مسؤول أردني سابق يتحدث عن سطوة أمريكا على القرار الداخلي
طالب نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق ممدوح العبادي، بتعديل الدستور والعودة لتفعيل المبدأ الدستوري أن “نظام الحكم في الأردن نيابي ملكي وراثي”، واصفا التعديلات الدستورية التي طرأت على الدستور الأردني في كانون الثاني/ يناير من العام الحالي بأنها “ضربت مدماكا حقيقيا في الدستور الأردني”.
وقال العبادي الذي شغل مناصب عدة في المملكة الأردنية في حوار أجرته قناة عربي 21، حول جدية الإصلاح السياسي في الأردن: “هنالك مثل شعبي أردني يقول إذا بدها تشتي كان غيمت، أنا لا أرى حتى هذه اللحظة غيوما، بل بالعكس أرى أن هنالك أمورا ليست بصالح أي تحديث سياسي، مثلا بعد التحديث أجريت تعديلات دستورية ضربت مدماكا حقيقيا في الدستور الأردني الذي نعتز ونفتخر به وخصوصا إيجاد جسم جديد خارج نطاق الدستور وهو مجلس الأمن القومي.. أتمنى تجميد هذا البند لأنه غير دستوري. المادة 45 تقول إن مجلس الوزراء مسؤول عن الشؤون الخارجية والداخلية للوطن وليس أي جسم آخر، هذا الجسم الجديد سيكون مساءلا أما مجلس النواب”.
واعتبر أن ذلك “مخالف للدستور، دستور 2014 ودستور 2016.. والتعديلات الأخيرة في 2022 كانت ضد روح الدستور. يجب تعديل الدستور والعودة إلى دستور دستور 2011، ليكون لدينا حكم نيابي ملكي وراثي”.
وبحسب العبادي، فإن “عدم الثقة بالحكومة يزداد، خصوصا في العشرين سنة الأخيرة، وهذا نسمعه في كل مجلس في كل بقاع الوطن، نسمع نقدا وعدم ثقة، وعدم الإحساس بالمستقبل المضمون، ليس بالسهولة كسب ثقة المواطن، لأننا لسنا في المجال الصحيح. أي تقدم في مجالات الصحة والتربية مثلا لا يأتي إلا من خلال توفر المال ونحن نرى أن الموازنة تتراجع بدين وعجز سنوي رغم أن الزيادة السكانية 3%.. ثانيا أن الأدوات التي تعمل وتعين وتوظف أشعر بأنهم مستشرقون ولا يعيشون وضع البلد وبالشكوى المريرة للناس”.
وقال: “أيضا ما حدث في انتخابات النقابات المهنية مؤخرا كانت نكسة حقيقية! منذ عام 1967 وأنا أعايش انتخابات النقابات، وهذه أول مرة لم أحضر الانتخابات لأني شعرت بعدم وجود نزاهة. كانت هذه الانتخابات منذ أيام الأحكام العرفية الجزيرة الديمقراطية الحقيقية في الانتخابات.. والتصرف الآن أننا عدنا إلى الوراء. هذه أمثلة تشير إلى وضع الإصلاح في الأردن. فبعد يومين من خروج قانون الأحزاب يخرج نواب وأعيان ووزير بدقيقتين ويشكلون حزبا! الأحزاب تبنى وتشكل بالفكر، لكن ما يجري يسمى هندسة الأحزاب، هنالك تدخل بالانتخابات البلدية وحتى في انتخابات الأندية”.
وبخصوص من يتحمل الوضع الاقتصادي الذي يعيشه المواطن الأردني، قال العبادي: “الذي يتحمله من يحكم. المسؤولية توافقية وجمعية، لا أخلي طرف أي شخص اليوم. الحكومات تختزل بقراراتها. الملك مصان من كل تبعية ومسؤولية. الملك لا يحكم إلا من خلال إرادة ملكية يوقعها رئيس الوزراء والوزير المختص الذي يحصل على ثقة النواب. هذه التركيبة لدستورنا الأردني تعفي الملك من المسؤولية”.
وأضاف: “مشكلة الأردن في الإدارة والموارد معا. لا يجوز أن نبقى في اعتماد على غيرنا. صحيح أنه ليس لدينا نفط وماء، لكن بترولنا هو السياحة. لذلك فإننا نستطيع من خلال السياحة الدينية والعلاجية والترفيهية، المنافسة وأن تكون هي العمود الفقري للاقتصاد. لذا، فلماذا نخضع للأوامر الأمريكية في منع السياحة الدينية للإيرانيين؟ وكذلك إغلاق الحدود مع سوريا لصالح قانون قيصر الأمريكي؟ نحن المتضررون أكثر من سوريا من هذا القانون”.
وبخصوص تدخل الولايات المتحدة في القرار الأردني الداخلي، قال العبادي: “طبعا الأمريكان نفسهم صرحوا بأنهم لا يريدون ترك الفراغ لروسيا والصين في المنطقة. والسفير الأمريكي يتدخل أيضا لأن هذه وظيفته. وهنا أقول للحكام العرب إن أمريكا ليست لديها جوائز نهاية خدمة.. هنالك أحداث تاريخية؛ تخلى فيها الأمريكان مثلا عن شاه إيران وتخلوا عن الأفغان، لذلك فإنه يجب أن تكون أولويتنا مصلحتنا وإذا كانت أمريكا حليفة لنا فإن عليها أن تعمل لمصالحنا ولقمة خبز أبنائنا، وإذا لم تفعل ذلك فهي دولة عدوة لنا”.
وحول وجود النفط في الأردن وما إذا كان هناك قرار سياسي بعدم استخراجه، فقد نفى العبادي ذلك معتبرا أنها إشاعات غير صحيحة، قائلا: “تاريخيا نسمع بذلك، لكن الطبوغرافيا والجغرافيا لهما دور.. فمثلا فلسطين لا يوجد فيها نفط، وهنالك نظرية تقول إن الحفرة الانهدامية لنهر الأردن لا يوجد حولها بترول. ونجد مثلا أن أغلب بترول السعودية وسوريا موجود في الشرق.. وأن البحث عن آبار يحتاج إلى مسح جيولوجي، وهذا مكلف ولا يوجد لدينا في الأردن هذه الإمكانات، هذه شائعة غير صحيحة”.
وحول الثمار التي جناها الأردن وفلسطين من قمة جدة، قال المسؤول الأردني الأسبق: “يجب أن نتحدث كيف كان الوضع قبل قدوم بايدن إلى المنطقة؛ كان كل الكلام الذي يحدث والتصريحات في المنطقة أن بايدن قادم لإقامة ناتو شرق أوسطي جديد يضم إسرائيل ضد إيران. كان هذا هو الجو العام، وإن كان سيحدث فإنه يكون على حساب القضية الفلسطينية والأردن، لكن ما حدث كان مفاجأة إيجابية وسارة من اللحظة التي نزل فيها بايدن في مطار جدة وكانت المفاجآت تتوالى، كاستقبال بايدن بهذه الطريقة من خلال إرسال شخص أقل من رتبة وزير! وبعد ذلك الخطابات التي حدثت في القمة وعلى رأسها خطاب أمير قطر، ثم خطابات زعماء الأردن والكويت والسعودية، وما لحق ذلك من مؤتمر لوزير الخارجية السعودي الذي قال إننا لم نسمع بالناتو وإن إيران جارة لنا، هذه كانت عبارة عن مفاجأة”.
وأضاف: “وعندما صرح الرئيس بايدن بأن السعودية ستزيد إنتاج النفط، فقد صرح وزير الخارجية السعودي في اليوم التالي بالقول ’إننا ملتزمون مع أوبك بلس التي تشمل روسيا‘، فالسعودية تدافع عن مصالحها بزيادة الإنتاج يعني ضد النقص في دخلها من الإيرادات”.
وعن سبب التحول في الموقف الأردني تجاه إيران، فقد اعتبر العبادي أن “موقف المملكة العربية السعودية قد تغير، أما موقفي فهو أن عدو إسرائيل هو إيران، وعدو إسرائيل لا يمكن أن يكون عدوا للأردن إنما صديقا.. هناك تفاصيل صغيرة ليست استراتيجية مثل الحدود والمليشيات. لكننا نحن كعرب جيران تاريخيون مع إيران؛ لذلك فإن التفاهم أجدى من أي عداء بين إيران والأردن. إسرائيل تريد أن يكون العرب أعداء لإيران، وطهران لا تشكل تهديدا على الأردن”.