فرنسا.. ومزاعم احترام الحريات
أمية سليمان جبارين (أم البراء)
يبدو أن فرنسا بلد الحرية والإخاء والمساواة كما تزعم، أو كما يُهيّأ لبعض الجهلاء، لا زالت تعيش بعقليتها الاستعمارية القبيحة. تلك العقلية التي أذاقت عالمنا الإسلامي بشكل عام والعربي بشكل خاص، الويلات إبان استعمارها وما الجزائر عنا ببعيد، فها هي اليوم تعود وبأسلوب أكثر خبثًا وحقدًا تحاول استعمار عقولنا وعقائدنا وفرض علمانيتها، ونشر شذوذها القبيح بين البشر ولو اضطرت إلى استخدام القوة تارة أو أسلوب الترهيب والترغيب تارة أخرى!
فها هي فرنسا تتحول من النقيض إلى النقيض وتروّج للشذوذ ودعمه من خلال المناهج الدراسية والأنشطة الرياضية والفنية والمسيرات وغيرها من الفعاليات. لا بل فقد خُصص يوم عالمي للتضامن ودعم الشذوذ يوافق 17/5 من كل عام، فقبل 300 عام كان الشذوذ في أوروبا جريمة، عقوبة فاعلها الإعدام رجمًا أو الإغراق، وقبل 100عام صارت عقوبة الشذوذ الشنق، وقبل 50عامًا أصبحت عقوبته الجلد والسجن المؤبد، وقبل 20عامًا صارت عقوبة الشذوذ السجن سنتين وغرامة 200جنيه، وقبل خمس سنوات أصبحت العقوبة مجرد غرامة بسيطة. أمّا الآن، فقد تمّ إعفاء الشاذ من أية عقوبة تذكر، لا بل يتمّ دعمه ومساعدته في تنفيذ هذا الشذوذ واعتبار الشذوذ حقًا إنسانيًا واجبًا على العالم أجمع حماية هذا الحق وتهيئة كافة الظروف في سبيل تحقيقه. وكما قال الكوميدي البريطاني الساخر “ديف الين” في برنامجه على لسان صديق له: إنه يريد مغادرة البلاد قبل أن يصبح الشذوذ إجباريًا!
نعم، فلا نستغرب ذلك على فرنسا والدول التي على شاكلتها ممن يروجون للشذوذ ويعتبرونه حقًا طبيعيًا وحرية شخصية وعلى الجميع تقبله والرضا به، لا بل ودعمه دون أية معارضة سواء بالفعل أو الكلام أو حتى الصمت! وهذا ما حدث تمامًا مع اللاعب المسلم السنغالي ادريسا غي لاعب الوسط الممتاز في فريق سان جيرمان الفرنسي، حيث أنّ كل ما فعله هذا اللاعب مجرد التغيّب فقط عن المباراة بين فريقه سان جيرمان ومونتبليه، التي كانت في تاريخ 17/5 وكانت لدعم المثليين والشواذ من خلال ارتداء اللاعبين قمصانًا تحمل أرقامًا بألوان الطيف الذي يمثل علم المثليين! نعم ادريسا غي لم ينبس ببنت شفة حول رأيه بالشذوذ، أو إعلان معارضته له، لكنه آثر التغيب عن المباراة، لأن هدفها ينافي أخلاقنا وعقيدتنا الإسلامية، فما كان من اتحاد كرة القدم الفرنسي إلا أن يحيل اللاعب المسلم ادريسا غي إلى لجنة الأخلاقيات، ولنضع تحت كلمة أخلاقيات مائة خط، لأنه رفض ارتداء قميص عليه علم المثليين، وتحثه هذه اللجنة على ارتداء قميص دعم الشواذ، حتى يقوم بتدارك خطئه الجسيم الذي قام به حسب كلامهم! لم يبق إلا أن يجبروه على فعل الشذوذ.
وهذا ما يؤكد القول أنّ “ملّة الكفر واحدة” وأن ملة الشذوذ هي هي منذ عهد نبي الله لوط عليه السلام ولغاية الآن، لا تحتمل وجود المتطهرين بينها، لذلك دائمًا تحاول هذه الفئة الملعونة إخراج المتطهرين من بينها وهذا تصديقًا للآية الكريمة: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَخْرِجُوٓاْ ءَالَ لُوطٍۢ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ).
وهكذا أصبح الإنسان العفيف الشريف الذي يتماشى مع الفطرة السليمة، هو الإنسان الشاذ المطارد، تحت مسمى الحرية والديموقراطية التي تتغنى بها فرنسا، الحرية التي تستخدم فقط لأجل الحرب على الإسلام، وعلى الفطرة الإنسانية، أمّا في غير ذلك فهنالك الاستعمار والإجبار على التخلي عن الثوابت العقدية والدينية.
لكن البطل ادريسا بثباته وتمسكه بعقيدته وفطرته السليمة، قد أحدث زلزالًا مدويًا وقع صداه في كل أنحاء العالم، وأوصل رسالته للجميع بأن الشذوذ سيبقى شذوذًا أخلاقيًا وتصرفًا قبيحًا ينافي الفطرة الإنسانية، وقد قام بدعم ادريسا كل شرفاء العالم من خلال حملة إعلامية لدعمه والوقوف إلى جانبه من خلال تفعيل “الترند والهاشتاج” كلنا إدريسا أو we all ldresa”حيث أصبح هذا الهاشتاج الأول عالميًا ومن أبرز المتفاعلين مع هذا الهاشتاج كان الرئيس السنغالي، ماكي سال، وأبو تريكة، وغيرهم من شرفاء وأحرار العالم، الذين غرّدوا على الهاشتاج أو الترند بضرورة احترام حرية ومعتقدات ادريسا الدينية وقناعاته الشخصية. مثلما يطالب الغرب الملحد والإباحي بضرورة احترام ودعم الشواذ واحترام قراراتهم بالشذوذ!
كل التحية للاعب المسلم السنغالي إدريسا غي، ولكل إنسان عفيف متطهر وشريف يأبى الشذوذ ونسأل الله له الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد.