هل تنجح مبادرة “رئاسي ليبيا” للمصالحة وسط الأزمة المتصاعدة؟
يطلق المجلس الرئاسي الليبي رؤيته الاستراتيجية لمشروع المصالحة الوطنية، الخميس، بعد انتهاء أعمال اللجان المكلفة بإعدادها، وسط تصاعد للأزمة في أعقاب انتهاء خارطة الطريق الأممية دون التمكن من إجراء انتخابات، وتنازع حكومتين للسلطة في البلاد.
وبينما تصطدم الاستراتيجية الجديدة بعقبات كبيرة بفعل الأزمة المركبة التي تشهدها ليبيا، يرى محللون أن المبادرة قد تنجح إذا تضمنت فصلا يخص العدالة الانتقالية وجبر الضرر ومحاسبة المتورطين في مختلف الانتهاكات.
وفي 9 حزيران/ يونيو الجاري، أعلن المجلس الرئاسي الليبي قرب إطلاق مشروع المصالحة الوطنية الشاملة الذي يعد المهمة الأولى له بحسب تكليفه من ملتقى الحوار السياسي.
وأوضح المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي حينها، أن هذه المرحلة تشمل “إعداد صيغة لدمج وتعديل قوانين العدالة الانتقالية، للبدء في توسيع دائرة المشاركة النخبوية والمجتمعية، من أجل إثراء هذا المشروع الوطني، لتحقيق الملكية الليبية الواسعة له للمساهمة في تأسيس دولة مستقرة ومجتمع ينعم بالأمن والسلام والمحبة”.
وأكد المكتب الإعلامي أن المجلس الرئاسي يسعى لإنجاز مشروع قانون المصالحة الوطنية، من أجل إعادة الاستقرار والسلم الاجتماعي إلى البلاد.
“حافظ على الحياد”
وبينما لم يقدم المجلس الرئاسي أي تفاصيل حول خطته للمصالحة، يرى الكاتب والمحلل السياسي، عبد الله الكبير، أن المصالحة الوطنية تعتبر من مهام المجلس حسب خارطة الطريق، مشددا على أن الأخير نأى بنفسه عن الانخراط في الصراع، محافظا على الحياد والوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف ولم يستجب لمختلف الاستفزازات الصادرة من معسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وقال الكبير، إن المجلس الرئاسي مد جسور التواصل مع المهجرين في الداخل والخارج والتقى أعضاء بقيادات من النظام السابق، “وهذا لاشك رصيد لابأس به في سجل المجلس”.
ويعتقد المحلل السياسي أن مبادرة المجلس “قد تنجح إذا تضمنت فصلا يخص العدالة الانتقالية وجبر الضرر ومحاسبة المتورطين في مختلف الانتهاكات”. لكن الكبير قال “لم نر أي جهد ملموس في هذا الشأن، فالمهجرون بالداخل على سبيل المثال ما زالوا في المهجر”.
وفي تعليقه على مشاركة رئيس مجلس النواب في خطة المجلس قال الكبير، “أتوقع أن عقيلة صالح سينتهز هذه الفرصة ليعلن تأييدها وانحيازه التام لها لأنه مسؤول بشكل مباشر عن جرائم قوات حفتر في ترهونة وجنوب طرابلس، ولكي يفلت من المحاسبة سيظهر في خطابه كحمامة سلام لطالما دعت للتآخي والوئام والمحبة بين أبناء الشعب”.
“فاقد للقيمة”
وعلق رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أحمد حمزة، على إعلان المجلس الرئاسي عن موعد إطلاق الرؤية الاستراتيجية لمشروع المصالحة الوطنية، بالقول، إنه “ليس من المنطق بعد مضي سنة ونصف يتم الآن الإعلان عن رؤية مشروع المصالحة الوطنية”.
وتابع في تعليق على حسابه بـ”تويتر” إنه “بعد عام من الإعلان عن تأسيس المفوضية العليا للمصالحة الوطنية، تأخير التفاعل والتعاطي مع أولويات المرحلة من جانب الرئاسي لا يُسهم في إنجاح المشروع المنشود، بل يُفرغه من محتواه ويفقده قيمته”.
أعتقد أنه ليس من المنطق بعد مضي سنة ونصف يتم الآن الإعلان عن رؤية مشروع المصالحة الوطنية، بعد عام من الإعلان عن تأسيس المفوضية العليا للمصالحة الوطنية، تأخير التفاعل والتعاطي مع أولويات المرحلة من جانب الرئاسي لا يُسهم هذا إنجاح المشروع المنشود وإنما يُفرغه من محتواه ويفقده قيمته https://t.co/84UHzZA8Qk
— أحمد حمزة Ahmed Hamza (@Ahmedhkhamzagm1) June 18, 2022
وتتصاعد في ليبيا المخاوف من انزلاق البلاد لحرب أهلية بعد انقسام حصل على خلفية تنصيب مجلس النواب فتحي باشاغا رئيسا لحكومة جديدة، بدلا من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي وفق برلمان جديد منتخب.
وتعذر إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية كانت مزمعة في 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، جراء خلافات بين المؤسسات الرسمية الليبية حول قانون الانتخاب ودور القضاء في العملية الانتخابية.