بحيرة النفط الدائم والبوابة بحرية.. لماذا لا تتحول البصرة إلى عاصمة العراق الاقتصادية؟
تُعد البصرة جنوبي العراق من أكثر محافظات البلاد الغنية كونها تطفو على بحيرة من النفط وتمتاز بالقطاعات الاستثمارية المتمثلة بالطاقة والصناعات التحويلية والزراعة والإنتاج الحيواني والثروة البحرية، بالإضافة إلى السياحة وقطاع النقل والتخزين.
كما أن البصرة رئة العراق البحرية المطلة على الخليج العربي بساحل يمتد 58 كيلومترا من رأس البيشة وحتى ميناء أم قصر جنوبا، إضافة إلى أنها تصدر أكثر من 90% من صادرات الذهب الأسود العراقي.
وعلى مدار السنوات الـ 50 الماضية، كانت البصرة من أوائل المحافظات العراقية في زراعة النخيل لامتلاكها 13 مليون نخلة، أما فحاليا فقد انحسر العدد إلى 2.8 مليون نخلة فقط بسبب المد الملحي والتجريف الحاصل، فضلا عن آثار حرب 8 سنوات مع إيران وحرب الخليج الثانية، وفق بيانات دائرة زراعة البصرة.
العاصمة الاقتصادية
يقول مراقبون “قانون البصرة عاصمة العراق الاقتصادية” حاله ككثير من القوانين التي تُشرع ولا تُطبق، ويعتقد هؤلاء أن هذ القانون يمكن أن يحدث ثورة تنموية واقتصادية شاملة وينهض بالمستوى المعيشي والاقتصادي للمواطن البصري والاستثمار الأمثل للموارد الاقتصادية والبشرية، فضلا عن دوره في تطوير البنى التحتية وتوسيع الموانئ بما يتناسب مع الموقع الإستراتيجي للمحافظة.
ويُعنى هذا القانون بوضع الأساس القانوني والإداري لمواكبة تطور مراكز التجارة في المنطقة بإنشاء مركز تجاري عالمي في البصرة وبناء مناطق تجارية حرة ضمن الحدود الإدارية للمحافظة تطبق عليها الأحكام القانونية الخاصة بالمناطق الحرة وترتبط بأمانة العاصمة الاقتصادية.
بعد جدال سياسي استمر منذ العام 2010 حول قانون البصرة عاصمة العراق الاقتصادية، استطاع مجلس النواب تشريعه عام 2017 إلا أنه حتى الوقت الحالي لم يتم تطبيقه.
ويتطلع البصريون لهذا القانون الذي من شأنه أن ينقل المحافظة لمصاف جديدة. ويصف المواطن أحمد الياسري القانون بالجيد بعد الاطلاع على بنوده، لكنه توقع في حديثه للجزيرة نت عدم تطبيقه كونه يتعارض مع صلاحيات المحافظة من جانب والشركات الأجنبية العاملة لديها من جهة أخرى.
من جهتها حملت الموظفة في القطاع العام بمحافظة البصرة إلهام العابدي الحكومة المركزية مسؤولية عدم تطبيق القانون، وقالت إنها لم تنصف محافظة البصرة، مضيفة “الحكومة تطبق القوانين التي تدر عليها الأموال وليست على الشعب”.
غياب المخصصات المالية
رغم مرور أكثر من 5 سنوات على تشريعه بمجلس النواب لم يطبق “قانون البصرة عاصمة العراق الاقتصادية” فعليا لعدة عوامل منها غياب المخصصات ضمن الموازنة العامة، حسب النائب عن محافظة البصرة زهرة البجاري.
وتحدثت البجاري في تصريح للجزيرة عن “تحرك برلماني لتنفيذ القانون من خلال إدراج مخصصاته ضمن الموازنة المقبلة”.
ودعت الحكومة إلى المضي في تطبيق القانون ضمن موازنة العام 2023، كما طالبت الحكومة المحلية في البصرة برصد الأموال اللازمة من خلال الميزانية المرصودة للمحافظة لوضع اللبنة الأساسية لتطبيق القانون الذي طال انتظاره.
الأهمية الشعبية
من جانبه، قال الباحث الاقتصادي بسام رعد “اعتبار البصرة عاصمة العراق الاقتصادية سيؤدي إلى تنمية اقتصادية شاملة ويوفر الآلاف من فرص العمل عبر المشاريع التي ستنجز على أرض المحافظة”.
وقال رعد، “نوعية البنى التحتية والخدمات الأساسية في المحافظة دون المستوى المطلوب بسبب الحروب التي مرت عليها”.
وأضاف “المحافظة تعاني التهميش المالي والإقصاء الإداري، وباتت مستحقاتها المتأخرة من مداخيل النفط والمنافذ الحدودية التي تقع على كاهل الحكومة المركزية تُقدر بتريليونات الدنانير”.
هذا الوضع دفع أبناء المحافظة ونوابها للمطالبة بمنح الحكومة المحلية المزيد من الصلاحيات الإدارية والمالية، وإطلاق مستحقات البصرة المالية لغرض إكمال مشاريع البنى التحتية والمشاريع المتعثرة ومشاريع المياه، إلا أن مطالباتهم لم تلق آذانا صاغية، وفق الباحث الاقتصادي .
جذب الاستثمار الأجنبي بقطاع النفط في البصرة
حول مساهمة القانون في جذب الاستثمار الأجنبي في قطاع نفط نحو البصرة، يقول الأكاديمي الاقتصادي بجامعة البصرة الدكتور نبيل المرسومي “القانون لن يستطيع توفيرها كون النفط يعد من الأصول الاتحادية خصوصا بعد قرار المحكمة الاتحادية الأخير الذي وضع التصرف بنفط البلاد من شماله إلى جنوبه تحت إدارة مركزية واحدة”.
وأضاف المرسومي، “من الممكن أن تتحول البصرة إلى أهم المدن الاقتصادية عالميا في حال استقرت أوضاعها السياسية والأمنية، مما سيؤثر إيجابا على تدفق الاستثمارات الأجنبية نحو قطاع الصناعة النفطية والبتروكيمياويات والصناعات التحويلية والتكرير وغيرها” مؤكدا أهمية تفعيل القانون وتوفير المحفزات والدعم لنجاح تطبيق القانون.