في الحلقة الثانية من برنامج “هذه شهادتي”: الشيخ كمال خطيب يتحدث عن عائلته ومرحلة الطفولة والشباب المبكرة وأيام الحكم العسكري
طه اغبارية، عبد الإله معلواني
–واصل الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا ونائب رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليا، الإدلاء بشهادته في الحلقة الثانية من برنامج “هذه شهادتي” مع الإعلامي عبد الإله معلواني، وذلك عبر شاشة “موطني 48”.
–وتمحورت الحلقة الثانية، حول مرحلة الطفولة والشباب التي عاشها خطيب في مسقط رأسه قرية العزير وعمله في فلاحة الأرض ورعاية الأغنام والأبقار التابعة للأسرة، إلى جانب حديثه الوجداني عن المرحومين والده ووالدته التي تزوجها والده بعد استشهاد زوجها إبان النكبة الفلسطينية.
رائحة الطابون وفلاحة الأرض والرّعي
في سؤال عن المحطات التي تحدث فيها عن نفسه وعن الآخرين في كتابه “نبش الذاكرة – سيرة داعية ومسيرة دعوة”- صدر مؤخرا- اعتبر الشيخ كمال خطيب أن “الحديث عن النفس أو عن الآخرين ليس سهلا لأنه يمكن أن يوقع الإنسان في محظور الاعتداد بالنفس، ولكن الأصعب من ذلك هو الحديث عن الآخرين لا سيما إن كانوا ممن توفاهم الله، لذلك اجتهدت أن أظهر الحقيقة كما هي”.
عن نشأته وحياته في قريته العزير، قال إنه من مواليد عام 1962 وأنه لا توجد رواية ثابتة حول أسباب تسمية قريته بـ “العزير” رغم ما قيل عن كونه مستقى من نظرة القرآن الكريم عن “العزير” وبالرغم من وجود مقام في البلدة بهذا الخصوص، غير أن الحقيقة غير معروفة لا سيما وأن الاسم تتنازعه أكثر من منطقة منها “العيزرية” في القدس المحتلة ومدينة كبيرة شمال العراق.
وتحدث عن “عمله في رعي الأغنام والأبقار وفلاحة أرض عائلته في سهل البطوف في مرحلة الشباب المبكرة وخلال دراسته في المرحلة الثانوية، لافتا إلى أن العمل في الرعي والفلاحة كانت في تلك الفترة مثل “خدمة العلم”، مؤكدا اعتزازه بهذه المرحلة من حياته لأنها “جزء من هوية الفلسطيني، كسب عيشه من الأرض وارتباطه بعلاقة وجدانية ووجودية معها”.
عن منزل عائلته والمشاهد التي لا يمكن أن تفارق ذاكرته، أضاف: “بيتنا كان متواضعا جدا، غرفة للوالدين وغرفة لنا وغرفة لعمي، وكانت حظيرة الماشية على بعد أمتار من غرفنا، هذه المشاهد ستبقى عالقة في الذاكرة، سأتذكر دائما كيف كان كمال الفتى يخرج صباحا لرعي الأغنام والأبقار، ثم في المساء يساعد أمه في حلب المواشي، ولن أنسى كذلك رائحة دخان الطابون في بيتنا وشقاوتنا كأطفال وفتيان ولعبنا بين الأزقة. في الحقيقة كانت هذه هي صورة القرية الفلسطينية عموما في تلك الفترة”.
المَربى.. والخال الشهيد والوالدة أرملة الشهيد
كشف الشيخ كمال خطيب أن “والدته وقبل زواجها بوالده كانت متزوجة من الشهيد محمد مصطفى العيسى من قرية عيلوط والذي ارتقى إبان أحداث النكبة خلال مجزرة نفذتها العصابات الصهيونية في قرية عيلوط بتاريخ 21/7/1948 أسفرت كذلك عن استشهاد 22 شابا من أهل عيلوط كان من بينهم خاله الشهيد محمد إبراهيم الصالح.
وزاد في استدعاء مراحل من حياته المبكرة مستذكرا أيام: صابون الراعي، والنرجس والسنديان والخروب وغيرها من خيرات ونباتات أرضنا المباركة. وقال “كانت هذه الأسماء جزءا من قاموس الطفل الفلسطيني لا سيما في القرية”.
كذلك تحدث عن شظف الحياة في تلك الأيام وكيف كان “يكوي ملابسه خلال دراسته في المرحلة الثانوية بوضعها تحت فراشه حتى تصح بعض الشيء”، هذا إلى جانب معاناة والده والناس في تلك الفترة إبان الحكم العسكري الذي بقي حتى العام 65.
ورى بعض الحكايات الطريفة من مرحلة الشباب، من بينها ما حدث حين وجدت والدته بعض السجائر مخبأة على سطح المنزل وأنها كانت له غير أن العقوبة على هذه الفعلة كانت لأخيه جمال لأن “الوالد والوالدة لم يشكوا أنني الفاعل” يقول.
وقال إن الانخراط مع الأهل في أعمالهم في تلك المرحلة من حياته ساهمت كثيرا في تحمله للمسؤولية الفردية، والجماعية لاحقا.
كذلك استدعى الشيخ كمال خطيب محطات من حياته خلال دراسته في مدرسة “التراسطنة” الثانوية الأهلية التبشيرية في مدينة الناصرة، مشيدا بجهود معلميه والمعلمين في تلك المرحلة عموما. ودعا جمهور المعلمين اليوم إلى ترسيخ البعد الرسائلي في مهنتهم أكثر من اعتبارها فقط وسيلة للكسب المادي.
معركة الهوية على الوعي
تطرق الشيخ كمال خطيب خلال الادلاء بشهادته إلى الفترة الماضية من حياة شعبنا أيام الحكم العسكري وقبلها وبعدها بقليل وكيف عملت المؤسسة الإسرائيلية على مسخ هوية شعبنا بعد الانتصار عليه عسكريا في النكبة، مستذكرا أيام كانت الاعلام الإسرائيلية تدخل إلى المدارس ضمن الاحتفاليات التي تقام فيها بما يسمى “يوم الاستقلال” وكيف عملت السلطات على مسخ وتشويه مناهج التعليم.
وقال إن هذه التناقضات التي كانت في حياة شعبنا في تلك المرحلة، هناك من يعمل اليوم على إعادتنا إليها، مضيفا “لمّا ظهر الوعي الديني والوطني وتحررنا من مشاريع الأسرلة واعتززنا بديننا وهويتنا الفلسطينية العربية والإسلامية وظهرت الصحوة الدينية والوعي الوطني، هناك اليوم من يريد عبر حالة اذدناب وتبعية للأحزاب الصهيونية أن يعيدنا إلى تلك الحقبة في الستينيات والسبعينيات أيام كان بعض العرب ضمن الأحزاب الصهيونية وكان ولاؤهم للدولة. الآن توجد أحزاب عربية وفلسطينية وإسلامية تؤدي نفس الدور، ولكن بغلاف آخر. من يتحدث عن يهودية الدولة بتقديري لا يختلف عمّا كان يومها. من يقول إن اسرائيل قامت لتبقى لا يختلف عما كان حينها، الفرق أن ذلك يومها كان مفروضا علينا، ولكن هؤلاء يختارون اليوم التبعية ومشاريع الأسرلة بصورة طوعية”.
وسرد الشيخ كمال جوانب من حياته في المرحلة الثانوية وكيف طُرد من إحدى الحصص حين اعترض على مضمون فيلم عن السيد المسيح عليه السلام، أو كيف كتب موضوعا في الانشاء لمّح فيه إلى رفضه لزيارة السادات المشؤومة إلى البلاد واتفاقية كامب ديفيد، ثم كيف تبنى مدير المدرسة المسيحية التي درس فيها قراءته لآيات من القرآن الكريم من سورة “مريم” وكيف جرى اعتماد هذه التلاوة بصوته عبر مكبرات الصوت في المدرسة لفترة طويلة.