الولايات تتراوح ما بين 1- 14 نائبا.
وزادت حصة منطقة البحر الأسود والتي تعتبر معاقل حزب العدالة والتنمية مقعدا واحدا لترتفع إلى 67 نائبا، تسعة منهم في ولاية سامسون.
الكاتب التركي محرم ساريكايا في تقرير على صحيفة “خبر ترك”، ذكر أن استطلاعات الرأي تعطي انطباعا بأن “المعارضة ستفوز بالأغلبية بالبرلمان، لكن في الانتخابات الرئاسية تعتمد على شخصية مرشحها”.
ولفت إلى أن الإشكالية التي تقع بها شركات المسح، أنها تجري استطلاعات رأي تعتمد على نموذج التحالف السابق والمطبق في الانتخابات الأخيرة، دون مراعاة التعديلات الانتخابية التي أجريت مؤخرا، وعليه فإن الانتخابات المقبلة لن يتم جمع الأصوات فيها بسلة التحالفات، حيث سيتم احتساب أصوات كل حزب لوحده.
وأكد أن الفائدة الوحيدة التي قد تجنيها الأحزاب من التحالفات، هي تجاوز عتبة الـ7 بالمئة، ودون ذلك لا يوجد أي فوائد قد تجنيها.
ومن غير الممكن أن يفيد هذا النظام المعارضة كما حدث في الانتخابات الماضية ما لم يتم خوض الانتخابات تحت سقف أحد الأحزاب. وهذا النظام لا يفيد إذا لم يطبق النموذج الذي طبقه حزبا العدالة والتنمية، والحركة القومية في الانتخابات الماضية، والذي يعتمد على خوض الانتخابات بهويتها الخاصة من جهة، والاتفاق على القوائم خارج 41 منطقة. إذا أن التحالف بين الأحزاب لا يفيد إلا عبر تطبيق هذا النموذج وما عدا ذلك لا معنى له.
ونوه إلى أن نظام التحالفات وفقا للنظام السابق كما كان قبل عام 2018، يمنح الأحزاب التي تحصل على أصوات عالية فرصة الحصول على أعلى عدد من النواب يفوق عدد أصواتها.
وتطرق الكاتب ساريكايا، إلى ما جرى في انتخابات عام 1957، حيث تحالف أحزاب “الشعب الجمهوري” و”الجمهوري الشعبي” و”الحرية” تحالفا ثلاثيا للإطاحة بحكومة الحزب الديمقراطي، لكن التعديلات التي أدخلتها الحكومة بذلك الوقت أفشلت تلك الجهود وفككت التحالف.
وحاليا، لا يتردد شخصيات في “الطاولة السداسية” في التأكيد على أن التحالف أصبح لا معنى له اليوم، وهناك أحزاب أعلنت أنها ستدخل الانتخابات بمفردها.
ويرى البعض أنه إذا دخل كل حزب في الانتخابات بقائمته الخاصة، فلن يكون لدى المعارضة أي فرصة للحصول على الأغلبية في البرلمان، ووفقا لاستطلاعات الرأي سواء للشركات المقربة من الحكومة أو المعارضة فإنها تعطي انطباعا أن حزب العدالة والتنمية هو الحزب الأول في العديد من المقاطعات.
وأشار الكاتب إلى أنه وفي الحديث عن المنطقة الممتدة من كوجالي إلى قارس لا سيما مناطق البحر الأسود، بالإضافة إلى مقاطعة أغري، فإن حزب “العدالة والتنمية” يحتفظ بالمركز الأول هناك.
والحال ذاته باستثناء إزمير و”فان” في نطاق المنطقة الممتدة من “تونجالي” وبعض المقاطعات في جنوب شرق الأناضول، وكذلك في المنطقة الممتدة من “موغلا” إلى “هكاري” باستثناء بعض المناطق، فإن “العدالة والتنمية” يحتفظ بالمركز الأول.
وطريقة “هوندت” في حساب نتائج الانتخابات البرلمانية والذي تم تطبيقه منذ عام 1960 باستثناء انتخابين، يعطي الفرصة للحزب الأول بالحصول على المزيد من النواب.
وبدون تحالف القائمة الواحدة، حيث يمكن عد أصوات الأطراف المتعاونة معا، فإن إجمالي النواب الذين ستخرجهم الأحزاب في المركز الثاني أو الثالث بسبب طريقة “هوندنت” ليس لديهم فرصة لتجاوز الحزب الأول.
ونوه الكاتب إلى أنه وفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، فإن الخطر الأكبر في البرلمان القادم هو أن إجمالي أي تحالف أو ائتلاف لا يمكن أن يتجاوز الأغلبية المطلقة بأكثر من 300 نائب، كما أن الحزب الثالث فيه سيلعب دورا حاسما.