أخبار رئيسية إضافيةمقالات

“المزاودون” في النفاق.. لماذا أيمن عودة تحت المجهر؟

الإعلامي أحمد حازم

لم أكن يوما ما في حياتي (الخاصة والصحفية)، شيوعيًا أو حتى من أنصار الشيوعية، ولم أنتسب إلى أي حزب عربي أو ألماني (كوني عشت في ألمانيا)، بل كان جلّ همي قضيتي وشعبي وديني بالدرجة الأولى. وعلى هذا الأساس لا أزال سائرًا على هذا النهج، لكن بحكم مهنتي الصحفية تربطني علاقات ودّ واحترام مع الكثير مع قيادات فلسطينية وعربية وطنية، لأني وإن كنت فوق الحزبية لكن علاقاتي أقيمها فقط مع أناس وطنيين. وعلى سبيل المثال لا أتفق مطلقًا مع أصحاب (التنسيق الأمني) ولا أتفق أبدًا مع سياسة التمييع مع الاحتلال، وأرفض المس بالأقصى وقدسه، وأنظر إلى اليمين الإسرائيلي بنفس النظرة التي أنظر بها لما يسمى اليسار الإسرائيلي، فكلاهما من نفس طينة (هرتزل) وكلاهما مع احتلال فلسطين وكلاهما يتنكران لحق الشعب الفلسطيني. وعلى الصعيد العربي، ألعن دعاة التطبيل والتزمير مع الدولة التي احتلت أرضي وتقتل وتنكل بشعبي.

تصريحات أيمن عودة الأخيرة، والتي وصفوها بأنها “تحريضية” سارع اليمين واليسار في إسرائيل إلى إدانتها، بمعنى أن ساسة اليمين واليسار هبّوا جميعًا للدفاع عن الجيش الإسرائيلي وممارساته. هذا الأمر لم يكن مستغربًا من ساسة اليهود. اليمين واليسار يتفقان مع بعض إذا كان الأمر يدور حول جيش الاحتلال. لكن أن يتبرع بعض الساسة والكتاب العرب بالوقوف إلى جانب هؤلاء هو أمر يستدعي الوقوف عنده، لأنه موقف المزايدين في النفاق والتدليس.

إسرائيل تدّعي أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. مبروك عليها. لكن هذه الديمقراطية هي في الواقع للمواطنين اليهود وليس للمواطنين العرب. والمجتمع العربي يعرف ويلمس ذلك في الحياة اليومية.

تصريحات رئيس “القائمة المشتركة” أيمن عودة يوم الأحد الماضي، والتي قال فيها إن المواطنين العرب الذين يخدمون في قوات الأمن يسيئون لشعبهم ودعوته لهم إلى إلقاء سلاحهم وترك الخدمة، أثارت عاصفة من الغضب عليه كما أثارت دعوات للتحقيق معه بتهمة التحريض على العنف. كما قال عودة، في مقطع فيديو نشره بمناسبة شهر رمضان من أمام باب العامود في البلدة القديمة بالقدس، إن هدفه النهائي هو رؤية علم فلسطين يرفرف فوق أسوار القدس.

تعالوا نضع النقاط على الحروف: لماذا يحاسب سياسي عربي على تصريحات يدلي بها في إطار الديمقراطية وحرية الرأي المتاحة للمواطن بغض النظر إذا كان عضو كنيست أم لم يكن، ولا يحاسب سياسي يهودي على تصريحات أكثر قساوة من تصريحات عودة؟ هنا تبرز معاملة “الكيل بكيلين”. معاملة خاصة لليهودي وأخرى للعربي.

في السادس عشر من شهر يوليو/ تموز عام 2016 قام نفتالي بينيت بالتحريض على النواب العرب بقوله “هنا في قاعة الكنيست يجلس شركاء في قرية دموية معادية للسامية ضد إسرائيل”. أليس هذا تحريضًا. وقتها لم تقم الدنيا ولم تخرج عاصفة من الاستنكار ضد هذه التصريحات. في الثامن والعشرين من شهر مارس/آذار الماضي دعا عضو الكنيست عن حزب الليكود والرئيس السابق لبلدية إسرائيل في القدس نير بركات، المستوطنين في القدس إلى حمل السلاح، وأعرب بركات عبر القناة 13 العبرية عن قلقه من نسبة التسلح في القدس لمن هم خارج التجنيد في الجيش الإسرائيلي، والتي بلغت 3% وطالب الحكومة الاسرائيلية برفعها إلى 15%، وذلك ليتمكن المستوطنون مما أسماه حماية أنفسهم على حد قوله. وبعد تصريحات بركات وحسب صحيفة “يسرائيل هيوم”، ارتفعت طلبات المستوطنين للحصول على سلاح بنسبة 700% بعد عملية الخضيرة.

عضو الكنيست اليميني المتطرف بن غفير يدعو علانية إلى طرد الفلسطينيين من البلاد والمستوطنون يقتحمون الأقصى والشيخ جراح بصورة مستمرة، ويعيثون خرابا في المزارع الفلسطينية ويقومون بعمليات قتل للفلسطينيين على مزاجهم وفي أي وقت دون محاسبة.

فماذا سيحصل لو صرّح سياسي عربي بحمل السلاح للدفاع عن النفس والأرض؟ هل ستسكت إسرائيل على ذلك؟ ثم ينزعجون من هدف أيمن عودة رؤية علم فلسطين فوق القدس، وهي العاصمة التاريخية لفلسطين، لكنهم لا ينزعجون من هدفهم الموثق على علمهم الأزرق والأبيض، رؤية إسرائيل الكبرى من النهر إلى البحر.

حكومة بينيت صادقت يوم الأحد الماضي على تشكيل لجنة لدراسة سحب مخصصات الدولة مثل المعاشات التقاعدية ومنح أخرى لعائلات منفذي الهجمات من مواطني إسرائيل. وماذا عن المستوطنين أو أفراد الجيش والشرطة الذين يقتلون عربيًا، فهل يتم التعامل معهم بالمثل؟ هم يعطون لنفسهم الحق فيما يقولون ويفعلون، ويطلبون من الغير “إغلاق الفم”. حسبنا الله ونعم الوكيل. صيامًا مقبولًا وإفطارًا شهيًا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى