ليست مشكلتكم مع المناخ وإنما هذا بشؤم معاصيكم
الشيخ كمال خطيب
كان من عادة سلفنا الصالح رضي الله عنهم ،أنه إذا نزل بأحدهم بلاء أو اشتكى أمرًا من أمور الدنيا قد نزل به، فإنه يرد سبب ذلك البلاء إلى نفسه وإلى فعل فعله فيروح يسأل نفسه: لعلّ هذا لسبب ذنب أذنبته، أو حق من حقوق الله قصّرت فيه، لعلّي فرّطت في جنب الله، لعلّي ظلمت عبدًا من عباد الله، لعلّي انتهكت حرمة من حرمات الله، وهكذا يروح في مراجعة عميقة مع نفسه واتهام لها سعيًا للوصول إلى أسباب ما حصل والوسائل التي تذهب عنه مظاهر ذلك البلاء، فلا يكون منه إلا أن يقرع باب ربه تائبًا نادمًا ولسان حاله يردد {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} آية 23 الأعراف.
ثمّ إن صاحب الفهم السليم والضمير الحي فإنه يعلم أنه لن يصبح معصومًا لا يخطئ ولا يذنب، ولكنه كذلك يعلم أن الحسنة إذا فعلها ستأتي بحسنات غيرها، وأن المعصية إذا قارفها فإنها ستأتي بمعاصٍ أمثالها ويولد بعضها بعضًا حتى يكاد يعتادها ويدمن عليها ويعزّ عليه مفارقتها والخروج منها، كما قال أحد السلف فيما رواه ابن القيم في كتابه الرائع – الداء والدواء “إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها، وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فالعبد إذا عمل حسنة قالت أخرى إلى جنبها: أعملني أيضًا، فإذا عملها، قالت الثالثة: كذلك فيتضاعف الربح وتتزايد الحسنات، وكذلك جانب السيئات أيضًا حتى تصير المعاصي هيئات راسخة وصفات لازمة”.
ثم إن المعصية شؤم على الإنسان في حياته تصيبه بالقلق والرعب والأمراض وكل ما يعكّر صفوه وينغّص عيشه. إنها المعيشة الضنك كما سمّاها الله تعالى في محكم آياته: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} آية 124 سورة طه. إنها العيش المكدّر النكد المغمس بالهموم، رغم أنه يملك الملايين وعنده الأولاد والجاه، لكنه يشعر بالقلق والضيق يملأ صدره والخوف من المستقبل ومن زوال النعمة ومن نزول النقمة، وهذا كله بشؤم المعصية، وما أجمل ما قاله ابن عباس رضي الله عنهما: “إن للحسنة ضياءً في الوجه، ونورًا في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق. وإن للسيئة سوادًا في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنًا في البدن، ونقصًا في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق”.
شؤم المعصية
وكما أن المعصية هي شؤم على الفرد الذي يرتكبها ويمارسها، ولكنها تعود بشؤمها وينعكس شرّها على من حوله ليس فقط من الناس وإنما من سائر الكائنات كما قال أبو هريرة رضي الله عنه: “إن الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم”. – الحبارى نوع من أنواع الطيور. وقال مجاهد رضي الله عنه: “إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتد القحط وأمسك المطر وتقول: هذا بشؤم معصية ابن آدم”.
وإن شؤم المعصية يعود على الأمة لما يصمت ويسكت الناس على معصية العاصي، بل ولعلهم يجاملونه لماله وجاهه، وإذا بهم يذوقون لهيب ومرارة معصية العاصي، ولعلّهم يتساءلون عن السبب، فقد ورد في “مراسيل الحسن” عن النبي ﷺ أنه قال: “لا تزال هذه الأمة تحت يد الله وفي كنفه ما لم يُملئ -أي يجامل- قراؤها أمراءها، وما لم يزكِ صلحاؤها فجّارها، وما لم يهن خيارها أشرارها، فإذا هم فعلوا ذلك رفع الله يده عنهم، ثم سلّط عليهم جبابرتهم فساموهم سوء العذاب، ثم ضربهم الله بالفاقة والفقر”. فماذا نقول وكل ما حذر منه ﷺ قد وقع وهو ما نراه في كل يوم.
وذكر ابن أبي الدنيا عن وهب بن منبه قال: “لما أصاب داود الخطيئة قال: يا رب اغفر لي، قال: قد غفرت لك وألزمت عارها بني إسرائيل قال: يا رب، كيف وأنت الحكم العدل لا يظلم أحدًا، أنا أعمل الخطيئة وتلزم عارها غيري؟ فأوحى الله إليه، أنك لما عملت الخطيئة لم يعجّلوا عليك بالانكسار”.
نعم إن شؤم المعصية وكثرة الذنوب لينعكس على حياة الناس الاجتماعية والمالية والسياسية والأخلاقية، بل إنه ينعكس على ناموس الكون، فقد ذكر ابن أبي الدنيا حديثًا مرسلًا أن الأرض تزلزلت على عهد رسول الله ﷺ فوضع يده عليها ثم قال: “أسكني فإنه لم يئن لك بعد”. ثم التفت إلى أصحابه فقال: “إن ربكم ليستعتبكم فأعتبوه” أي أنه يعاتبكم وينبهكم إلى ذنب فعلتموه فتوبوا إليه.
ومن نفس الفهم لتأثير شؤم المعاصي على الناس وعلى الكون فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد تزلزلت الأرض بالناس على عهده فقال: “أيها الناس ما كانت هذه الزلزلة إلا على شيء أحدثتموه، والذي نفسي بيده لئن عادت لا أساكنكم فيها أبدًا”. وقال كعب رضي الله عنه: “إنما تزلزل الأرض إذا عمل فيها بالمعاصي فترعد مزقًا من الرب جل جلاله أن يطلع عليها”.
وإن شؤم المعصية بعد انتشارها في أقوام ثم لا ينكرونها، فإنه يعود عليهم بالذلّ والهوان وتسليط الظالمين، وقد نظر بعض أنبياء بني إسرائيل إلى ما يصنع بهم “بختنصر” فناجوا ربهم قائلين: “بما كسبت أيدينا سلّطت علينا من لا يعرفك ولا يرحمنا”. إنه نبوخذ نصّر ملك بابل الذي دمّر هيكلهم الأول وسباهم معه إلى بلاد بابل. وليس الأمر في تأثير شؤم المعصية بتحول حال الناس إلى الذل والهوان مقتصرًا على بني إسرائيل بل إنه يشملنا نحن المسلمين. فليس ربنا عز وجل يجامل أحدًا وهو ما أصاب المسلمين يوم أحد وقد قُتل سبعون من خيارهم فأصبحوا يتساءلون عن السبب وما الذي جرى وهم الذين كانوا منتصرين في بداية المعركة، فقال الله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ قَدِيرٌ} آية 65 سورة آل عمران. وهو ما تخوّف منه وجزع إلى حد البكاء أبو الدرداء رضي الله عنه في يوم كان يتوجب أن يكون فيه فرحًا مسرورًا لكنه فهمه السليم لناموس الله تعالى، فقد روى الإمام أحمد فقال: “لما فتحت قبرص فرق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض، فرأيت أبا الدرداء جالسًا وحده يبكي، فقلت يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟ فقال: ويحك يا جبير، ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره بينما هم أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى”. إنه يقصد أنه كما عصى أهل قبرص ربهم فسلطنا الله عليهم فإنه يبكيني ويخيفني أن نعود نحن إلى معصية الله فليسلط الله علينا غيرنا ويبدّل عزنا ذلًا.
من يتحدى الله
وإن تأثير شؤم المعصية يتجاوز حدود الإنسان إلى غيره ليصل إلى الأمة كلها، بل ليصل إلى البشرية جمعاء إن هي باتت تمارس المعاصي والآثام كما قال ابن القيم في كتابه الرائع -الداء والدواء- الذي أنصح بقراءته: “ومن تأثير معاصي الله في الأرض ما يحلّ بها من الخسف والزلازل، ويمحق بركتها، وقد مرّ رسول الله ﷺ على ديار ثمود، فمنعهم من دخول ديارهم إلا وهم باكون، ومن شرب مياههم، ومن الاستسقاء من آبارهم، حتى أمر أن لا يُعلف العجين الذي عجن بمياههم للنواضح -أي منعهم من استعمال العجين الذي عجنوه للخبز لأنه عجن بماء من آثار ثمود وأمر بإطعامه للجمال- لتأثير شؤم المعصية على الماء، وكذلك شؤم تأثير الذنوب في نقص الثمار وما ترى به من الآفات .
وقد ذكر الإمام أحمد في مسنده في ضمن حديث قال: “وجد في خزائن بني أمية حنطة، الحبة بقدر نواة التمرة، وهي في صرّة مكتوب عليها: هذا كان ينبت في زمن من العدل. وكثير من هذه الآفات أحدثها الله سبحانه وتعالى بما أحدث العباد من الذنوب. وأخبرني جماعة من شيوخ الصحراء أنهم كانوا يعهدون الثمار أكبر مما هي الآن، وكثير من هذه الآفات التي تصيبها لم يكونوا يعرفونها، وإنما حدثت من قرب”. فإذا كان هذا التغير في حجم الثمار وزيادة الأمراض التي تصيب الأشجار والمزروعات كان بارزًا في زمان الإمام أحمد، فماذا نقول اليوم في زماننا وهو ما نراه جليًا وواضحًا؟
وإذا كان النبي ﷺ قد منع استعمال ماء في بلاد عذّب الله أهلها بسبب ذنوبهم وهم قوم ثمود، وإذا كان الرسول ﷺ قد لعن شارب الخمر وعاصرها ومعتصرها حتى أنه لعن عشرة ممن لهم علاقة بالخمر، ولعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، ولعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمتوشمة والنامصة والمتنمصة والراشي والمرتشي وغير ذلك، ترى فماذا سيكون حال أمة الملعونين فيها كثر والعصاة فيها كثر، بل ماذا سيكون حال البشرية وهي تتمرد بكليتها على أمر الله سبحانه تحلّ ما حرّم الله وتحرّم ما أحلّ الله سبحانه؟ وماذا سيكون حال البشرية وهي تشرّع القوانين الصارمة التي تحمي الشذوذ وتعاقب كل من ينال من الشاذين ولو بكلمة؟ ماذا سيكون مصير البشرية وهي تحارب الفضيلة وتحارب الهدى وتدعو للضلال، تحارب الأخيار وتقرب الأشرار، تحارب الاستقامة وتسالم الانحراف؟
الغريب واللافت أن البشرية بقياداتها وزعامتها المستكبرة والمتعجرفة لم تتعلم الدروس، وهي ما تزال مستمرة على حربها مع الله تعالى وعلى نواميسه الكونية.
– قامت بريطانيا عام 1912 بتصنيع أكبر وأشهر سفينة ركاب في العالم “تايتنك”، وكانت تتسع لأربعة آلاف مسافر، وأصبحت مضرب المثل في الدنيا لضخامتها ومرافقها والرفاهية التي فيها. وفي رحلتها الأولى لم يستطع شراء التذكرة إلا الأثرياء لأنها كانت باهظة. وقبل انطلاق تايتنك في رحلتها الأولى سأل صحفي مصممها ومهندسها: ألا تظن أن هذه السفينة يمكن أن تغرق يومًا؟ فكان جواب المهندس البريطاني: “الله يغرق وتايتنك لا تغرق”. ونزلت تايتنك إلى البحر فكانت رحلتها الأولى والأخيرة، فقد أغرقها الله في عمق المحيط ولم يبق منها إلا فيلمًا سينمائيًا يتحدث عنها.
– وقامت أمريكا بتصنيع أشهر صواريخها لإطلاق الأقمار الصناعية أسمته “تشالنجر” ومعناه المتحدي، ففي عام 1986 وأمام وعلى مرأى وسمع مهندسيه وزعماء أمريكا ومشاهدة الدنيا بالبث المباشر لعملية إطلاق الصاروخ المتحدي المفخرة، وإذا به ينفجر بعد ثوان ليترك أمريكا وقادتها في حالة من الذهول والصدمة وهم ينظرون إليه يتحول إلى كتلة من اللهب والشظايا.
– وقامت روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في العام 2000 بتصنيع أكبر غواصة نووية في العالم “كورسيك” صنعتها روسيا لتؤدب بها العالم وتتحدى بها كل أعدائها، لتكون هذه الغواصة قوتها الضاربة في أعماق المحيطات في رسالة تحدٍ ومواجهة، ولكنها كورسك التي غاصت في عمق المحيط ولم تعد إلى سطح البحر لأنها غرقت وبقيت هناك ببحارتها وصواريخها النووية العابرة للقارات.
– وحتى زعماء العرب أدعياء القومية والاشتراكية الثورية الزائفة، فإنهم وبمجرد حصولهم على طائرة الميغ وهي من صنع الاتحاد السوفيتي وليس من تصنيعهم، وإذا بهم وعبر أبواق إعلامهم الرخيص يقولون: “الميغ تتحدى القدر” وإذا بالميغ هذه تدمّر وهي على مدرجات المطارات في نكسة 1967 لم تستطع أن تتحدى طائرة الفانتوم الإسرائيلية فكيف لها أن تتحدى القدر؟
مشكلتكم ليست مع المناخ
وإنها البشرية اليوم وهي تعيش تحت تأثير صدمة وذهول من ضربات متلاحقة قلبت حياة الإنسانية رأسًا على عقب بدءًا من جائحة كورونا التي فاجأت العالم كله منذ مطلع العام 2020 وما تزال آثارها وانعكاساتها وبصماتها حاضرة بعد إذ أودت بحياة قريبًا من عشرة ملايين من البشر وبخسائر مادية لا حصر لها. وليس أنها طفرات كورونا المتلاحقة التي لم تتوقف، وإنما استفاقت الدنيا على مرض جدري القرود يضرب ويفتك بالشاذين جنسيًا من الرجال {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} آية 41 سورة الروم.
وبينما الدنيا تحت تأثير كورونا وإذا بها حرب أوكرانيا تشنها عليها روسيا وحالة الاستقطاب العالمي التي تنذر بحرب عالمية وكارثة نووية، ثم تداعيات تلك الحرب على أسواق الغذاء في العالم حيث شبح الجوع يخيّم على شعوب كثيرة كانت تعتمد على استيراد الحبوب من روسيا وأوكرانيا.
وليس هذا وحسب، وإنما هي تقلبات المناخ واضطراب الحالة الجوية حيث جفاف غير مسبوق يضرب أوروبا، يصل إلى جفاف أنهار كانت تمثل شريان الحياة ودرجات حرارة لم تعهدها دول في جنوب الكرة الأرضية وليس فيه شمالها البارد. إنها فيضانات مدمرة وعواصف كارثية وحرائق تخرج عن السيطرة.
وبينما العالم يترقب وهو يتخوف مما هو آت، فإننا نظل نسمع أصحاب القلوب القاسية من قادة الغرب وهم يتحدثون أن هذا كله بسبب المناخ وانعكاس ما يسمى الانحباس الحراري، وحتى وإن كان التفسير العلمي منطقيًا ومقبولًا حيث هذه أسباب كذلك بيد الله، إلا أننا نقول لهؤلاء أن مشكلتكم ليست مع المناخ، إن ما يحدث هو بشؤم معاصيكم وانحرافكم عن الجادة، إن مشكلتكم مع الله يا هؤلاء.
الأمارات تظهر في الإمارات
يظن البعض أن شؤم المعصية وآثارها السلبية لا تنعكس إلا على غير المسلمين، ولعل أعظم مثال هو ما أصاب المسلمين في عهد رسول الله ﷺ يوم أحد وقد خالفوا أمره وعصوا توجيهاته {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ} آية 155 سورة آل عمران. ولقد حذّر النبي ﷺ من شؤم المعاصي وآثارها على المسلمين إلى درجة أنه تحدث عن خسف سيقع وأن الله سيخسف الأرض بعرب ومسلمين لمّا تحدث عن أشراط الساعة وعن ثلاثة خسوف ستقع: “خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب”. وفي حديث آخر قال ﷺ: “لا تقوم الساعة حتى يخسف بقبائل فيقال من بقي من بني فلان وفلان”. وأن سبب ذلك الخسف هو بفعل معاصٍ وموبقات بل وحرب سافرة يعلنها عرب ومسلمون على الله وحرماته فيستحقون بذلك ذلك الخسف كما قال عمران بن الحصين رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: “في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله ومتى ذلك؟ قال: إذا ظهرت القينات والمعازف وشرب الخمور”.
أما وإن أشهر سوق وأشهر مهرجانات الغناء وأغلى الأجور للمطربات والرقّاصات في زماننا فإنه في جزيرة العرب، ما تسمى السعودية والإمارات، وإن دقة الحديث تشير إلى أن الخسف سيقع على قبائل وهي ما أصبحت اليوم تسمى دولًا تحكمها قبائل بعينها، فآل سعود يحكمون بلاد الحرمين، وآل نهيان يحكمون الإمارات حتى أن هذه الدول أصبحت تعرف بأسماء زعماء تلك القبائل.
أليست الأمارات قد ظهرت في الإمارات؟ أليست الإمارات اليوم أكبر مستهلك للخمور في العالم؟ أليست قطر تعلن عن بيع الخمور خلال الألعاب الرياضية العالمية على أراضيها بعد شهرين؟ أليست دبي أكبر وكر دعارة في العالم حتى أن اليهود أسموها مدينة الآثام؟ أليست بلاد الحرمين تغني فيها القانيات ويحتفل فيها بالمصارعين والرقاصين وتقام فيها مسابقات عروض الأزياء بينما الدعاة والعلماء يعيشون الذلّ والهوان في زنازين بن سلمان؟
وعليه فهل يستبعد عاقل أن شؤم المعاصي الذي يمارس هناك يوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده، وهو ما نبّه وحذّر منه ﷺ من خسف سيقع هناك وسيصيب حتى الصالحين وقد سألته أمنا زينب رضي الله عنها لما قال: “ويل للعرب من شرّ قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلّق بأصبعيه، قالت زينب: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث” أي إذا كثرت الشرور والمعاصي والآثام فتكون تلك من الشؤم الذي يقع على الأمة فيهلكها.
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا. اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، ولا تسلّط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا يا رب العالمين.
نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.
رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.
والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.