شيرين أقضّت مضاجعهم
أمية سليمان جبارين (أم البراء)
كانت منحازة إلى رواية شعبها، رفعت صوتها في وجه الاحتلال الإسرائيلي طوال 27عاما، حيث كتبت تقاريرها بحروف الممانعة، وبيّنت ظلم المحتل من خلال نقلها المباشر للأحداث على الساحة الفلسطينية، فكشفت الوجه الحقيقي للمؤسسة الإسرائيلية وجبروتها، فكان صوتها مدوّيًا كالرصاص يخترق ديموقراطية يدّعيها الاحتلال، وهي تنقل لنا مآسي شعبنا الفلسطيني على امتداد تواجده، وأسقطت في تغطيتها المستمرة كل الأقنعة الزائفة التي اختبأ خلفها المحتل.
نعم إنها شيرين أبو عاقلة التي طالما نقلت لنا جرائم الاحتلال وطالما خاطرت بحياتها في سبيل نقل الحقيقة وكشف وجه المحتل الأسود إلى العالم. نعم إنها شيرين التي اختارت أن تسلك الطريق الأصعب واستثمرت وظيفتها كإعلامية في أشهر المؤسسات الإعلامية (الجزيرة) في إيصال القضية الفلسطينية إلى العالم، دون تلاعب أو تزييف للأحداث، وفق مصالح الاحتلال أو مصالح المنبطحين في أحضانه ممن باعوا القضية وقبضوا الثمن.
إذن، هذه هي شيرين أيقونة من أيقونات فلسطين التي أفنت نفسها في سبيل رسالتها المقدسة. لذلك لم يكن أمام الاحتلال الإسرائيلي إلا أن يصوّب إلى رأس شيرين رصاصة الغدر والحقد، ويفجّر هذا الرأس الذي طالما فكّر في هموم شعبه وقضيته، فكانت فاجعة كل حر وشريف من هذا الشعب، لا بل من أحرار العالم أجمع. فاجعة كبيرة، أدمت القلوب، قبل العيون، ولكن لا نستطيع إلا أن نقول إنّا لله وإنّا إليه راجعون، وهذا قدرها كقدر المئات من أحرار وشرفاء شعبنا وأحرار العالم الذين قضوا نحبهم في سبيل قضيتنا العادلة.
ومن خلال هذا المنبر أتوجه إلى كل أحرار العالم من إعلاميين ومسؤولين لاستثمار قضية مقتل شيرين أبو عاقلة في كشف حقيقة إرهاب المحتل الذي لا يراعي في إجرامه مسنا أو امرأة أو طفلا أو صحفيا، وكأنه لا يبالي بأحد أو لا يبالي بأي قانون دولي وأي حق من حقوق الإنسان. وهذا ما نلاحظه من خلال تصرفاته الهمجية الخالية من أية إنسانية تجاه أبناء شعبنا في كل مكان.
وبما أن الاحتلال كان ولا زال يستغل ويستثمر الإعلام العالمي ويجنّد المئات من الأبواق المأجورة في سبيل إظهار أنه “ضحية”، بينما يصوّر صاحب الحق الحقيقي على أنه مجرم وإرهابي. وقد رأينا فعالية هذه الوسيلة حيث أن الحرب الدائرة الآن هي إعلامية في الدرجة الأولى، لذلك على كل من آلمهم مقتل شيرين أن يأخذوا بحقها من خلال الحملات الإعلامية والقانونية للمطالبة بالكشف عن قاتليها وكشفهم أمام الرأي العام العالمي، خاصة وأن الاحتلال لم يكتف بقتلها بل لاحقها حتى وهي جثة داخل النعش لأنها أقضّت مضاجعهم، حيةً وميتةً. ونقول للمحتل الغبي إنك بأفعالك المشينة هذه، قد جعلت من شيرين أيقونة لا تنسى ورفعت ذكرها لتخلد في سجلات التاريخ.