“عدالة” يستأنف ضد إغلاق ملف التحقيق بانتهاكات الشرطة خلال قمع مظاهرة أم الفحم
قدم مركز عدالة، مساء الإثنين الماضي، استئنافا للنيابة العامة ضد قرار وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة (ماحاش) إغلاق ملف التحقيق في انتهاكات الشرطة خلال قمع مظاهرة أم الفحم، يوم 26 شباط/ فبراير 2021، والتي أصيب فيها عشرات المتظاهرين، بينهم رئيس بلدية أم الفحم، د. سمير محاميد، والنائب السابق د. يوسف جبارين.
وقُدّم الاستئناف بواسطة المحامي عدي منصور من مركز عدالة باسم رئيس بلدية أم الفحم والنائب السابق د. يوسف جبارين وثلاثة متظاهرين آخرين أصيبوا خلال قمع المظاهرة، وطالب الاستئناف النيابة العامة بأمر وحدة التحقيق فتح تحقيق جنائي ومحاسبة جميع الضالعين في الاعتداء على المتظاهرين، إضافة إلى نشر التعليمات الشُرطية المحدثة حول استخدام وحدات المستعربين في المظاهرات.
ومما يُذكر أن الشرطة استخدمت خلال قمع المظاهرة الرصاص المطاطي والمياه العادمة وقنابل الصوت وقنابل الغاز المسيل للدموع، كما اعتدت بالضرب بالهراوات على المتظاهرين بعد خطوات قليلة خطاها المتظاهرون بعد انطلاق المسيرة حاملين على أكتافهم توابيت مرقّمة بعدد ضحايا الجريمة، احتجاجا على تفشي الجريمة وتواطؤ الشرطة.
وعلى إثرها قدم مركز عدالة شكوى، يوم 30 آذار/ مارس 2021، إلى وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة “ماحاش” تشمل توثيق مقاطع مصورة من اعتداءات الشرطة غير الشرعية تجاه المتظاهرين، كما تبين المقاطع أنّ الشرطة انتظرت نزول المتظاهرين إلى الدوار الرئيسي لأم الفحم واستعدت لقمعهم والاعتداء عليهم ما أسفر عن إصابة العشرات، بينها إصابة مباشرة وخطيرة في الرأس تم إحالتها إلى عملية جراحيّة. وتم تصوير جميع الاعتداءات وانتهاكات الشرطة بواسطة بعض المتظاهرين، وتظهر هذه المقاطع أن الشرطة، على ما يبدو، خططت لقمع المظاهرة قبل أن تبدأ وقامت بانتهاكات وممارسات غير قانونية أدت إلى إصابات جسدية وجسيمة.
وعلى الرغم من الأدلة الواضحة لانتهاكات الشرطة واعتدائها غير القانوني ضد المتظاهرين، تلقى مركز عدالة رسالة من وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة (ماحاش)، يوم 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، مفادها إغلاق ملف الاعتداء على المتظاهرين ورفض التحقيق بالقمع الوحشي لمظاهرة الغضب في الأسبوع السابع للحراك الفحماوي، ويأتي هذا القرار بعد مرور ما يقارب تسعة شهور على المظاهرة.
وأكدت مواد التحقيق التي تم دراستها من قبل المحامي عدي منصور والطاقم القانوني في مركز عدالة انتهاكات قانونية عديدة من قبل الشرطة الإسرائيلية، وأن وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة لم تقم بالتحقيق بهذه الانتهاكات أو حتى بإجراء فحص أولي بخصوصها، وعليه قدم مركز عدالة استئناف للنيابة.
وأهم ما جاء في استئناف عدالة: “تضارب المصالح البنيوي في اتخاذ القرارات مكتب النائب العام الذي كان شريكا باتخاذ قرار إغلاق الملف، هو نفس الجسم الذي يقرر بالاستئناف على قرار الإغلاق. لا يوجد أساس للادعاء بعدم قانونية المظاهرة – كونه لا يوجد مبرر لطلب المتظاهرين الإذن بتنظيم التظاهرة وفق القانون، وحتى وإن وجب استصدار ترخيص للمظاهرة فإن هذا لا يبرر الاعتداء على المتظاهرين بهذه الوحشية وقمع التظاهرة الشرعية باستخدام القوة المفرطة. استخدام العنف المفرط من قبل الشرطة – والذي شكل خطرا على المتظاهرين كالرصاص المطاطي، والمياه العادمة، وقنابل الصوت قنابل الغاز المسيل للدموع، والصاعق الكهربائي، والهراوات، كان غير قانوني وبتناقض تام مع التعليمات القانونيّة التي تحدد استعمال هذه الأدوات. اعتداء مع سبق الإصرار والترصد – تشير المواد التي حصلنا عليها من وحدة التحقيق في الشرطة أن قرار قمع المظاهرة تم اتخاذه مسبقا وقبل بدء المظاهرة. استخدام وحدة المستعربين – من خلال الاطلاع على مواد التحقيق تبين أن قرار استخدام وحدة المستعربين كان قبيل بدء المظاهرة بهدف اعتقال ‘متظاهرين مركزيين’ ودون وجود أي تهمة جنائية ضدهم، ويؤكد مركز عدالة في الاستئناف أن استخدام وحدات المستعربين بهدف ردع المواطنين من حقهم الشرعي بالتظاهر والاحتجاج يتناقض كليًا مع القوانين والحقوق. عدم التحقيق – يتبين من مواد الملف أن وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة (ماحاش) لم تقم بعمل خطوات تحقيق أساسية في الملف بما يتعلق بالانتهاكات التي تظهر من المواد، واكتفت بفحص سطحي غير مهني للمواد وسط تجاهل للانتهاكات الصارخة للقانون. كما لم تقم بفحص ظروف إعطاء الأوامر لاستخدام وسائل القمع بشكل عنيف كالمياه العادمة وقنابل الصوت والرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع دون مبرر، وقررت طوي الملف في تجاهل متعمد لكافة الانتهاكات بالرغم من خطورتها”.
وطالب مركز عدالة بفتح ملف تحقيق جنائي على الفور ومحاسبة جميع ضباط الشرطة والمسؤولين المتورطين. كما طالب مكتب المدعي العام بنشر جميع الإجراءات التي اتخذت قبيل إغلاق الملف رغم جميع الانتهاكات والأدلة المذكورة أعلاه.
وقال رئيس بلدية أم الفحم، د. سمير محاميد، إن “عدم فتح تحقيق من قبل وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة ‘ماحاش’ على الرغم من جميع البراهين التي قُدمت مريب ومحير، ونطالب بتحقيق العدل وعرضه على الملأ”.
وقال المحامي عدي منصور من مركز عدالة إن “عدوان الشرطة في هذه الحادثة لا يشير فقط إلى موقف الشرطة تجاه المواطنين العرب الفلسطينيين كعدو، بل يشكل أيضًا تعبيرًا عن التفوق العرقي وإنشاء أنظمة قانونية منفصلة على أساس الهوية العرقية والقومية. لقد بات إغلاق شكوى في وحدة ‘ماحاش’ ضد القمع العنيف لاحتجاج مشروع دون محاكمة ودون تحقيق فعلي، القاعدة التي تسير على خطاها السياسة الإسرائيلية. إنها نفس ثقافة الاستسلام والحصانة التي انتقدت في استنتاجات لجنة أور التي لم يتم تنفيذها أبدًا، والتي لا تفسر إلا على أن عشرات المدنيين الفلسطينيين يمكن أن يقتلوا على أيدي الشرطة دون محاكمة أي من المجرمين”.
وقال النائب السابق، د. يوسف جبارين، إن “تقارير الشرطة التي تم الكشف عنها أمامنا تؤكد على ما قلناه في الشكوى، وهو أن الشرطة خططت مسبقًا لتفريق المظاهرة بواسطة القوة والعنف، وخططت مسبقًا أيضًا لإجراء اعتقالات من خلال وحدة المستعربين، دون أي استناد شرعي أو قانوني. كما خططت للانتقام من المتظاهرين الذين تظاهروا ضدها طوال أسابيع بسبب مسؤوليتها وتواطئها مع الجريمة في المجتمع العربي. سنواصل نضالنا ضد تفشي الجريمة في المجتمع العربي وضد العنف الشُرطي والقوة المفرطة التي تنتهجها الشرطة تجاه المتظاهرين الشرعيين بينما تضعف وتتراجع أمام المجرمين”.