السويد: احتجاجات عنيفة على حرق متطرف نسخاً من القرآن الكريم
تواصلت مساء أمس الجمعة الصدامات العنيفة بين الشرطة السويدية ومتظاهرين محتجين على مواصلة زعيم حزب دنماركي متطرف (سترام كورس) راسموس بالودان، حرق نسخ من القرآن الكريم.
وبعد قيام أنصار بالودان، الخميس الماضي، بتظاهرة في إحدى ضواحي استوكهولم، انتقل هؤلاء أمس الجمعة إلى مناطق أخرى إلى الجنوب منها، حيث يقيم مواطنون من أصول مسلمة.
وبعد إحراق بالودان نسخة من المصحف في المرة الأولى، بدأ بحرق النسخة الثانية، قبل أن تفقد الشرطة السيطرة على المحتجين، ما أدى إلى صدامات عنيفة في الشارع، بعد خروج 200 من أنصار اليمين المتطرف في منطقة أريبرو.
وحاولت الشرطة التصدي للمحتجين، الذين رشقوها بالحجارة، ما أدى إلى إصابات في صفوفها. وبلغت الصدامات ذروتها بحرق عدد من سيارات الشرطة وسيارات مدنية أخرى في المجمّع السكني “سفياباركين”، القريب من مكان التظاهرة.
انتشار الصدامات التي فاجأت السياسيين السويديين، ووُصفت بأنها الأعنف منذ عقود، دفع رئيسة الوزراء السويدية (يسار وسط)، ماغدالينا أندرسون، إلى إدانة ما جرى، وخصوصاً مشاهد الهجمات على الشرطة وخطف سيارة لهم. وأكدت أندرسون، وسط انتقادات عنيفة وجهتها أحزاب المعارضة من اليمين ويمين الوسط إلى أداء الشرطة والسياسيين، أن أعمال الشغب “هي بالضبط نوع ردود الفعل العنيفة التي يريدها راسموس بالودان، والهدف الرئيس تحريض الناس بعضهم على بعض”.
وشدّدت أندرسون في الوقت نفسه على أن “حرية التعبير يجب الدفاع عنها، رغم أن السويد يمكنها أن تفعل ما هو أفضل، فتلك الحرية جزء من ديمقراطيتنا، وبغضّ النظر عن رأيك، يجب ألا تلجأ إلى العنف، ذلك لن نقبله أبداً”. وأعلنت الشرطة السيطرة على الوضع مساء أمس الجمعة، وأكدت اعتقال بعض الأشخاص والعثور على “بعض الأسلحة وأدوات استخدمت لاستهداف سيارات الشرطة”.
وشكّلت مشاهد الصدامات التي نقلتها وسائل الإعلام السويدية، كحرق سيارات الشرطة والسيطرة على إحداها ومحاولة المتظاهرين تحطيمها ورشق ضباطها بالحجارة من قرب، مناسبة لمختلف التيارات السياسية في السويد للحديث عن ضرورة “مناقشة جدية وعميقة لهذا العنف غير المعتاد في مجتمعنا”، وفقاً لما ذهب إليه أكبر أحزاب المعارضة في اليمين المحافظ، حزب “الاعتدال”.
وبدأ اليمين المتطرف، ممثلاً بحزبي “ديمقراطيو السويد” و”البديل لأجل السويد”، باستغلال مشاهد العنف لتسويق موقفه بشأن اللاجئين والمهاجرين، وذلك قبل نحو أربعة أشهر من الانتخابات العامة. وركّز هؤلاء على مشاهد حرق سيارات الشرطة و”خطف إحداها من خلال متظاهر قادها بعيداً” للإشارة إلى أن “السويد يصعب عليها دمج اللاجئين”.
واعتبر مسؤول الشرطة في أوريبرو، بيتر كارلسون، أن “المتظاهرين أظهروا ميولاً واضحة لإيذاء الشرطة”، واضطرت الشرطة بالفعل إلى استخدام السلاح الناري بطلقات تحذيرية في الهواء، حيث استدعت في المساء “كل رجال الشرطة من المناطق القريبة من أجل السيطرة على الوضع الأمني الخطير”. وكانت الصحف ووسائل الإعلام السويدية قد وصفت الوضع مساء أمس، بعد انتقال بالودان الاستفزازي بين أكثر من مكان لحرق نسخة من المصحف، بأنه “فوضى كاملة، لقد انسحبت الشرطة من المكان”. وأدى انسحاب الشرطة بفعل العنف الذي لم تتحضر له إلى موجة انتقادات اليوم السبت، وطالبت أحزاب المعارضة باستدعاء وزير العدل، مورغان يوهانسون، وقائد الشرطة السويدية، أندرس ثورنبيرغ، إلى جلسات استجواب برلمانية بعد عطلة عيد الفصح.
وكان المتطرف الدنماركي الذي يدعي امتلاك أصول سويدية، راسموس بالودان، قد خاض انتخابات بلاده البرلمانية في 2019، ومُني بهزيمة كبيرة بعد أن امتنع الدنماركيون عن التصويت له. وانتهج مسلمو الدنمارك واليسار المناهض لليمين المتطرف ما يشبه “التجاهل التام” للرجل وما يسمونها “مسرحيات استفزاز في الشارع”، من خلال القدوم إلى منطقة معينة مع حفنة من مؤيديه لحرق نسخة من المصحف، ما جعل أخباره تغيب تماماً عن الإعلام المحلي. واختار بالودان بعد أن فقد بريقه في بلده الأصلي، التوجه إلى السويد بشكل متكرر للقيام بالأفعال نفسها في تجمعات سكنية يغلب عليها قادمون جدد من اللاجئين والمسلمين، لاستدعاء ردود أفعال عنيفة، كما قالت رئيسة وزراء استوكهولم، أندرسون.