شيخ الأزهر: الإرهاب صنعته أنظمة غربية وصدّرته للعالم
قال شيخ الأزهر أحمد الطيب إن الإرهاب ظاهرة سياسية وليست دينية، وصنعته بعض الأنظمة السياسية الغربية وصدرته للعالم، وألصقته باليهودية والمسيحية والإسلام لتحقيق مكاسب وأجندات بالغة التعقيد.
وجاءت تصريحات شيخ الأزهر أمس الأربعاء خلال استقباله بمقر مشيخة الأزهر وفد الكلية الملكية لدراسات الدفاع البريطاني، برئاسة ملحق وزارة الدفاع البريطانية اللواء ستيفين ديكين، وممثلين لإحدى عشرة دولة، لتبادل الرؤى والخبرات في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف.
مواجهة التطرف
وأشار الطيب خلال اللقاء، حسب البيان المنشور على صفحة الأزهر بموقع موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” (Facebook)، إلى تاريخ مؤسسة الأزهر العريق الذي جاوز الألف عام، التي تعد واحدة من أقدم الجامعات العالمية التي حملت على عاتقها نشر رسالة السلام والأخوة بين الجميع على مدى تاريخها العريق، ويتآخى فيها الطلاب المصريون مع أقرانهم من الطلاب الوافدين من أكثر من 100 دولة.
وأوضح الإمام الأكبر أن الأزهر استجاب للواقع المعاصر بأفكار رائدة بدءًا من تضمين مناهجه موضوعات تكافح التطرف والتكفير، وتوضيح مفهوم دار الإسلام ودار الحرب، وعلاقة المسلمين مع غيرهم، والتعصب والكراهية، وغيرها من الموضوعات والقضايا التي تقوم الجماعات المتطرفة باستغلالها وإساءة تفسيرها، وتحصين طلابه في سن مبكرة بمنهج علمي يسهل من خلاله تحصينهم فكريًّا وتمكينهم من تفنيد أفكار هذه الجماعات.
كما أشار الطيب إلى أنه حرص بعد الاعتداء على كنيسة القديسين على إنشاء بيت العائلة المصرية، ووضع منهجية فكرية للتعامل مع المشكلات المجتمعية التي تمس علاقة المسلمين والمسيحيين، وتبع هذا المشروع خطوات عالمية ممثلة في الانفتاح على المؤسسات الدينية في الشرق والغرب كمجلس كنائس الشرق الأوسط وغيرها، وتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية العالمية مع بابا الفاتيكان بهدف نشر ثقافة السلام والأخوة والتصدي للتعصب والكراهية بين أتباع العقائد المختلفة.
وحسب البيان، فقد أعرب أعضاء الوفد عن سعادتهم بلقاء شيخ الأزهر، ومتابعتهم لما يقوم به من جهود لنشر ثقافة السلام والأخوة والتعايش على الصعيد العالمي، مؤكدين أن لقاءات القيادات الدينية الكبرى وجهودهم لترسيخ قيم التسامح والحوار والتعايش السلمي أمر يجسد حقيقة الأديان السماوية، ويمثل جدار حماية ضد أي محاولات اختراق لعقول أتباع الديانات في الشرق والغرب.
مواجهة الغزو الثقافي
ولشيخ الأزهر موقف ثابت في مواجهة محاولات فرض الثقافة الغربية على بلاد الشرق بما تمثله من “غزو ثقافي” للمجتمعات الشرقية، حسب تصريحات متكررة له.
وحرص الطيب، في أكثر من مناسبة، على نقد التصرفات والسياسات السلبية سواء قيام بعض السياسيين بالهجوم على الإسلام، أو محاولات الهيئات والمؤسسات الغربية فرض حلول أوروبية لمشكلات الشرق، أو محاولات تمرير سلوكيات مرفوضة في المجتمعات الشرقية مثل الشذوذ والإجهاض.
وأكد الطيب، خلال لقاءاته بمسؤولين غربيين، أن الحلول الجاهزة القادمة من الهيئات والمنظمات الغربية لمشكلاتنا -على غرار الشذوذ والإجهاض وغيرهما- لا تقدم أي حلول فعلية لما نعانيه من مشكلات، بل تتعارض مع ثقافتنا، وتسعى لفرض الكثير من السلوكيات المرفوضة في مجتمعاتنا وترسخ لصراع جديد.
كما وقف شيخ الأزهر في مواجهة من أسماهم “منتقدي التقارب والحوار بين الأديان” والمروجين لديانة موحدة تسمى “الإبراهيمية”، وأكد أنها دعوة لمصادرة حرية الاعتقاد والإيمان والاختيار، مشددا على أن اجتماع الناس على دين واحد أو رسالة سماوية واحدة أمر مستحيل، وأشار إلى الفرق بين احترام عقيدة الآخر والاعتراف بها، وأن ذلك لا يعني إذابة الفوارق بين العقائد والملل والأديان.
دعم اللاجئين
من جهة أخرى، استقبل شيخ الأزهر أمس الأربعاء رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في مصر لوران دي بوك بمقر مشيخة الأزهر، لمناقشة سبل المشاركة في التحضير للمنتدى الدولي للهجرة والدين، والتعاون المشترك لدعم اللاجئين والمهاجرين، وتعزيز قيم التسامح والأخوة والتعايش.
وأكد الطيب خلال اللقاء أن الأزهر حريص على التعريف بقضايا اللاجئين والمهاجرين، ودائما ما يطالب كافة الجهات المعنية بالعمل على حل جميع مشكلاتهم وتقديم الدعم اللازم لهم لمواجهة ما فرضته عليهم الحياة من تحديات وصعوبات ازدادت حدتها بعد ظهور أزمة كورونا واندلاع الحرب.
من جانبه، أعرب لوران دي بوك عن تقدير المنظمة الدولية للهجرة لجهود الأزهر الشريف في دعم اللاجئين والمهاجرين حول العالم وطرق كل الأبواب لتذليل ما يواجههم من مشكلات، وأهدى الإمام الأكبر “جائزة أصدقاء المهاجرين” تقديرا لجهوده في دعم قضايا المهاجرين واللاجئين والتعريف بحقوقهم، ولجهوده في تعزيز قيم الأخوة الإنسانية والتعايش والسلام العالمي.