أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

هل يؤول التوتر الأمريكي الروسي في سوريا إلى حرب؟

– يوجد قنوات اتصال أمريكية روسية في سوريا لتجنب أي خطأ أو تداخل في العمليات العسكرية لكليهما
– لكن لا تزال لدى الطرفين تخوّفات من احتمالات اشتعال حرب مباشرة أو عبر القوات الحليفة لهما

تعتقد الولايات المتحدة أن وجودها العسكري في سوريا منذ تشكيل التحالف الدولي للحرب على “داعش” في أغسطس/آب 2014، ضرورةٌ فرضتها طبيعة تلك الحرب.

وكان التنظيم الإرهابي قد سيطر في يونيو/ حزيران من العام نفسه على مناطق واسعة غرب وشمال غرب العراق، وشرق وشمال شرق سوريا.

ومن ناحية أخرى عمدت واشنطن إلى تطوير استراتيجياتها، لتشمل السعي لتثبيت خفض العنف في سوريا لمنع حدوث أزمة إنسانية جراء الحرب المستمرة منذ 2011.

لكن تبقى المهمة الأساسية للقوات الأمريكية، دعم قوات حليفة لها شمال شرق سوريا، لمنع ظهور “داعش” أو عودته مجددا بعد هزيمته عسكرياً في مارس/آذار 2019.

نشاطات “داعش” تراجعت في العامين الأخيرين تدريجياً إلى حدودها الدنيا، ولم يعد يشكل تهديداً جدياً للأمن والاستقرار في سوريا أو في العراق ودول المنطقة الأخرى.

الأمر الذي يثير تساؤلات حول جدوى استمرار وجود قوات أمريكية في سوريا بأعداد كبيرة نسبياً وتجهيزات قتالية في أكثر من موقع، بما فيها قاعدة “التنف” على المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن.

في مقابل ذلك، تشكل القوات الحليفة لإيران تهديداً جدياً لأمن الجنود الأمريكيين والمصالح الأمريكية في سوريا.

ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن “إحصائيات” لوسائل إعلام أمريكية، أن إيران وحلفاءها في سوريا نفذوا نحو 29 هجوماً على منشآت ومصالح أمريكية في منطقة الشرق الأوسط، بما فيها هجمات في سوريا، للفترة بين أكتوبر/تشرين الأول 2021 وأوائل يونيو/حزيران الماضي، لكن الإدارة الأمريكية لم ترد على تلك الإحصائيات.

الأسابيع الأخيرة شهدت سجالات بين مسؤولين أمريكيين ونظراء لهم روس في موسكو وسوريا.

ومنتصف يونيو الماضي، نقلت وسائل إعلام أمريكية عن مسؤولين عسكريين أن موسكو حذرت القوات الأمريكية من أنهم وجّهوا ضرباتٍ جوية ضد مسلحي قوات “مغاوير الثورة” المتحالفين مع الولايات المتحدة جنوب شرق سوريا.

ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤول عسكري أمريكي قوله، إن المسؤولين العسكريين الروس أخطروا الأمريكيين نيّتهم الهجوم قبل 35 دقيقة من بدئه.

ورغم وجود قنوات اتصال بين الطرفين لتحذير كل منهما الآخر لتجنّب أي خطأ أو سوء تقدير أو تداخل في العمليات العسكرية، لكن لا تزال هناك تخوفات من الطرفين باحتمالات اشتعال حرب مباشرة أو عبر القوات الحليفة لهما.

ففي الأسبوع الثالث من يونيو، أي بعد نحو أسبوع على الهجوم الجويّ الروسيّ على قاعدة “التنف” التي توجد فيها قوات أمريكية وأخرى من دول التحالف وقوات محلية، حلقت مقاتلتان روسيتان في أجواء قريبة من طائرات أمريكية مسيرة كانت تنفذ مهمة قتالية ضد أحد قياديي “داعش” ما دفع واشنطن إلى تحذير الطائرتين من خلال استدعاء مقاتلتين أمريكيتين إلى المنطقة.

ونقلاً عن مسؤولين أمريكيين، أشارت “واشنطن بوست” إلى أن مسؤولين عسكريين في سوريا وثّقوا تهديدات عسكرية روسية لمقاتلات أمريكية، دون أن يطلب الجانب الروسي موافقة مسبقة من الأمريكيين وفق ما هو معمول به ومتفق عليه بين الجانبين.

ومنذ التدخل العسكري الروسي في سوريا في سبتمبر/أيلول 2015، اتفقت موسكو وواشنطن على وضع آليات مشتركة عبر قنوات اتصال يقوم من خلالها أي جانب منهما بإخطار الجانب الآخر بالعمليات العسكرية والأنشطة الأخرى لتجنب أي سوء تقدير من أحدهما.

وعلى مدى سنوات طويلة، قلّما حدثت احتكاكات بين الولايات المتحدة وروسيا إلا في حالات نادرة.

في فبراير/شباط 2018، هاجمت طائرات أمريكية أرتالاً لقوات معظمها من شركة “فاغنر” الروسية ومن قوات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وأخرى حليفة لقوات النظام في ريف دير الزور، لمنعها من الوصول إلى حقل “كونيكو” النفطي الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” الحليفة للولايات المتحدة والمدعومة منها.

وبعد تعيين الجنرال مايكل إريك كوريلا، رئيساً جديداً للقيادة المركزية الأمريكية أواخر يونيو الماضي، أولى اهتماماً إضافياً بالتوترات الأمريكية مع كل من إيران وروسيا في سوريا، من خلال عدد من اللقاءات مع قيادات عسكرية من التحالف الدولي في قاعدة “التنف” لبحث سبل تجنّب سوء التقدير أو مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تؤدي إلى صراع غير ضروري، مع التأكيد على أن قوات بلاده “ستدافع عن نفسها، ولن تتردد في الرد”.

ولا يستبعد محللون غربيون احتمالات الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث لكليهما تواجد عسكري لدعم أطراف متحاربة.

ووفق تقديرات غربية، تحتفظ روسيا بأكثر من خمسة آلاف جندي وعشرات المقاتلات في قاعدة “حميميم” مركز قيادة القوات الروسية، بينما تنشر الولايات المتحدة أكثر قليلا من 900 جندي معظمهم مدربين واستشاريين، وبينهم جنود قوات متخصصة بالإنزالات الجوية لمطاردة عناصر “داعش” والقبض عليهم.

وتدعم الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وهي ميليشيات محلية مرتبطة بمنظمات تصنفها الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب، مثل تنظيم “بي كي كي”، وهي على خلاف مع قوات النظام، وسبق أن قاتلا بعضهما في شمال شرق سوريا.

بينما تدعم روسيا قوات النظام السوري والقوات المتحالفة معه المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، وقوات أخرى محلية تدعمها روسيا.

ويعتقد مسؤولون روس أن الولايات المتحدة تستخدم قاعدة “التنف” لتدريب وتسليح “مقاتلين متطرفين تكلفهم بتنفيذ هجمات إرهابية في سوريا، وفق تصريحات المبعوث الخاص للرئيس الروسي لسوريا ألكسندر لافرنتيف، منتصف يونيو الماضي.

ومنذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير الماضي، والأحاديث التي تتناقلها وسائل الإعلام المحلية والأجنبية عن تقليص روسيا وجودها العسكري في سوريا، والتدخل الأمريكي إلى جانب أوكرانيا ورغبتها في التضييق على الوجود الروسي في سوريا، بدا واضحاً أن الملف السوري عاد إلى أولويات اهتمام الإدارة الأمريكية.

ويأتي ذلك في محاولة لملء الفراغ الذي قد تخلّفه روسيا في سوريا، لمنع إيران من استغلال ذلك بالتزامن مع تصاعد حدة التوترات بين إسرائيل والأردن من جهة، وإيران من جهة أخرى، في ظل دعوات أردنية لتشكيل تحالف أمني إقليمي لمواجهة تهديدات القوات الحليفة لإيران على حدود الأردن الشمالية.

ويرى خبراء أن مزيداً من انسحاب القوات الروسية أو تقليل مستوى الدعم الجوي لقوات النظام السوري سيدفع القوات المرتبطة بإيران لتكثيف تمركزها في مواقع ومناطق كانت تتحاشى الوصول إليها للحفاظ على علاقاتها مع روسيا في سوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى