افشاء السلام والمجلس الإسلامي للإفتاء يقيمان المؤتمر الأول بعنوان “ميثاق المحكّمين بخصوص دعاوى الهدايا والمهر والحضانة”
موطني 48/عبد الرحمن أشراف
أقامت لجنة افشاء السلام المحلية في باقة الغربية والمنبثقة عن لجنة المتابعة بالتعاون مع المجلس الإسلامي للإفتاء مؤتمرا بعنوان “ميثاق المحكّمين بخصوص دعاوى الهدايا والمهر والحضانة” والذي أقيم أمس الجمعة في مدينة باقة الغربية.
وشارك في المؤتمر العشرات من القضاة والأئمة والدعاة والمحامين والمأذونين والمحكّمين وأهل العلم الشرعي ممن تهمهم القضايا من هذا النوع.
وافتتح الحفل رئيس بلدية باقة الغربية السيد رائد دقة، الذي رحب بالحضور وأكد “على أهمية هذه المبادرة كونه لن يحل مشاكلنا سوانا، لذلك علينا المبادرة لإقامة مثل هذا المبادرات المبنية على القيم والأخلاق والأسس الإسلامية الصحيحة”.
وأضاف دقة، “الإسلام نظم العلاقات في المجتمع في جميع المجالات، الاقتصاد والسياسة والحكم والعقوبات والمعاملات والنظام الاجتماعي كذلك، فالإسلام لم يترك بابا إلا ونظمه على العدل وأسس متينة، والعلاقة الاجتماعية بين المرأة والرجل تقوم على المودة والرحمة والحفاظ على هذه العلاقة أمر مهم وضروري”.
بدوره قال الشيخ مشهور فواز رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء في كلمته، أن “الهدف من المؤتمر ليس القضاء على مشكلات الحياة الزوجية والأسرية أو القضاء على ظاهرة الطلاق، إنما الهدف من المؤتمر أن يكون الفراق بإحسان إن تعذر الوفاق بين الزوجين وأن لا يترتب على هذا نزاعات وخلافات وغيره من المشاكل بين الزوجين”.
وأكد فواز أن “هذا المؤتمر ليس التفافا على أي جهة كانت، إنما نحن مساعدين ومكملين لغيرنا، فلا يخفى لأحد ما يترتب على دعاوي الشقاق والنزاع بين الزوجين قد تنتهي في حالات كثيرة للقتل والحرق والاعتداء وشتى أنواع العنف”.
وأضاف، “السبب في ذلك يعود لأمور متعددة من أهمها ضعف الوازع الديني وغياب التربية والتهذيب وكذلك عدم الوضوح في العلاقة المالية بين الخاطبين أو الزوجين فلا ندري إن كانت الهدايا المقدمة على سبيل المودة بينهما أم على أنها جزء من المهر المتفق عليه مما يؤجج الخلاف أكثر”.
وفي ذات السياق قال القاضي محمد أبو عبيد في كلمته، ” أن فكرة البيت السعيد ليست فكرة مستحيلة وأن الوصول إليها ممكن بتظافر الجهود والإرادات فلقد رأينا آباءنا وأجدادنا كيف كانت بيوتهم سعيدة رغم الصعوبات والتحديات التي واجهتهم”.
وقدم أبو عبيد بعض الملاحظات قائلا “أن جهاز المحاكم الشرعية هو جهاز قضائي هدفه أن يفصل الخصومة، أما الجانب التربوي والدعوي فبالرغم من أنها لا تغيب عن أعين القضاة إلا أنها ليست في صلب العمل القضائي”.
وأضاف، “أن عملية التحكيم شبيه بالمسار القضائي رغم تحرر الحكمين من أصول الإجراءات، وأن عملية التحكيم ليست عملية تربوية، ولذلك فمن يظن أن عملية التحكيم كفيلة بالإصلاح الأسري فإنه يوهم نفسه، فغالبية قضايا التحكيم تنتهي بالتفريق والطلاق لا بالإصلاح”.
وتابع أبو عبيد، “إن دخول الأسر إلى المحاكم القضائية بذاته مدعاة لتأجيج الشقاق والنزاع وترسيخه، فالشكوى بحد ذاتها خصومة”.
وأوضح أبو عبيد، “لا شك أن القاضي مأمور بالإصلاح، ولكن هذا الأمر يأخذ جهدا ووقتا وقد لا يتسنى للقاضي ذلك بسبب كثرة القضايا عنده”.
ونصح أبو عبيد بإقامة دورات تدريبية وتثقيفية للأزواج لكيفية التعامل مع الزوج الآخر وأيضا دورات في كافة المجالات مما يساهم ببناء الأسر بشكل صحيح.
ودعا أبو عبيد، المسؤولين وأصحاب الشأن إعطاء الاهتمام الكافي لقضايا الاسر من خلال إنشاء فعاليات ثقافية وتربوية ودعوية وترفيهية على مستوى القرى والمدن من أجل خلق جو سليم يخرج الناس من دائرة الهموم والمشاكل لدائرة التفكير الإيجابي.
وختم كلامه بالقول، “على لجان الصلح والدعوة في القرى والمدن العمل على نشر الفضيلة بين الناس ومحاولة حل الخلافات الأسرية بعيدا عن المحاكم القضائية مما يؤجج النزاعات بين الناس”.
من جانبه نوه المحامي محمد أبو طعمة نائب رئيس نقابة المحامين، إلى قضية العقد الخارجي والذي يعود لأسباب كثيرة دون النظر للأبعاد السيئة لهذا الموضوع، وفي ضل فساد الذمم الموجود بين الناس تحصل الكوارث دون أن ينتبه لها الكثير من الناس.
وفي نفس الجانب قالت عرين طوقان مديرة نقابة المرافعين الشرعيين في كلمتها، أن “النظام الأسري آيلٌ للانهيار، ويعود ذلك لأسباب كثيرة لا يسع المقام هنا لذكرها أو تفصيلها، ولكننا في نقابة المرافعين الشرعيين تنبهنا لها منذ زمن طويل وعملنا على إيجاد الحلول من خلال تنظيم دورات وورشات عمل لتأهيل العاملين في هذا المجال”.
وأضافت طوقان، “الهدف من كل هذا الحصول على المعرفة الشرعية التي تغطي الجانب الشرعي والقانوني والتربوي في التعامل مع مسائل ومشاكل الأسرة والسبل إلى حلها مع ما يناسب الحكم الشرعي”.
وتابعت “إن الإصلاح الأسري بات محصورا فقط بالمُحكَمِين الذين تعينهم المحكمة الشرعية، وبالتأكيد هذا لا يكفي لحل كافة المسائل والمشاكل الأسرية العالقة مما يجعل المجتمع يعاني من حلقات ناقصة بحاجة لملأها”.
وبدوره قال الشيخ رائد صلاح رئيس لجان افشاء السلام، “أننا في لجان السلام منذ البداية حرصنا على أن نتواصل مع كافة القيادات الدينية من جميع الطوائف في بلادنا على اختلافها، الإسلامية والمسيحية والدرزية، ولذلك كان لنا هذا التعاون مع المجلس الإسلامي للإفتاء”.
وأكد الشيخ في كلمته على أهمية بنود لجان افشاء السلام وأهمية تذويتها داخل البيوت في مجتمعنا من أجل الحصول على وقاية من المشاكل التي قد تقع مستقبلا، فلجان السلام تطمح ليس لإيجاد علاج للمشكلة بعد وقوعها بل للوقاية منها والحيولة دون حصولها أصلا.
وأوضح الشيخ، أن المواثيق ليست من أجل الإبداع الإنشائي، بل نجتهد لتطبيقها متوكلين على الله مع معرفتنا بالظرف الصعب الذي نمر به، ونمد يدنا لكل يد تمد إلينا لتذويد كل بند من هذه المواثيق على أرض الواقع، فنحن سائرون والطريق طويل.
وأوصى المؤتمر في مخرجاته ببعض النقاط أهمها:
يوصي ميثاق المحكّمين الأئمة والخطباء والوعاظ بحثّ الأهالي من خلال الدّروس والخطب والمواعظ على ما يلي :
- تخفيف مصاريف ونفقات الخِطبة وأن تكون بأضيق دائرة.
- عدم إطالة مدة الخِطبة وذلك لأنّ الخِطبة هي مرحلة تعارف بين الشّاب والفتاة في بيت أهل الفتاة وفق الضوابط والحدود الشرعية.
- بما أنّ الخِطبة وعد بالزواج واحتمال الفسخ فيها وارد بقوة فهذا يقتضي ألاّ يكون هنالك مبالغة في تقديم الهدايا والذّهب وبالوقت نفسه عدم التّجاوز والتّمادي في حدود العلاقة بين الخاطبين.
فالاختصار في مصاريف ونفقات ومدة الخِطبة والتزام الحدود والضوابط الشّرعية بين الخاطبين يحقق الفسخ بإحسان دون نشوب خلافات بين الخاطب وأهل المخطوبة في حال عدم الانسجام بينهما.