يومان على انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد في العراق.. ما هي السيناريوهات المطروحة؟
يومان وتصل المدة التي حددها الدستور العراقي لانتخاب رئيس جديد، في السادس من إبريل/نيسان الحالي إلى نهايتها، في ظل استمرار الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ ما يزيد عن خمسة أشهر، دون أن تؤدي أي من المبادرات الأخيرة إلى انفراجة حقيقية.
وأخفق البرلمان العراقي مرتين في اختيار رئيس جديد للبلاد خلال الأسبوع الماضي، بعد تعذر حضور ثلثي أعضاء البرلمان لجلسة التصويت على الرئيس، كما يتشرط الدستور النافذ منذ عام 2005.
ومع استمرار الرئيس الحالي برهم صالح في منصبه يؤكد خبراء الدستور العراقي، بأن البلاد ستدخل بعد غد الأربعاء، أي في السادس من الشهر الحالي بحالة خرق دستوري تتورط بها القوى السياسية الرئيسة في البرلمان، خاصة تلك المعطلة لجلساته.
ولا يفرض الدستور أي إجراءات حيال خرق المدد التي حددها لانتخاب الرئاسات الثلاث في البلاد (البرلمان والجمهورية والحكومة).
وأمس الأحد، قال رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، فائق زيدان، إن “المحكمة الاتحادية اجتهدت باستمرار رئيس الجمهورية بمنصبه لأن هذه الحالة لا تنطبق على النص الدستوري الخاص بخلو المنصب”، مؤكداً الحاجة إلى تعديل الدستور الحالي.
وقال القاضي زيدان في تصريحات للتلفزيون الرسمي العراقي إن “هناك خللاً دستورياً في موضوع التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهناك دعوات لتدخل القضاء بحل الأزمة السياسية وهذا غير صحيح”.
وأكد أن “الوقت لا يزال مفتوحاً للقوى السياسية للتفاوض فيما بينها لمعالجة الأزمة السياسية، والظروف الحالية لا تستدعي بأن تكون هنالك حكومة طوارئ”، معتبراً أن “التوافقات السياسية ستحسم الأزمة”. واستبعد في الوقت ذاته إمكانية حل البرلمان.
وحاول التحالف السياسي الثلاثي الذي يتألف من “التيار الصدري”، و”السيادة”، و”الحزب الديمقراطي الكردستاني”، تحقيق أغلبية الثلثين لانعقاد جلسة اختيار رئيس الجمهورية، بهدف تمرير مرشحه ريبر أحمد للمنصب، إلا أنّ “الإطار التنسيقي” وحلفاءه عرقلوا انعقادها من خلال مقاطعة أكثر من ثلث أعضاء البرلمان.
وبالتزامن مع إصرار الكتل البرلمانية على مواقفها المتشنجة يتحدث برلمانيون عن احتمالات مفتوحة بعد انتهاء المدة التي حددها مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية.
وأكد عضو البرلمان عن “الإطار التنسيقي”، محمد الشمري أن المدة الدستورية المتعلقة باختيار رئيس الجمهورية تنتهي في السادس من الشهر الحالي، متحدثاً عمّا وصفه بـ”الخيارات مفتوحة بعد انتهاء المدة الدستورية وعدم الوصول إلى توافق بين التيار الصدري والإطار التنسيقي”.
ولفت في تصريحات للصحافيين إلى أن “حل الأزمة الحالية مرهون بالتوافق بين التيار الصدري والإطار التنسيقي من أجل تغيير الوضع الراهن والمضي بتشكيل الحكومة المقبلة”.
في المقابل، أكدت مصادر سياسية مقربة من التيار الصدري، أن زعيم التيار مقتدى الصدر، غير متجاوب مع مبادرة تحالف “الإطار التنسيقي”، الأخيرة.
وقال أحدهم إن “البند الأهم في الأزمة ما زال موجوداً، إذ يصر الإطار التنسيقي على تفكيك تحالف الصدر مع القوى السياسية الأخرى، وتشكيل كتلة سياسية واحدة من القوى الشيعية حصراً تتولى هي تشكيل الحكومة، وهو ما يرفضه الصدر ويعتبره التفافاً على نتائج الانتخابات”.
في السياق ذاته، شدد رئيس تيار “الحكمة” عمار الحكيم على أهمية وجود تفاهمات بين التيار وقوى الإطار التنسيقي، قبل تشكيل الحكومة التي قال إنها لن تكون مستقرة في حال غاب عنها أحد الطرفين، مضيفاً خلال مقابلة متلفزة “لا استقرار من دون توازن، ونحتاج الى معادلة متوازنة”.
وتابع “لدينا واقع مجتمعي من مكونات لها احجامها، وأن تشكيل حكومة ما وتحول مكون كبير من اغلبية الى اقلية فهذا يحدث خلل في التوازن”.
وصوّت البرلمان العراقي، في الخامس من الشهر الماضي، على إعادة فتح الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، في محاولة لإنهاء الجدل السياسي الواسع الذي تشهده البلاد منذ إجراء الانتخابات التشريعية قبل 6 أشهر.
وهذه هي المرة الثالثة التي يفتح فيها الترشح لرئاسة الجمهورية، إذ قرر البرلمان في جلسته الأولى التي عقدت في التاسع من يناير/ كانون الثاني الماضي فتح باب الترشح لمدة 30 يوماً، إلا أن الجلسة المخصصة للتصويت على انتخاب رئيس الجمهورية التي كانت مقررة في السابع من فبراير/ شباط الفائت لم تنعقد بسبب عدم اكتمال النصاب، لتقرر رئاسة البرلمان بعد ذلك فتح باب الترشّح مجدداً لمدة ثلاثة أيام بدأت في الثامن من الشهر ذاته، قبل أن تلغي المحكمة الاتحادية القرار.
وفي وقت سابق، قال الخبير في الدستور العراقي، علي التميمي، في حديث صحفي، إن “تجاوز المدة التي حددها الدستور بالمادة 72 منه لاختيار رئيس الجمهورية، وفقاً تفسير المحكمة الاتحادية الأخير يتيح إمكانية تدخل جديد من المحكمة”.
وأضاف أن “قرار المحكمة الاتحادية كان واضحاً وأتاح فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية لمرة واحدة فقط، وبالتالي فإن أمام رئاسة البرلمان مدة 30 يوماً من تاريخ 6 مارس/آذار لغاية 6 إبريل/نيسان، كي ينتخب خلالها رئيس الجمهورية وبشكل ملزم”.
وأوضح أنه “بعد فشل تمرير مرشح لرئاسة الجمهورية يوم 26 مارس الماضي فإنه في حالة عدم حسم هذا الأمر، فإن أمام رئاسة البرلمان أيام قليلة لغاية 6 إبريل فقط، فإذا تم تجاوز هذه المدة يتم حل البرلمان بطلب من ثلث الأعضاء وموافقة الأغلبية المطلقة لعدد النواب وفق المادة 64 من دستور أو استفتاء المحكمة الاتحادية”.
وأضاف الخبير القانوني أن “المحكمة الاتحادية لها سلطة عامة وهذه السلطة تتيح لها تمديد مدة اختيار رئيس الجمهورية وفقاً للظروف، حيث لا يمكن لأحد أن يتوقع قرار المحكمة الاتحادية، لكن في حال التوجه نحو الانتخابات المبكرة فإن الحكومة الحالية ستستمر بتصريف الأمور اليومية”.