وادي الربابة في سلوان.. الجَمال الصامد في وجه التهويد
وادي الربابة، إطلالة فلسطينية جميلة في سلوان، لا يريد الاحتلال لها أن تستبقي جمالها، لا يريد معالم فلسطينية في المكان، أو إسلامية، أو حتى إنسانية، يريد كعادته أن يغيّر معالمها ويصبغها بالصبغة اليهودية.
تواصل سلطات الاحتلال مطامعها للاستيلاء على أراضي حي وادي الربابة؛ تمهيدًا لإقامة “مسارات وحدائق تلمودية”، ومشاريع تهويدية، باعتباره يشكل البوابة الرئيسة التي تربط شرقي المدينة المقدسة بغربها.
يعدّ الحي الذي يمتد على مساحة 210 دونمات، من أجمل المناطق في سلوان؛ لكونه يحتوي على الكثير من الآثار والكهوف والقبور التي تعود للفترة الكنعانية قبل 5 آلاف عام، وأراضيه مزروعة بأشجار التين والزيتون التي يزيد عمرها على 1000 عام.
سطوة المحتل
منذ مارس عام 2020، استغل المحتل جائحة كورونا، وبذل جهودا مضنية لتهويد وادي الربابة؛ باستهداف متواصل للأراضي، وملاحقة مستمرة للملّاك الأصليين، وتزييف للتاريخ عبر عبرنة أسماء الشوارع والأحياء ونشر الشعارات التوراتية.
يشير أحمد سمرين، عضو لجنة وادي الربابة في بلدة سلوان بالقدس المحتلة، إلى أن هذه الأراضي تملكها جميع عائلات سلوان تقريبا، ذكر منها عائلة سمرين، وحجاج، ودعنا، والمندوب، وصيام، وأبو خاطر، وأبو سنينة، وشقير، والعباسي وغيرهم.
وظهر سمرين في تصريحات مصورة، وفي الخلفية وادي الربابة وكأنه قطعة فنية عجيبة، وقال: “إنّ ما تعرف بسلطة الطبيعة الإسرائيلية تحاول تغيير طابع هذه الأراضي من طابع عربي إلى إسرائيلي، ومن طابع إسلامي إلى يهودي”.
تزييف التاريخ
منذ نحو سنين، تتشارك 8 مؤسسات للاحتلال في استهداف المنطقة، يقودهم في تنفيذ حملة التهويد ما تسمى “سلطة الطبيعة”، وهي المسؤولة عن جميع المشاريع المقامة في هذه الأراضي تحت مسمى “حماية الطبيعة”.
أينما يمّمت وجهك تجد في وادي الربابة أشجارًا عُمرها 700 و800 عام، جاءت “سلطة الطبيعة” مؤخرا وزرعت شجرا وهميًّا في هذه الأراضي بدعوى الحفاظ على الطبيعة، وحسب سمرين، “فالحقيقة أنها تريد الاستيلاء على هذه الأراضي، ولتخبر الشعب اليهودي أن وادي الربابة أصبح في قبضتهم”.
بلدة سلوان، تشتد عليها الهجمة من جميع الجهات، وبات أهلها في وسط معركة مع المحتل، معركة يبدو فيها المحتل خصمًا وحكمًا، ولا يرى أهل المنطقة فائدة ترجى من التوجه للقضاء الإسرائيلي الظالم؛ فهو جزء من هذه المنظومة الاحتلالية التي لا يمكن أن تنصفهم.
أوراق سكان وادي الربابة الثبوتية التي تؤكد ملكيتهم للأراضي، وأشجار الزيتون التي يزيد عمر بعضها على 700 عام، لم تشفع لهم لدى سلطات الاحتلال التي لم تدّخر جهدا في اختلاق الأكاذيب والدعاوى؛ تمهيدًا لهدم منازلهم، ومنعهم من التمدد الطبيعي.
يقول سمرين: “سنبقى صامدين في هذه الأرض، مهما تسلطوا على أراضينا وحاولوا سرقتها. عقيدتنا أن زوالهم بات قريبا جدا”.
تسمية وتاريخ
يُشار إلى أنَّ وادي الربابة سمي بهذا الاسم لأنه ضيق من الأعلى، ويبدأ بالاتساع تدريجيا باتجاه الأسفل، وهو مشابه لآلة الربابة الموسيقية العربية القديمة (الجزيرة).
لكنّ هذه التسمية تعد حديثة مقارنة بالتسمية القديمة، حيث أُطلق على الوادي في الفترة الكنعانية اسم “جاي هنوم”، وتعني وادي جهنم، أما كبار السن من المقدسيين فيسمونه “المنطقة الحرام” باعتباره الخط الفاصل بين شطري المدينة الشرقي والغربي.
كغيره من أحياء القدس لا يخلو وادي الربابة من الآثار التي خلفتها الحضارات المتعاقبة على المدينة، أبرزها الدير اليوناني “دير الندم” الذي أنشئ عام 1893 ليؤكد ما قيل إنها حادثة انتحار يهوذا الأسخريوطي أحد تلاميذ عيسى عليه السلام، حيث نقلوا أنه علّق نفسه على شجرة هناك نادما على تسليم المسيح تمهيدا لمحاكمته وصلبه (وفا).
في أعلى الوادي تقع بركة السلطان المملوكية التي خُصصت قديما لتجميع المياه، وأنشئت في عهد علاء الدين جقمق، أحد المماليك الشراكسة في القرن الخامس عشر، كما اكتُشفت عدة قبور من الفترات اليونانية والرومانية والبيزنطية (الجزيرة).