لجنة المتابعة العليا والحل المنشود
الشيخ رائد صلاح
إن ما تتفق عليه القوى السياسية بخاصة وجماهيرنا بعامة في الداخل الفلسطيني أن لجنة المتابعة العليا هي الممثل الوحيد لكل هذه القوى ولكل هذه الجماهير، ولا يجوز لأي حزب او حركة أو قائمة انتخابية أن تدّعي غير ذلك، وكان ولا يزال مطلوب من كل هذه القوى السياسية أن تحترم تمثيلها في لجنة المتابعة العليا وأن تحافظ على حضور جلسات هذه اللجنة الشهرية أو غيرها بكامل أعضائها، وأن تحافظ على دفع مستحقاتها المالية، وأن تساهم بجد بإنجاح كل نشاطات لجنة المتابعة العليا، وأن تنشّط دور اللجنة التي ترأسها من ضمن سائر اللجان المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، حيث أن هناك أكثر من عشر لجان انبثقت عن لجنة المتابعة العليا وتم توزيع رئاساتها على هذه القوى السياسية الممثلة في لجنة المتابعة العليا.
وإلى جانب ذلك كان ولا يزال مطلوب من سائر جماهيرنا أن تساند كل نشاطات لجنة المتابعة العليا، لأنها تمثل قاعدة نجاح هذه اللجنة، نعم هذا هو الوصف المثالي المطلوب حتى الآن من كل هذه القوى السياسية ومن كل جماهيرنا، وهو في نظري الأفضل المؤقت، لأن الأفضل الجذري في نظري وفي نظر الكثير منا هو انتخاب مباشر للجنة المتابعة العليا من قبل كل جماهيرنا رئاسة وعضوية. ولكن مع شديد الأسف فإن هذا الوصف المثالي للأفضل المؤقت متعثر جدا، فهناك من هذه القوى السياسية من لا يحضرون جلسات لجنة المتابعة العليا إطلاقا، وكأنهم يتعاملون بفوقية مع لجنة المتابعة العليا، ومحاضر جلساتها تشهد على ذلك، وتكتفي هذه القوى السياسية بإرسال مندوب واحد عنها فقط إلى هذه الجلسات، وقد يحضر متأخرا وقد لا يحضر، وإذا حضر لا يمثل حضوره دعما جادا لمسيرة لجنة المتابعة العليا، وكأن حضوره من باب إسقاط الواجب.
ومما يزيد الطين بلة أن معظم هذه القوى السياسية لا تحافظ على دفع مستحقاتها المالية للجنة المتابعة العليا، وهذا يعني أنها لا تحافظ على دفع المبالغ المالية المطلوبة منها للقضايا الطارئة. وهكذا أصبحت لجنة المتابعة العليا بلا مكتب رسمي يحتضنها، وبلا قوة مالية تغطي نفقات نشاطاتها، وبلا قدرة على توظيف سكرتير لها، كحد أدنى لأي عمل ناجح. وهكذا أصبح رئيسها أبو السعيد محمد بركة هو الرئيس وهو السكرتير وهو الطابع لقراراتها وهو الداعي لحضور جلساتها، وهكذا أصبح بيته وسيارته هما مكتب لجنة المتابعة العليا!!
ومما زاد الطين بلة أن معظم هذه القوى السياسية التي ترأس اليوم الكثير من اللجان المتفرعة عن لجنة المتابعة العليا، لم تنشّط عمل هذه اللجان وباتت هذه اللجان مشلولة كأنها حبر على ورق، ولا أدري لماذا هذا الموقف المستهجن من هذه القوى السياسية؟ هل أهملت تنشيط هذه اللجان عجزا منها أم كسلا أم عن سبق إصرار حتى تقلص الحضور المؤثر للجنة المتابعة العليا؟ وها هو الحال المؤسف يشهد أن اللجان الناشطة اليوم المتفرعة عن لجنة المتابعة العليا هي لجنة الحريات ولجنة إفشاء السلام، وهناك بوادر إيجابية تشير إلى تنشط دور لجنة رعاية الأوقاف والمقدسات التي يقف على رأسها حزب الوفاء والإصلاح!! وماذا عن سائر اللجان؟! هل سنرى لها نشاطا وأثرا في يوم من الأيام؟ وحتى لا أظلم أحدا فهناك لجان أهلية قامت بمباركة وإسناد لجنة المتابعة العليا، تعنى بالشؤون الصحية والحقوقية لا تزال تؤدي دورا مشكورا!!
فإذا كان هذا هو حال لجنة المتابعة العليا وحال جدلية علاقتها مع هذه القوى السياسية، فلا شك أن وهن هذه العلاقة قد انعكس على جماهيرنا، وباتت جماهيرنا تطلب من لجنة المتابعة العليا الشيء الكثير وهي لا تقوم بواجبها من أجل إسناد هذه اللجنة!! وباتت تنتقد هذه اللجنة عند كل مصاب يقع علينا متسائلة بحرقة: أين لجنة المتابعة العليا؟ وقد نسيت هذه الجماهير الطيبة الموجوعة أن تسأل نفسها: أين نحن من لجنة المتابعة العليا؟ وهكذا وصلنا إلى هذا الحال الذي أراد البعض من غيرنا أن تختلط فيه أوراقنا، وكأن هم هؤلاء البعض من غيرنا أن يكرسوا فينا الشعور بالعجز واليأس والإحباط، ثمّ دفعنا إلى التفكك والأنانية الشخصية والحزبية، ثم دفعنا إلى الحيرة والذهول والاكتفاء أن يهتم كل منا بهم شخصه أو هم حاشيته المتسلطة في حزبه، ومحاولة فلسفة هذه الانهزامية وشرعنتها.
لقد وصل الأمر أن تلقف البعض قولي لرئيس لجنة المتابعة العليا أبي السعيد في المؤتمر الصحفي الذي عقد مباشرة بعد خروجي من السجن قبل نصف عام عندما قلت له مداعبا: (سير يا أبو السعيد ونحن وراءك) وكأن هذه القول هو الذي تسبب بسقوط الأندلس!! فواعجبا ممن لا يزال يردد هذا القول وكأنه خطيئة ترقى إلى منزلة السبع الموبقات!! علما أنني ما قلت هذا القول لشخص أبي السعيد، بل قلته لرئيس لجنة المتابعة العليا الذي يدعى أبو السعيد، ولو كان رئيس لجنة المتابعة يدعى (جورج) أو (مشلب) لقلت له: ( سير يا جورج أو سير يا مشلب ونحن وراءك)!!
والأعجب من ذلك أنني كنت قد قلت في ذاك المؤتمر الصحفي مداعبا أبا السعيد إنني رأيت في سجني وانا نائم أبا السعيد وهو مكروب ويصرخ (لا تتركوني لوحدي) وحقيقة رأيت ذلك!! وحاشا لله تعالى أن أُري عيني ما لم تر في منامي!! لا سيما وأنا أعلم أن أشد الناس عذابا يوم القيامة من أرى عينيه ما لم تر، أي من كذب وقال: رأيت في منامي كذا وهو لم ير!! وحاشا لله تعالى أن أكون منهم، ومع ذلك ومع مرور نصف عام على هذا المؤتمر لا يزال هناك البعض – غفر الله لهم – يردد هذا القول، وكأنه هو الحدث الأبرز في مسيرة الداخل الفلسطيني في عام 2022 مـ، علما أنه دعابة صادقة كما رأيت في منامي بالضبط، وليس اكثر من ذلك، ومما يؤسف له أن مثل هذه الأقوال المحزنة لا تخدم مسيرة لجنة المتابعة العليا، وقد تدفع البعض أن يرددها عن البعض عن البعض بلغة السخرية، ثم ما هي النتيجة؟ خسارة لنا كلنا، لهذا القائل ولغيره!! إزاء كل ذلك أتساءل متمنيا:
- هل تنشط كل هذه القوى السياسية في الداخل الفلسطيني في حضور جلسات لجنة المتابعة العليا بكل أعضائها، من باب الدعم الجاد الواجب، لا من باب اسقاط الواجب؟
- هل تبادر كل هذه القوى السياسية إلى دفع مستحقاتها المالية للجنة المتابعة العليا، ودفع المبالغ المالية التي تطلب منها للقضايا الطارئة؟
- هل تدفع كل هذه القوى السياسية بكل مؤيديها لحضور نشاطات لجنة المتابعة العليا، لا سيما وهي تعلن صراحة أنها تملك من المؤيدين ما يضمن لها بسهولة الحصول على خمسة أو ستة مقاعد في الكنيست؟
- هل تجتهد كل هذه القوى السياسية وتنشّط عمل لجان المتابعة الفرعية التي تقف على رأسها أم ستبقي هذه اللجان حبرا على ورق.
- هل ستقوم كل هذه القوى السياسية بكل هذه الواجبات المطلوبة منها، حتى يصب ذلك تلقائيا بالتفاف جماهيرنا حول لجنة المتابعة العليا.
- هل سنصدق مع أنفسنا ويفتح كل منا ملف النقد الذاتي مع نفسه أو حزبه أو حركته أو قائمته، وعدم الاكتفاء بالمناكفة السياسية.
- كل ذلك إذا تحقق فهو طيب، ولكن الحل الجذري في كل ذلك هو انتخاب لجنة المتابعة مباشرة من كل جماهيرنا- رئاسة وعضوية-.