ثالث مبعوث أميركي للمنطقة في عام.. لماذا تُخفق واشنطن بالتعامل مع القرن الأفريقي؟
عينت واشنطن السفير مايك هامر مبعوثا أميركيا جديدا للقرن الأفريقي خلفا للمبعوث المنتهية ولايته السفير ديفيد ساترفيلد.
ويعد هامر ثالث مبعوث أميركي يتم تعيينه من قبل إدارة الرئيس جو بايدن للقرن الأفريقي، حيث كان جيفري فيلتمان، أول مبعوث يتم تعيينه في أبريل/نيسان 2021، وترك منصبه في يناير/كانون الثاني 2022. ثم عينت واشنطن الدبلوماسي ديفيد ساترفيلد للمنصب قبل أن يتركه في أبريل/نيسان الماضبين الاهتمام والتجاهل للقرن الأفريقي.
وقد شنت إثيوبيا في أواخر عام 2020 هجوما في إقليم تيغراي بعد هجوم على قاعدة عسكرية ألقي باللوم فيه على قوات جبهة تيغراي، وهو ما أشعل صراعا دمويا أدى إلى نزوح أكثر من مليوني شخص، دفع الإدارة الأميركية لاتهام حكومة أديس أبابا بالتطهير العرقي.
ودعت إثيوبيا، التي كانت تاريخيا شريكا للولايات المتحدة، إلى هدنة إنسانية إلى أجل غير مسمى في مارس/آذار الماضي، تسمح بتسليم المساعدات وتخفف المخاوف من المجاعة.
وفي بيان الخارجية الأميركية الذي صدر عند تعيين أول مبعوث أميركي للقرن الأفريقي، أشارت إلى أن الهدف هو قيادة جهد دبلوماسي دولي لمعالجة الأزمات السياسية والأمنية والإنسانية المترابطة في القرن الأفريقي.
وأشار البيان إلى أن أكثر ما يثير قلق الإدارة الأميركية 3 قضايا؛ وهي الوضع المتقلب في إثيوبيا، بما في ذلك الصراع في تيغراي، وتصاعد التوترات بين إثيوبيا والسودان، والنزاع حول سد النهوكان هامر سفيرا للولايات المتحدة لدى جمهورية الكونغو الديمقراطية مؤخرا، وقال عنه وزير الخارجية أنتوني بلينكن في بيان “أتطلع إلى الطاقة والرؤية التي سيمنحها السفير هامر لجهودنا في القرن الأفريقي”.
وأضاف أن تعيين هامر يعني “التزامنا الراسخ بالجهود الدبلوماسية في المنطقة، وعلى وجه السرعة لدعم عملية سياسية شاملة نحو السلام والأمن المشترك والازدهار لجميع الناس في إثيوبيا”.ضةوجاء في بيان آخر صدر عن نيد برايس، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن “الولايات المتحدة تولي أولوية عالية لحل الصراع في إثيوبيا وغيرها من بؤر التوتر الإقليمية. ونحن فخورون بأن نعلن أن السفير مايك هامر سيخلف السفير ديفيد ساترفيلد في منصب المبعوث الخاص للقرن الأفريقي”.
ويشير سفير واشنطن السابق لدى إثيوبيا ديفيد شين إلى تعيين إدارة بايدن فيما يزيد قليلا على عام لـ3 مبعوثين للقرن الأفريقي إلى وجود مشكلة.
وشغل المبعوث الأول، جيفري فيلتمان، المنصب لمدة أقل من عام، وقد تعهد بذلك مبكرا، وبقي المبعوث الثاني ديفيد ساترفيلد بضعة أشهر فقط، وهو أمر غير عادي إلى حد كبير”.
اهتمام بلا إستراتيجية
وقبل أسبوعين من تسمية المبعوث الثالث للقرن الأفريقي، وقع الرئيس الأميركي جو بايدن أمرا يسمح بإعادة نشر مئات من قوات العمليات الخاصة في الصومال بعد مضي ما يزيد على عام من أمر سلفه دونالد ترامب بسحبهم.
ووافق بايدن على طلب من وزير الدفاع لإعادة تأسيس وجود عسكري أميركي مستمر في الصومال، بما يشكل حضورا أميركيا قادرا على مواجهة التهديدات المتزايدة في المنطقة، كما تعكس اهتمام واشنطن المتزايد بمنطقة القرن الأفريقي.
ويشير كاميرون هدسون، المسؤول السابق بالبيت الأبيض، والخبير حاليا بمركز السياسات الدولية والإستراتيجية بواشنطن، إلى أن هناك “أسئلة كثيرة حول ما ستكون عليه صلاحيات واختصاصات المبعوث الثالث، وما يتوقع أن يحققه”.
ويوضح هدسون، “كان الإعلان عن مبعوث أميركي جديد للقرن الأفريقي وللمرة الثالثة فرصة لإعادة تحديد أولويات الولايات المتحدة في القرن الأفريقي وإستراتيجيتنا تجاهها، وهو ما أخفقت فيه وزارة الخارجية حتى الآن”.
ولا يتفق السفير شين مع رؤية هدسون، ويعرب شين عن اعتقاده “أن إدارة بايدن لديها إستراتيجية شاملة للمنطقة، على الرغم من أنه قد تكون هناك خلافات حول تكتيكات تحقيق تلك الإستراتيجية.
ويشرح شين إستراتيجية إدارة بايدن، في حديثه للجزيرة نت، فيقول “تريد الإدارة أن ترى تطور الحكومات الديمقراطية في جميع أنحاء المنطقة، ووضع حد للحرب الأهلية في إثيوبيا، ووصول المساعدات الإنسانية من دون قيود إلى تلك المناطق من إثيوبيا التي تعاني من نقص خطير في الغذاء والخدمات الاجتماعية.
بالإضافة إلى ضمان استمرار الانتقال الديمقراطي من الحكم العسكري إلى الحكم المدني في السودان وأن يحل السودان وإثيوبيا ومصر خلافاتهم حول سد النهضة عن طريق المفاوضات.
وتريد واشنطن كذلك إنهاء التدخل العسكري الإريتري في إثيوبيا وهزيمة جماعة الشباب الإرهابية في الصومال”، وفق وصفه.في المقابل يرى هدسون أن “واشنطن تحاول تحقيق أقصى استفادة من مبعوثيها في القرن الأفريقي، لكن حتى الآن لم يتم منحهم إستراتيجية لاتباعها أو صلاحيات سياسية واضحة، ولا يوجد لديهم إمكانية للتواصل المباشر مع المسؤولين رفيعي المستوى في واشنطن. وببساطة لا يمكننا تعيين أشخاص من دون تمكينهم ونتوقع أن نرى تقدما”.
ويؤكد هدسون أن غياب إستراتيجية واضحة لبايدن تجاه منطقة القرن الأفريقي ومشاكلها وأزماتها “يمثل تراجعا كبيرا، وعندما تم إنشاء دور هذا المبعوث، كانت هناك 3 أهداف سياسية معلنة: إنهاء الحرب الأهلية في إثيوبيا، والمساعدة في الانتقال الديمقراطي في السودان والتوصل إلى اتفاق نهائي وملزم بين أطراف سد النهضة”.
ويواصل حديثه “لكن اليوم، لا يوجد إحساس واضح بماهية الأولويات داخل المنطقة. وإذا كان كل تحرك أولوية، فلا شيء يمثل أولوية في هذه اللحظة. ويتعين على الإدارة أن تحدد بوضوح صلاحيات وأهداف هذا المبعوث الجديد وأن تمنحه الموارد اللازمة سياسيا وبشريا لتحقيق النجاح”.
ويربط بعض الخبراء الخطوة الأميركية واهتمام إدارة بايدن بالمنطقة بإطار مواجهة أوسع وصراع على النفوذ مع كل من الصين وروسيا، إضافة إلى المخاطر التقليدية المرتبطة بالإرهاب وعمليات القرصنة البحرية عند مدخل البحر الأحمر.