لقاء أمني إسرائيلي فلسطيني لتخفيف التصعيد في الضفة الغربية
يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تصعيد اقتحاماته وعمليات الاغتيال في الضفة الغربية المحتلة، حيث سقط صباح اليوم الأربعاء شهيدان فلسطينيان عند حاجز الجلمة شمالي الضفة الغربية، فيما قُتل ضابط إسرائيلي خلال الاشتباكات معهما.
وتبذل حكومة الاحتلال جهوداً لإقحام السلطة الفلسطينية في مواجهة مع عناصر المقاومة، من خلال ضغوط غير مباشرة، ولقاءات وجهاً لوجه مع مسؤولي الأمن الفلسطيني وممثلين عن دولة الاحتلال.
فقد كشفت القناة الإسرائيلية “كان 11” الليلة الماضية، أن لقاءً رفيع المستوى جمع أخيراً بين مسؤول الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ، المسؤول أيضاً عن التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال، ومدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، ومسؤولَين أمنيَّين اثنين من إسرائيل، أحدهما من جهاز الأمن العام “الشاباك”، والآخر من جيش الاحتلال نفسه.
ووفقاً للقناة، فقد سعى ممثلا دولة الاحتلال خلال اللقاء المذكور، إلى حثّ السلطة الفلسطينية على إعادة نشاط أجهزتها الأمنية بشكل مكثف في محافظتي جنين ونابلس، بزعم أن ذلك سيمنع انهيار وتدهور الأوضاع الأمنية. وأشارت القناة إلى أن اللقاء لم يتمخض عن إحراز أي نتائج أو تقدم في هذا الصدد، “لكن الحوار والتنسيق بين الطرفين ظلّا مستمرين”.
ومقابل ادعاءات الاحتلال الإسرائيلي بأن السلطة الفلسطينية تفقد سيطرتها في شمالي الضفة الغربية، وأن أجهزتها الأمنية لا تقوم بعملها، أكد حسين الشيخ، بحسب القناة الإسرائيلية، أن السلطة الفلسطينية تعمل ميدانياً، لكن “ليس بمقدورها العمل بشكل فعال بعد كلّ المداهمات الليلية التي تنفذها قوات الاحتلال، وتعتقل وتقتل السكان. عملياتكم تضعفنا”.
ومع أن تصريحات بهذه الروح كان أطلقها حسين الشيخ الثلاثاء الماضي مع موقع والاه الإسرائيلي، إلا أن ممثلي دولة الاحتلال ادّعيا في اللقاء، بحسب التقرير الإسرائيلي المشار إليه، أن “الوضع الأمني الحالي في الضفة الغربية المحتلة ليس مقبولاً”، مشيرين إلى أن “القوات الإسرائيلية تدخل لتنفيذ اعتقالات لعناصر تهدد أمن مواطني إسرائيل”.
وكانت دولة الاحتلال الإسرائيلي أطلقت منذ شهر مارس/آذار الماضي، حملة عسكرية تحت مسمّى “كاسر الأمواج”، تقوم على اقتحامات متكررة لمدن وبلدات الضفة الغربية المحتلة، مع تركيز خاص على مدينة جنين ومحافظتها، لاغتيال واعتقال عناصر المقاومة الفلسطينية ممن ينتمون بالأساس إلى “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، مع الترويج لادعاءات بتوفر معلومات استخباراتية تنذر بأن من يتم اعتقالهم أو اغتيالهم كانوا يعتزمون تنفيذ عمليات في العمق الإسرائيلي أو ضد عناصر جيش الاحتلال.
وأبرزت وسائل الإعلام الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة على نحو خاص، ما وصفته بارتفاع عدد عمليات إطلاق النيران والاشتباك مع الجيش عند محاولاته تنفيذ اقتحامات للمدن الفلسطينية. ومع أن الاحتلال ادعى بداية أن هدف عملياته هو تثبيت الاستقرار في شمالي الضفة الغربية ولا سيما محافظة جنين، إلا أن عملياته تجاوزت ذلك، وامتدت جنوباً لتشمل مدينة نابلس وصولاً حتى رام الله والخليل، بما يوحي بوجود قائمة من العناصر والأهداف في بنك الأهداف الإسرائيلي، يسعى الاحتلال لاعتقالهم أو اغتيالهم، خلال اشتباكات مسلحة معهم، كما حدث في نابلس الشهر الماضي.
وتترافق هذه العمليات مع مواصلة أجهزة الأمن الإسرائيلية المختلفة، حثّ حكومة الاحتلال على تقديم تسهيلات مدنية واقتصادية للسلطة الفلسطينية لتعزيز مكانتها، علماً أن هذا الأمر يشكل جزءاً متكرراً في الدعاية الإسرائيلية، وفي تصريحات متواترة لوزير الأمن الحالي بني غانتس، ورئيس حكومة تصريف الأعمال يئير لبيد، لكن جهات فلسطينية رفيعة، مثل حسين الشيخ وأخرى في الجانب الإسرائيلي، ترى أن حكومة الاحتلال تمعن في إضعاف حكم وقبضة السلطة الفلسطينية، خلافاً لتصريحات أقطابها المعلنة.
وفي الأسبوع الماضي، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن مساعدة وزير الخارجية الأميركية باربرا ليف، كانت مارست ضغوطاً على السلطة الفلسطينية خلال زيارتها لرام الله وإسرائيل قبل أسبوعين، للعمل على إعادة سيطرتها على محافظتي جنين ونابلس.
وحثت ليف التي التقت حسين الشيخ وماجد فرج، الطرف الفلسطيني على القيام بذلك بدلاً من الانشغال في استصدار قرارات أممية لن تعود بالفائدة، في إشارة لمعارضة الولايات المتحدة المسعى الفلسطيني لاستصدار قرار اعتراف بعضوية فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.
وترافقت هذه الضغوط مع ضغوط إسرائيلية على السلطة الفلسطينية. لكن التقارير الإسرائيلية أشارت إلى أن المسؤولين الإسرائيليين الذين التقوا ليف، ومن بينهم منسق أعمال حكومة الاحتلال في الضفة وقطاع غزة الجنرال غسان عليان، ومستشار الأمن القومي أيال حالوتا، ومسؤولين من جهاز الشاباك والجيش، طالبوا ليف بممارسة ضغوط على المستوى السياسي في إسرائيل لتنفيذ تسهيلات مدنية واقتصادية لتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، وهو ما لا تقوم به الحكومة الحالية أيضاً، بفعل المعركة الانتخابية الإسرائيلية الحالية.