أخبار رئيسيةأخبار عاجلةعرب ودولي

عمران خان يرفض الاستسلام: تحشيد لإسقاط الحكومة وفرض انتخابات مبكرة

لم يستسلم رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، الذي أقيل من منصبه في التاسع من إبريل/نيسان الحالي بعد أن سحب البرلمان الباكستاني منه الثقة. إذ قرر الاحتكام إلى الشارع، وتحريك مناصريه من أجل إرغام حكومة رئيس الوزراء الجديد شهباز شريف، على إجراء انتخابات مبكرة. كما بات خان يصب جام غضبه على المؤسسة القضائية التي أحبطت مخططاته بعد أن ألغت المحكمة العليا قرار الرئيس الباكستاني عارف علوي، بحل البرلمان، وأمرت بالتصويت على قرار سحب الثقة من خان، ما تسبب في سقوط حكومته.

وقال خان في مهرجان شعبي أقيم يوم الخميس الماضي في مدينة بيشاور شمال غربي البلاد “لقد ساهمت، منذ أن خضت مجال السياسة، في الجهود الرامية لأن تكون المؤسسة القضائية في البلاد مؤسسة حرة لها قراراتها من دون تدخل أي جهة، ومن أجل ذلك دخلت السجن خلال حكم الرئيس العسكري السابق برويز مشرف. واليوم أقول لتلك المؤسسة، ماذا كان ذنبي حتى تسمح بكل ما حصل في حقي وفي حق حزبي”.

وأضاف: “أتساءل أي جريمة ارتكبتها حتى تفتح المحكمة العليا أبوابها في وجه معارضين لحكومتي في يوم الأحد، وهو يوم إجازة رسمية في البلاد”، مؤكداً أنه لم يقم بأي خطوة غير قانونية، ليس فقط خلال مسيرته السياسية، بل حتى يوم كان نجم لعبة الكريكت.

تظاهرات لأنصار عمران خان لإسقاط حكومة شهباز شريف

وطلب خان من أنصاره النزول إلى الشارع اليوم الأحد، قائلاً: “نحن لن نستكين حتى القضاء على الحكومة العميلة التي جاءت إلى الحكم على إثر مؤامرة أديرت من الخارج، وسنحرك الشعب من أجل الوصول إلى الهدف المنشود والقضاء على الحكم الوراثي في البلاد”.

وتابع: “نحن نسعى من أجل تأسيس باكستان جديدة لا تكون تابعة لسياسات أي دولة عظمى”، مؤكداً نيته العمل من أجل إرغام الحكومة على إجراء انتخابات مبكرة.

وبعد مهرجان بشاور، أجرى خان، أمس السبت، لقاءً مع فعاليات في مدينة كراتشي، على أن يتجه خلال الأيام المقبلة إلى مدينة لاهور مركز إقليم البنجاب، وذلك في إطار التحشيد الشعبي، بعد أن خسر ولاء المؤسستين العسكرية والقضائية.

ورفع خان لتحريك أنصاره شعار “مواجهة المؤامرة الأميركية” التي أدت إلى القضاء على حكومته، وفق قوله، واصفاً حكومة شهباز شريف بـ”الدخيلة”.

ويشير خان بذلك إلى الرسالة التي تحدث عنها سابقاً، وقال إن الخارجية الباكستانية استلمتها في 7 مارس/آذار من سفارتها في أميركا، وتفيد بأن حكومة خان لا بد من أن ترحل من خلال عملية سحب الثقة منها، وإلا فإنّ على باكستان أن تتحمل تبعات ثقيلة. وقد عبّرت الرسالة عن استياء واشنطن حيال زيارة خان لموسكو في 23 فبراير/شباط الماضي، في خضم مواجهة الغرب لموسكو على خلفية الأزمة بشأن أوكرانيا.

المؤسسة العسكرية ترفض نظرية خان حول “المؤامرة الأميركية”

وكان خان استند إلى الرسالة كدليل لتبرير قرار حل البرلمان، وذلك بعد رفضه مذكرة سحب الثقة عن حكومته للحجة نفسها. وحاول خان الترويج بأن المؤسسات الأمنية قد أقرّت بخطورة تلك الرسالة أثناء اجتماع لمجلس الأمن الوطني في الثالث من الشهر الحالي.

غير أن المؤسسة العسكرية لم تدعم روايته، إذ قال المتحدث باسم الجيش، الجنرال بابر افتخار، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي، إن “كلمة المؤامرة ضد باكستان غير صحيحة، والمؤسسات الأمنية أكدت خلال اجتماع مجلس الأمن الوطني بعد قراءة الرسالة الموجهة إلى الخارجية من واشنطن، أن الأمر ليس مؤامرة، وهذا موجود في بيان المجلس الصادر عقب الاجتماع ذاته، ولكن كانت هناك محاولة للتدخل، وهو أيضاً أمر مرفوض”.

وأكد افتخار في الوقت نفسه أن “المؤسسات الأمنية الباكستانية ليست غافلة عن أي خطوة أجنبية من أجل النيل من سيادة الدولة، وبالتالي لن نصف الرسالة بالمؤامرة، ولكنها تدخل”، وهو ما يشير إلى أن المؤسسة العسكرية لم تؤيد موقف خان.

ولم تقف المؤسسة العسكرية عند هذا الحد، بل أدلت بمواقف ربما تضعف موقف خان، مثل الإشارة إلى أنها تلزم الحياد، وإلى أنها لم تكن إلى جانب حكومة عمران خان، كما ظن بعض المعارضين للأخير، والذين يصفون حكومة خان بأنها منتخبة من قبل الجيش وليس من قبل الشعب.

وفي هذا الإطار، قال الجنرال بابر افتخار، “إن ما قيل (في إشارة إلى تصريحات أدلى بها عمران خان) عن أن قائد الجيش قدم ثلاثة مقترحات لعمران خان من أجل حلحلة الأزمة السياسية قبل سقوط حكومته، غير صحيح، الجيش لم يتدخل ولم يقدم أي مقترح، بل خان اتصل بقائد الجيش وطلب منه التدخل من أجل إقناع الأحزاب المعارضة بالتخلي عن الحراك المؤدي إلى سقوط حكومته، مقابل تنظيمه انتخابات مبكرة”.

حملة ضد المؤسسة العسكرية الباكستانية

ومع إصراره على عدم الانحياز إلى أي جهة سياسية، شدد الجيش الباكستاني على أنه “لن يقبل بأي مساومة على كرامة المؤسسة وسمعتها”، وذلك في إشارة إلى الحملة الدعائية على منصات التواصل الاجتماعي ضد المؤسسة العسكرية هذه الأيام.

وتتهم الحكومة الباكستانية أنصار خان بالقيام بتلك الحملة جراء عدم تدخل المؤسسة العسكرية لإنقاذ حكومة رئيس الوزراء السابق. وقد أطلقت إدارة المحاسبة الوطنية، أخيراً، حملة اعتقالات طاولت عدداً من الناشطين بتهمة الإساءة لسمعة المؤسسة العسكرية.

وعلى الرغم من أن خان دان حملة اعتقال الناشطين، إلا أنه قال في الوقت نفسه إن على الجميع الحفاظ على كرامة المؤسسة العسكرية وعدم المساس بها، مع التشديد على أن هذه المؤسسة أو أي جهة أخرى لا يمكنها الحفاظ على الديمقراطية، بل الشعب يفعل ذلك.

وفي السياق نفسه، قال المتحدث باسم الجيش، بابر افتخار، إن “هناك حملة إعلامية مبرمجة ضد الجيش والمؤسسة العسكرية هذه الأيام، تساهم فيها بعض وسائل إعلام أجنبية، وهو أمر غير مقبول للجيش الذي يعرف كيف يتصرف مع جميع الملفات المهمة في البلاد، والأهم بالنسبة له هو الحفاظ على النظام من دون الانحياز إلى حزب سياسي”.

خان يدفع نحو انتخابات مبكرة في باكستان

ولم يكتف خان بإنزال أنصاره إلى الشارع احتجاجاً على تنحيته، بل قدم جميع نواب حزبه “حركة إنصاف”، استقالتهم من البرلمان وعددهم 123 نائباً من أصل 342، وهو ما يطرح علامات استفهام حول مشروعية الحكومة الجديدة، بعد أن اختير رئيسها من قبل برلمان عدد كبير من أعضائه مستقيلون.

كما لا يستبعد مراقبون أن يستقيل حزب خان من حكومة كل من إقليم خيبر بختونخوا وإقليم البنجاب، حيث لا تزال تحظى “حركة إنصاف” فيهما بالأغلبية في البرلمان. وحينها، قد تُرغم حكومة شهباز شريف على إجراء انتخابات مبكرة، لا سيما أن إجراء انتخابات فرعية بهذا الحجم، يعني تقريباً نصف البلاد، ودونه صعوبات عدة.

وفي السياق، قال الخبير القانوني، عبد البصير ساجد، في تصريحات صحفية، إن “المادة رقم 50 من الدستور التي تتحدث عن استقالة نواب البرلمان، ليس فيها ما يشير إلى مسألة إجراء انتخابات عامة بحال استقالة نصف أعضاء البرلمان أو عدد كبير منهم”.

ويوضح أن المادة تنص على أن “أي عضو يستقيل، يُصار إلى إجراء انتخابات فرعية في الدائرة التي يمثلها لاختيار نائب مكانه، طالما أنه لا يزال هناك فترة ستة أشهر للانتخابات العامة. وإذا كانت الفترة أقل، حينها يتم الانتظار حتى موعد الانتخابات العامة”. علماً بأن الانتخابات العامة المقبلة في باكستان مقررة في خريف العام 2023.

كذلك، فإنه بدلاً من إجراء انتخابات في نصف البلاد، حري إجراء انتخابات عامة لتحديد المشهد السياسي، لا سيما أن الحكومة الحالية مدعومة من قبل أحزاب كانت متخاصمة ومتنافسة في ما بينها قبل وصول خان إلى الحكم، ونقطة توحدها فقط كونها خصما لخان.

وسنوات العداء بين “حزب الشعب” الباكستاني بزعامة الرئيس السابق آصف علي زرداري، وبين حزب “الرابطة الإسلامية الباكستانية” جناح نواز شريف، والذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الحالي شهباز شريف، تحفظه ذاكرة الباكستانيين.

وبالتالي، بعد التخلص من حكومة خان، فإن ظهور الخلافات بين الأحزاب المُشكّلة للحكومة أمر محتمل وطبيعي، وسط ترجيحات بأن تكون فترة هذه الحكومة قصيرة وبأن الذهاب إلى الانتخابات المبكرة أمر حتمي.

ولم يتمكن شهباز شريف إلى الآن من إعلان حكومته ووزرائها، ولا يزال مشغولاً في المشاورات مع الأحزاب المتحالفة معه، ولا سيما “حزب الشعب”، و”جمعية علماء الإسلام” بزعامة المولوي فضل الرحمن، و”الحركة الوطنية للمهاجرين” التي كانت سابقاً متحالفة مع حزب خان لكنها غيّرت الولاء أخيراً وانضمت إلى المعارضة، وكذلك الحركة القومية البلوشية التي غيّرت ولاءها كذلك وانضمت إلى المعارضة، ما مكّن من إسقاط حكومة خان.

وحالياً، لم يبق مع حزب خان من الأحزاب التي كانت متحالفة معه سابقاً، إلا حزب “الرابطة الإسلامية” جناح قائد أعظم، وذلك بعد أن تركه بعض نوابه أيضاً وانضموا إلى الداعمين للحكومة الجديدة، خاصة في إقليم البنجاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى