السعودية وإيران.. هل تفضي الجولة السادسة من المفاوضات إلى تسوية حقيقية ومستدامة؟
بعد عقد 5 جولات من المباحثات الأمنية بين إيران والسعودية، ودعم طهران في ختامها فتحا متبادلا للسفارات مع الرياض، وافق الجانبان مؤخرا على انتقال الحوار إلى المستوى السياسي.
وأعلن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في حوار مع التلفزيون الإيراني، أن الوسيط العراقي أبلغ طهران استعداد الرياض لإطلاق محادثات علنية على المستوى السياسي، مؤكدا أن بلاده تبادل السعودية الاستعداد نفسه من أجل إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
كما أكد عبد اللهيان، عزم أبو ظبي والكويت إرسال سفيريهما إلى طهران، متوقعا أن يحصل هذا الأمر خلال الأيام القليلة المقبلة.
وكانت الإمارات والكويت قد خفضت تمثيلهما الدبلوماسي في طهران إثر قطع السعودية علاقاتها مع إيران في يناير/كانون الثاني 2016، عقب تعرض سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد لاعتداءات من قبل محتجين على إعدام الرياض رجل الدين الشيعي المعارض نمر النمر.
متغيرات سياسية
ويصنف مراقبون في إيران، الملف اليمني بأنه العامل الأساس وراء إطالة أمد المفاوضات الأمنية بين إيران والسعودية على مدى أكثر من 16 شهرا تمكن خلالها الجانبان من تجاوز العديد من الملفات والخلافات المحتدمة.
وفي السياق، يعتقد الباحث السياسي، حسن هاني زاده، أن وقف إطلاق النار بين السعودية والحوثيين أسهم إلى حد بعيد في تذليل العقبات وحل القضايا الشائكة بين إيران والسعودية، متوقعا نجاح الجولة السادسة من المفاوضات السعودية الإيرانية في إنهاء الهجمات الإعلامية وإعادة فتح السفارات، تمهيدا للتعاون البَناء لحل الأزمات الإقليمية.
واعتبر هاني زاده أن المنطقة مقبلة على متغيرات سياسية وأن زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن جاءت في هذا السياق، مضيفا أن بعض الأوساط الإيرانية ترى أن المساعي لخفض التوتر إنما تكتيكية ومن أجل كسب الوقت وتستبعد التوصل إلى تسوية حقيقية ومستدامة مع الرياض.
وأشار إلى أن بعض التسريبات في إيران، توحي بعزم الوزير عبد اللهيان التوجه إلى بغداد للقاء نظيره السعودي فيصل بن فرحان فور انتهاء الجولة المقبلة من المفاوضات السياسية بين الفريقين الإيراني والسعودي.
قناعة إقليمية
ورأى زاده أن “الرئيس بايدن لم يحصل على كل ما أراده في قمة جدة لا سيما ما يتعلق بضمان أمن الكيان الصهيوني ومواجهة إيران”، مضيفا أن قادة الدول العربية لا سيما الخليجية أعربت عن رغبتها بخفض التوتر في المنطقة بعيدا عن التدخلات الأجنبية؛ ما يعني أن هناك توجها لموازنة العلاقات بين إيران وتل أبيب لدى الدول المطبعة مع الكيان الإسرائيلي.
كما سيحد -برأي زاده- رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين الإمارات وإيران من نفوذ الكيان الإسرائيلي في المنطقة ويعزز مكانة طهران بين جيرانها العرب، وأما موسكو فترى مصلحة في التقارب الإيراني العربي لأنها ترغب بإبعاد الولايات المتحدة عن المنطقة، وفق زاده.
أما عن أسباب التقارب الإيراني الخليجي والمؤشرات الإيجابية بقرب موعد تبادل السفراء بين إيران وكل من السعودية والإمارات والكويت، يقول مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية، محمد صالح صدقيان، إن التطورات الإقليمية والدولية الأخيرة أقنعت إيران والدول العربية بضرورة وضع الخلافات جانبا واعتماد لغة التفاهم والتنسيق لمصلحة المنطقة برمتها.
واعتبر صدقيان، أن دول الإقليم أضحت على قناعة تامة بأن المواجهة السياسية والأمنية والعسكرية لم تعد مجدية في خدمة مصالح شعوب المنطقة، ما أدى بها إلى إيفاد مسؤولين وممثلين عنها لزيارة العواصم الأخرى لتذليل العقبات في علاقاتها الثنائية.
وفد سعودي
وكشف المتحدث عن قيام وفد سعودي بزيارة العاصمة طهران لتفقد مقر سفارة بلاده في إيران، مؤكدا أن الوفد السعودي زار كذلك مدينة مشهد شمال شرقي البلاد وتفقد مبنى القنصلية السعودية فيها، في مؤشر يوحي بعودة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض قريبا.
ورأى مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية، أن التقارب السعودي الإيراني سيكون محل ترحيب أميركي وروسي، موضحا أن واشنطن ترى في التقارب بين طهران والرياض فرصة لإنهاء الأزمة اليمنية، كما أن موسكو سبق وطرحت مبادرة لإنهاء الخلاف بين إيران والسعودية.
ونفى أن يكون التقارب الإيراني الخليجي مرتبطا بمخرجات قمة بايدن مع السعوديين في جدة ودعوته إلى زيادة ضخ النفط، مؤكدا أن طهران غير معنية بالحصص المحددة في منظمتي “أوبك” و”أوبك بلس” بسبب خفض إنتاجها وصادراتها جراء العقوبات الأميركية خلال السنوات الماضية.
ورأى صدقيان، أن السعودية غير راغبة بزيادة ضخ النفط نظرا إلى تفاهمات سابقة مع روسيا في إطار منظمة “أوبك بلس”.
وخلص الباحث الإيراني، إلى أن الشرق الأوسط منطقة مفعمة بالأزمات منذ عقود، وأن دخول إسرائيل على خط التطورات الأمنية والسياسية من خلال عمليات التطبيع، سيزيد التوتر فيها من خلال فبركة أزمات بين دولها.