كلفة التعليم.. كابوس مالي إضافي يؤرق اللبنانيين
باحث لبناني:
– 65 بالمئة من الطلاب في لبنان يتلقون التعليم في مدارس خاصة
– 35 بالمئة يتعلمون في المدارس الحكومية
– 17 مليون ليرة متوسط قسط المدارس الخاصة
– 250 ألف ليرة فقط متوسط قسط المدارس الحكومية
يسيطر القلق على معظم العائلات اللبنانية مع اقتراب بدء العام الدراسي، بسبب الصعوبات الاقتصادية التي قد تحول دون تمكنهم من دفع أقساط أبنائهم بالمدارس الخاصة، بينما تواجه المدارس الحكومية صعوبة بفتح أبوابها.
وأفاد الباحث في مؤسسة “الدولية للمعلومات” (خاصة) محمد شمس الدين، بأن حوالي 65 بالمئة من الطلاب في لبنان يتلقون التعليم في مدارس خاصة، بينما 35 بالمئة يتعلمون في المدارس الحكومية.
ويبلغ رسم التسجيل في المدارس الحكومية حوالي 250 ألف ليرة فقط (نحو 8 دولار)، وهو مبلغ منخفض جداً مقارنة بالمدارس الخاصة، التي يتراوح معدل أقساطها نحو 17 مليون ليرة (نحو 500 دولار)، وفق شمس الدين.
وفضلاً عن الأقساط المرتفعة للمدارس الخاصة، فإن معظمها فرض دفع الأقساط بشكل كامل أو جزئي بالدولار، ما تسبب بثقل اقتصادي لن تحتمله الكثير من العائلات، في البلد الذي يعاني من تراجع حاد في وفرة النقد الأجنبي.
وعن تمسك غالبية المواطنين بالتعليم في المدارس الخاصة بدلاً من الحكومية، أشار شمس الدين إلى أن انعدام الثقة بالمدارس الحكومية وسوء التجهيزات في أبنيتها وتدني مستواها هو السبب في ذلك.
ومنذ نحو 3 سنوات يعاني لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة، صنفها البنك الدولي بأنها واحدة من بين أشد 3 أزمات عرفها العالم، حيث أدت الى انهيار مالي ومعيشي، وشح في الوقود والأدوية، وسلع أساسية أخرى.
كما أدت الأزمة إلى تفشي الفقر، وبلوغه مستويات غير مسبوقة، حيث وصلت نسبة الفقر الى نحو 75 بالمئة من مجموع السكان، وفقاً للجنة “الإسكوا” التابعة للأمم المتحدة.
تسرب مدرسي
وفي مقابلة مع الأناضول، توقعت رئيسة لجنة الطفل والمرأة البرلمانية عناية عز الدين، حصول تسرب مدرسي نتيجة لهذا الواقع الاقتصادي الصعب، وعدم قدرة الكثير من الأهالي على دفع الأقساط المدرسية.
وأضافت أن لجنتها النيابية تنتظر الأرقام والإحصاءات حول التسرب المدرسي المتوقع من وزارة التربية، التي بدأت إعداد دراسة حول هذا الموضوع.
وأشارت المسؤولة اللبنانية، أن هناك مخاوف من تأجيل العام الدراسي بسبب صعوبات عديدة، أبرزها ان الأساتذة في التعليم الحكومي لم يتقاضوا رواتبهم والتقديمات الاجتماعية عن الأشهر الماضية.
وما يزيد من الأعباء الاقتصادية للأساتذة، السقوف التي تفرضها المصارف على رواتبهم كحال كافة المواطنين، بحسب المتحدثة.
“المدارس لا تتمكن للأسباب ذاتها من صرف كافة الأموال التي تمنحها إياها الجهات الأممية المانحة، خصوصا منظمة اليونيسيف، وكذلك تواجه صعوبات في تأمين وقود المازوت لتوليد الطاقة”.
وتفرض المصارف اللبنانيةقيوداً على السحوبات المالية بالعملة الاجنبية، كما تضع سقوفاً قاسية على السحوبات بالليرة اللبنانية، الأمر الذي يتسبب باحتجاجات شعبية بين الحين والآخر.
فوضى مجتمعية
بدورها قالت المستشارة الحقوقية في لجان الأهل بالمدارس الخاصة، المحامية ملاك حمية، أن فرض المدارس على الأهل دفع الأقساط بالدولار هو أمر مخالف للقانون اللبناني.
وأضافت أن هناك مدارس فرضت كامل الأقساط بالدولار، وبعضها الآخر فرض جزءا منها بالدولار، مشيرة أن ذلك سيتسبب بمعاناة كبيرة لمعظم الأهالي، الذين يرزحون تحت وطأة الازمة الاقتصادية في البلاد.
وزادت: “هذا الأمر يهدد مستقبل الأجيال، ويحرمهم من حقهم بالتعليم، ويؤدي الى التسرب المدرسي، والفوضى داخل المجتمع”.
ولفتت الى أن بعض المدارس تلتف على القانون الذي يحظر فرض الأقساط بالدولار، من خلال ابتداع تسميات أخرى مثل صندوق دعم أو مساهمات وتفرض من خلاله على الأهل الدفع بالدولار، وهذا يعد مخالفة أيضا.
المدارس الحكومية مهددة
هذا الواقع الصعب، يأتي في ظل تلويح المعلمين والمعلمات في المدارس الحكومية بالإضراب وعدم استئنافهم التعليم في الموسم الجديد 2022 – 2023 في حال عدم تحسين رواتبهم.
والأسبوع الماضي، نفذ المعلمون في المدارس الحكومية، وقفات احتجاجية في بيروت (العاصمة) وطرابلس (الشمال) والنبطية (الجنوب) للمطالبة بتصحيح روابتهم بما يتماشى مع ارتفاع سعر صرف الدولار.
وما تزال قيمة الليرة اللبنانية تسجل تراجعاً ملحوظاً، حيث بلغ سعر صرف الدولار الواحدة مؤخراً 35 الف ليرة في السوق الموازية، مقابل 1507 في السوق الرسمية، وهو السعر الذي بقي ثابتاً لمدة أكثر من عقدين قبل اندلاع الأزمة عام 2019.
هذا الواقع أدى الى تراجع القدرة الشرائية للبنانيين الى مستويات غير مسبوقة، في ظل اتباع الحكومة لسياسة تخفيض دعم السلع الأساسية كالوقود نتيجة عدم وفرة النقد الأجنبي المخصص للاستيراد، ما انعكس ارتفاعا كبيراً بأسعارها.
وأواخر أغسطس / آب الماضي، أعلنت وزارة التربية تأجيل فتح أبواب المدارس الحكومية لمدة 10 أيام ليصبح الموعد في 15 سبتمبر / أيلول بعدما كان مقرراً في الخامس من الشهر ذاته.
ويأتي هذا التأجيل في ظل إضراب الموظفين في المؤسسات الحكومية من بينها وزارة التربية، حيث يطالب الموظفون بتحسين رواتبهم في ظل الانهيار المالي المستمر في البلاد.