مصر تسير نحو أزمة ديون كارثية.. هذه تفاصيلها
تتجه مصر خلال الشهور القليلة المقبلة نحو “أزمة ديون كارثية”، حيث يتوقع أن تسجل الديون السيادية لمصر ارتفاعاً قياسياً خلال العام الحالي 2022 بحسب أحدث البيانات الصادرة عن أكبر وأهم وكالة تصنيف ائتماني في العالم.
وكشف تقرير صدر مؤخراً عن وكالة “ستاندرد آند بورز” العالمية، أن إجمالي الديون السيادية لمصر يتوقع أن تصل مع نهاية العام الحالي 2022 الى 391.8 مليار دولار أمريكي، بعد أن كانت عند مستوى 184.9 مليار دولار فقط في العام 2017.
كما تبين من التقرير أن مصر تستحوذ على 0.6% من اجمالي الديون التجارية في العالم، وهي نسبة مرتفعة إذا ما قورنت بالعديد من الدول المماثلة لمصر، أو إذا ما قورنت بالاقتصادات الناشئة، حيث تشكل تركيا مثلاً 0.3% فقط من اجمالي الديون التجارية في العالم، وكذلك باكستان تُشكل النسبة ذاتها.
ويتوقع التقرير أن تقترض مصر 73 مليار دولار أمريكي خلال العام الحالي، إلا أن الكارثة هي أن جزءاً كبيراً من هذا المبلغ سوف يذهب لسداد ديون سابقة، أي أن الاقتصاد لن يستفيد منها والمصريون لن يستفيدوا من هذا الرقم العملاق.
وبلغة الأرقام فان تقرير “ستاندرد آند بورز” يقول إن القروض السيادية الاجمالية لمصر ستبلغ مع نهاية العام الحالي 391.8 مليار دولار مقارنة مع 348.4 مليار مع نهاية العام 2021، أي أن الديون السيادية سوف ترتفع بواقع 43.4 مليار دولار، على الرغم من أن مصر ستقترض 73 ملياراً، وهذا يعني أن نحو 30 ملياراً من الديون الجديدة ستذهب للوفاء بديون سابقة ليس أكثر، بينما ستتراكم بذلك الديون أكثر فأكثر.
وبهذه الأرقام فإن مصر ستصبح أكبر دولة مدينة في منطقة الشرق الأوسط، وسوف تكون أحد أكبر طالبي الديون في العالم، حيث يقول تقرير “ستاندرد آند بورز” إن مصر سوف تقترض هذه المبالغ العملاقة عبر إصدار سندات بقيم كبيرة، وسوف تكون أكبر طالب لهذه الديون في الشرق الأوسط وأوروبا وشمال أفريقيا.
كما أنَّ نصيب الفرد الواحد في مصر من هذه الديون سوف يُصبح من بين الأعلى في العالم، إذ إن كل مواطن مصري سوف يكون مديناً بأكثر من 3900 دولار أمريكي مع نهاية العام الحالي، أي أكثر من 71 ألف جنيه مصري.
وبالمقارنة مع الوضع السابق لديون مصر، ففي كانون الأول/ ديسمبر 2010، أي في الشهر الأخير من حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، بلغ إجمالي الدين العام في مصر 962.2 مليار جنيه (54 مليار دولار) وكان يعادل 69.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويقول العديد من المحللين الاقتصاديين أن المديونية العامة في مصر أصبحت تشكل “قنبلة موقوتة”، إذ سجلت ارتفاعاً صاروخياً خلال السنوات العشرة الأخيرة، وهو ما أدى الى إرهاق الاقتصاد ككل، وأدى إلى تدهور سعر صرف الجنيه المصري، وبالتالي ارتفاع المواد الأساسية بصورة قياسية وتفاقم معدلات الفقر والبطالة في البلاد.
وأصبحت خدمة هذه الديون العملاقة تستحوذ على نحو 44% من الموازنة العامة لمصر، أي إن الجزء الأكبر من موازنة البلاد تذهب كفوائد للديون التي اقترضتها مصر من مؤسسات وبنوك أجنبية.
وقدرت الفوائد المطلوب سدادها عن القروض المحلية والأجنبية في مشروع الموازنة المصرية الجديدة (2021-2022) بنحو 579.6 مليار جنيه، ليبلغ إجمالي أقساط وفوائد الديون المستحقة في العام المالي الجديد نحو 1.172 تريليون جنيه. فيما استهدف مشروع الموازنة زيادة الإيرادات العامة للدولة إلى 1.365 تريليون جنيه، منها إيرادات ضريبية تقدر بنحو 983.1 مليار جنيه.