أخبار رئيسيةعرب ودولي

صُلح وفتح معابر.. مَن الرابح من تطبيع العلاقات بين إسبانيا والمغرب؟

حلَّ الخميس رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بالعاصمة المغربية الرباط، في زيارة رسمية هي الأولى للمملكة بعد الأزمة الديبلوماسية التي عصفت بالعلاقات بين البلدين خلال النصف الأخير من سنة 2021. وتأتي هذه الزيارة كخطوة متقدمة في تأكيد تطبيع تلك العلاقات وإعادة بناء الثقة بينهما.

واستقبل سانشيز في مطار الرباط نظيره المغربي عبد العزيز أخنوش، الذي أجرى معه مباحثات ثنائية. والتقى المسؤول الإسباني عدداً من الوزراء المغاربة، على رأسهم وزير الخارجية ناصر بوريطة، قبل أن يتوجه إلى القصر الملكي لملاقاة العاهل المغربي محمد السادس، الذي أقام مأدبة إفطار على شرف ضيفه.

فيما أكد رئيس وزراء إسبانيا موقف بلاده الجديد الداعم لمقترح المغرب بالحكم الذاتي حلّاً لنزاع الصحراء، وأطلق الطرفان عدداً من الإجراءات العملية لتكريس عودة العلاقات بينهما، على رأسها فتح المعابر الحدودية البرية بين البلدين وعودة تنظيم عملية العبور السنوي للمهاجرين المغاربة إلى الموانئ الإسبانية بعد استثناءها منها الصيف الماضي.

مرحلة جديدة من العلاقات

وحسب بلاغ للديوان الملكي المغربي، فإن زيارة رئيس الوزراء الإسباني تأتي امتداداً لمحادثات هاتفية بين الملك محمد السادس وسانشيز أواخر شهر مارس/آذار الماضي، وبعد الرسالة التي “التزمت فيها الحكومة الإسبانية تدشين مرحلة جديدة في العلاقات بين المملكتين، قائمة على الشفافية والاحترام المتبادَل”.

وأوضح البيان الختامي للقاء الذي جمع العاهل المغربي ورئيس الوزراء الإسباني، أنه خلص إلى تأكيد اعتراف إسبانيا “بأهمية قضية الصحراء للمغرب، وبالجهود الجادة وذات المصداقية للمغرب في إطار الأمم المتحدة لإيجاد حلّ متوافق بشأنه”، واعتبارها “المبادرة المغربية للحكم الذاتي هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحلّ هذا النزاع”.

وشدّد البيان على أنه “وعياً من إسبانيا والمغرب بحجم وأهمية الروابط الاستراتيجية التي تجمعهما، والتطلعات المشروعة لشعبيهما للسلام والأمن والرخاء، فإنهما يدشنان اليوم بناء مرحلة جديدة في علاقاتهما الثنائية”، إذ تقوم هذه المرحلة على “مبادئ الشفافية والحوار الدائم والاحترام المتبادل واحترام وتنفيذ الالتزامات والاتفاقات الموقعة بين الطرفين”.

وفي هذا الصدد كشف سانشيز خلال الندوة الصحافية التي عقدها مساء الخميس بالرباط، عن استئناف حركة النقل البحري بين المغرب وإسبانيا بعد توقُّف دام سنتين، مشيراً إلى شروع البلدين في الاستعداد اللوجستي لإطلاق “عملية مرحباً” للعبور الموسمي للمهاجرين المغاربة هذه السنة، إضافة إلى إعادة الفتح الفوري والتدريجي لمعبرَي سبتة ومليلية من أجل ضمان التدفق المنتظم للأشخاص وفقاً للمتطلبات الصحية اللازمة، وتداول البضائع عبر المراكز الجمركية القانونية.

مَن الرابح من تطبيع العلاقات بين الرباط ومدريد؟

من الناحية السياسية، يُعَدّ التحول الذي طرأ في موقف إسبانيا من قضية الصحراء المكسب الأبرز للمغرب في سبيل حل النزاع الدائر منذ 46 سنة، إذ حاز على تأييد لطرحه من بلد مؤثر داخل الاتحاد الأوروبي، يضاف إلى الدعم الذي عبرت عنه ألمانيا لذات الطرح في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء أواخر 2020.

من جهة أخرى، للعلاقات مع الرباط أهمية استراتيجية لمدريد، إذ يمثّل المغرب بوابة اقتصادية لأوروبا نحو العمق الإفريقي، ويشترك البلدان في العمل على عدد من القضايا الإقليمية، على رأسها مكافحة الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر، ومحاربة الجريمة المنظَّمة والإرهاب.

واقتصادياً، يأتي قرار فتح المعابر البرية على مستوى ثغرَي سبتة ومليلية المحتلين كقُبلة حياة للساكنة المغربية المتاخمة لهما، التي تعرف احتقاناً كبيراً منذ إغلاق تلك الحدود بسبب الأزمة الدبلوماسية والجائحة الصحية قبلها، مما انفجر بسببه احتجاجات شهدتها مدينة الفنيدق (شمالي البلاد) السنة الماضية.

وحسب الإحصائيات، يعيش نحو مليون مغربي من هذا النشاط التجاري غير المشروع، بينهم 300 ألف امرأة حسب مصادر غير رسمية، وحسب المصادر الرسمية المغربية 3500، يشتغلن “نساء بغلات” (حسب الاصطلاح الإعلامي)، يحملن ويهرّبن السلع من المدينتين المعفاتين من الضرائب لبيعها لمتاجر المغاربة. ويسجل هذا النشاط رقم معاملات يتعدى 2.7 مليار دولار سنوياً.

والمكسب في هذا النطاق كذلك لتجار الثغرين المحتلين، الذين سيجدون منفذاً من هذا الخناق الاقتصادي المشدَّد. لكن الربح الاقتصادي الأكبر لإسبانيا يكمن في حركة العبور الموسمية للجالية المغربية بأوروبا لقضاء الصيف في بلادهم، التي تُعَدّ موانيها الأكثر جذباً لهذه الحركة، لقربها الجغرافي وبالتالي انخفاض أسعار النقل البحري.

وفي سنة 2019 زار المغرب نحو 3 ملايين مغربي مغترب ونحو 800 ألف مركبة عبرت من المواني الإسبانية. وحسب الأرقام الإسبانية، تُدِرّ تلك العملية الموسمية، المعروفة بـ”مرحباً”، عائدات تزيد على مليار و150 مليون يورو سنوياً، بما يجعل إسبانيا الرابح الأساسي من هذه العملية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى