تهاوي المساعدات يصيب ملايين اليمنيين بنكسات معيشية
يعيش ملايين اليمنيين على وقع تداعيات التراجع الحاد في المساعدات الدولية والعربية، الأمر الذي قد يضيف ملايين اليمنيين إلى طوابير الجوع والفقر.
وحذّر برنامج الأغذية العالمي من خفض المساعدات الغذائية للملايين الذين يعيشون بالفعل على شفا المجاعة في ظل تضخم أسعار الغذاء الذي تضاعف بالفعل في غضون عامين فقط في بعض مناطق البلاد.
وقال المدير القُطري لبرنامج الأغذية العالمي، ريتشارد راجان، في الأسبوع الماضي، إن عدد الذين يعيشون في ظروف قريبة من المجاعة قد يرتفع إلى سبعة ملايين في النصف الثاني من عام 2022 من زهاء خمسة ملايين الآن.
وفي نفس السياق، وبالوقت الذي انتظرت فيه الحكومة اليمنية تخصيص منح مالية جديدة عقب قرار نقل السلطة من الرئيس السابق عبدربه منصور هادي إلى مجلس قيادة رئاسي مكون من سبعة أعضاء، فوجئ الجميع بالتوقيع على اتفاقية تمديد الوديعة السعودية السابقة التي كانت بحكم المنتهية.
ورافق تشكيل مجلس رئاسي في اليمن لإدارة البلاد خلال الفترة القادمة إعلان السعودية عن منحة مالية بنحو 3 مليارات دولار، ومليار دولار ستقدمها الإمارات، وذلك لدعم البنك المركزي اليمني الذي يعاني من نفاد الاحتياطي من النقد الأجنبي في ظل أزمة اقتصادية طاحنة في البلاد واضطراب متواصل للعملة المحلية.
وعلى هامش المحادثات التي جرت في 16 مايو/ أيار الحالي، بين الجانبين اليمني والسعودي للاتفاق على آلية استخدام الدعم المقدم من دولتي السعودية والإمارات للبنك المركزي اليمني البالغ ملياري دولار؛ تم التوقيع على اتفاقية تمديد الوديعة السعودية السابقة وتحويل الدفعة الأخيرة منها والبالغة 174 مليون دولار إلى حساب المركزي اليمني.
ويشدد رئيس جمعية البنوك اليمنية محمود ناجي، في تصريحات صحفية، أن البنوك اليمنية تواجه عديد التحديات التي تتطلب توحيد مختلف الجهود في البلاد لمساعدتها على تجاوزها.
وبخصوص المخاوف من المساس بالودائع المالية بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية، يقول رئيس جمعية البنوك اليمنية، إن الودائع محفوظة ولا خطر عليها خصوصاً ودائع ما قبل 2015، في حين تواجه البنوك اليمنية مشكلة في السيولة النقدية عند السحب فقط وهي مؤقتة فرضتها ظروف الانقسام في السلطة النقدية كما هو معروف في اليمن بسبب الصراع الدائر في البلاد.
ويتبع البنك المركزي اليمني نظاما جديدا في توفير الدولار عن طريق مزاد علني لبيعه بواسطة نافذة إلكترونية للقطاعين التجاري والمصرفي بهدف استيراد خمس سلع أساسية منذ نهاية العام الماضي، وهو ما يؤكد انتهاء الوديعة السعودية، إذ تم الإعلان حتى منتصف مايو/ أيار الحالي عن 20 مزادا بواقع 20 مليون دولار للمزاد الواحد.
الباحث الاقتصادي عصام مقبل يشير في حديث صحفي، إلى أن ما تم الإعلان عنه الشهر الماضي قد يكون الهدف منه الترويج للسلطة الجديدة وتقديمها بمحفزات مغرية تمكنها من مواجهة الأزمات الاقتصادية والنقدية وتهاوي العملة المحلية، لكن ما رافق تنفيذ الوديعة السعودية السابقة من اختلالات وشبهات يصعّب كثيراً من إتاحة إي منح جديدة تحت تصرف البنك المركزي في اليمن.
ويذكر مقبل أن الدول المانحة والمجتمع الدولي ألزما الحكومة اليمنية بتنفيذ حزمة إصلاحات في الجانب الاقتصادي والمصرفي والوقوف أمام وضعية البنوك اليمنية وما تواجه من مشاكل وتحديات، وتتم عملية التقييم بناءً على تأثير هذه الإصلاحات وانعكاسها على أرض الواقع في ضبط سوق الصرف واستقرار العملة المحلية والحد من الأزمة الاقتصادية.
ويرى خبراء اقتصاديون ومصرفيون أن الحرب أصابت القطاع المصرفي اليمني في مقتل، فمعظم البنوك أخفقت في القيام بالوساطة المالية بين المدخرين والمستثمرين، فهي تعاني من ضعف الملاءة المالية والقروض المتعثرة وانكشاف حساباتها مع البنوك المراسلة بالخارج.
كما أفرزت الحرب الدائرة في اليمن منذ سبع سنوات وفق مراقبين، اقتصاداً منشطراً بين مناطق صنعاء وعدن، وكل مكون ينتهج سياسات وإجراءات مالية ونقدية وتجارية مناقضة للآخر، فحكومة عدن تتبع سياسات مالية ونقدية غير منضبطة عن طريق الإمعان في تمويل نفقاتها بالإصدار النقدي المتتابع، الأمر الذي نتج عنه تدهور مفزع في قيمة العملة الوطنية وتقلبات في سعر الصرف، مما زاد من المخاطر وعدم اليقين لدى القطاع الخاص المستثمر.
في حين تنتهج حكومة صنعاء سياسات مالية انكماشية قائمة على فرض الضرائب والزكاة بأضعاف مضاعفة وجباية جمارك إضافية وإتاوات الرسوم الأخرى، وكلها عوامل خانقة للقطاع الخاص ويتحمل أعباءها اليمنيون في عموم المحافظات.