الأحزاب التونسية ترفض حواراً على مقاس قيس سعيّد
انتقدت أحزاب تونسية دعوة الرئيس قيس سعيّد، قبل يومين، لحوار وطني يقصي من خلاله المنظومة السياسية والأحزاب الفاعلة أو التي اعتبرها “سبباً في الإطاحة بالدولة”، وتلك التي اتهمها بـ”نهب الوطن” أو بأنّها “تدعو للعنف وتتآمر على الدولة وتسعى لتخريبها من الداخل” على حد تعبيره.
والتقى سعيد أول من أمس الجمعة، بعميد هيئة المحامين التونسيين، إبراهيم بودربالة، وبقيادات من “الاتحاد العام التونسي للشغل” ومنظمة رجال الأعمال. وقال خلال اللقاء الذي تطرق فيه للحوار الذي ينوي تنظيمه، إن “الحوار لا يكون مع من نهب مقدرات الشعب ونكّل به، أو حاول الانقلاب على الدولة والمس من استمراريتها ووحدتها”.
الأحزاب التونسية ترفض نهج الإقصاء
وأكدت ردود الفعل السياسية الأولى، أن هذا التصور يعيد تونس إلى المربع الأول من الإقصاء، في حين أن الأزمة بعد مرور 8 أشهر على انقلاب سعيّد في 25 يوليو/تموز الماضي على المؤسسات الدستورية، تستفحل والوضع يزداد تعقيداً.
وفي السياق، قال الأمين العام لـ”التيار الديمقراطي”، غازي الشواشي، في تصريح صحفي، إن “سعيّد رفض الحوار منذ أشهر، غير أنه أمام الضغط من كل الجهات والأطراف من أجل إقامة حوار وطني، رضخ للفكرة ولكنه يريده حواراً إقصائياً وعلى مقاسه، ويتعلق فقط بمواضيع يختارها بنفسه، وبالتالي هذا لن يكون حواراً”.
وأوضح الشواشي أن “الحوار له مستلزمات وشروط ويشمل كل الأطراف ويعالج جل الأزمات المركبة التي تعيشها البلاد؛ سياسية واقتصادية واجتماعية”.
وتابع: “لكن سعيّد في كل مرة يضع شروطاً جديدة، وهو يقول إنه لا حوار مع الفاسدين، ومع من نهبوا البلاد، وهذه المرة ذهب إلى أنه لا حوار مع من انقلبوا على الدولة، للإيهام أن هناك من انقلب على الدولة”، مشيراً إلى أن “الحوار بهذه الصيغة لن يستقيم ولن يقود إلى أي نتائج”.
واعتبر الشواشي أنّ “هذا الحوار فاشل، ولن ينجح ولن يحل أزمة البلاد، وسيكون على الطريقة القيسيّة (نسبة لقيس سعيّد)، لأن سعيّد يريد حواراً على مقاسه، في حين أن الحوار المطلوب يجب أن يكون شاملاً ووطنياً”.
وأكد أنه “على المنظمات الوطنية عدم التورط في هكذا حوارات مغشوشة، لأن مخرجاتها فاشلة، وستكون بناء على استشارة كاذبة (في إشارة للاستشارة الإلكترونية بشأن إصلاحات النظام السياسي)، فكل الأرقام حول هذه الاستشارة غير حقيقية ولا يمكن اعتمادها”.
وأشار الشواشي إلى أن “مثل هذا الحوار لا يمكن أن يمر، ومخرجاته لن تقود إلى أي نتيجة”، مضيفاً أن “سعيّد ومما تبين في اجتماعاته الأولى، (أول من أمس) الجمعة، يبدو أنه اختار ثلاث منظمات داعمة له نسبياً وبتفاوت”.
وأوضح: “فقد استقبل مثلاً عميد هيئة المحامين، إبراهيم بودربالة، الذي يساند سعيّد شخصياً، ولكن ذلك لا يعني أنه موقف كل المحامين”. وأضاف: “أما منظمة رجال الأعمال، فمعروف أنها مساندة ومنذ سنوات للأنظمة القائمة مهما كانت طبيعتها، ولا تميّز بين النظام الدكتاتوري والنظام الديمقراطي، في حين أن اتحاد الشغل، وبحسب آخر بيان له، فهو شبه مساند للرئيس”.
وتابع الشواشي “لكن هذا الحوار لا علاقة له بالأحزاب السياسية بما فيها الداعمة للرئيس، ولا بالمجتمع المدني، ولا يشمل جميع الأطراف التي تمثل التونسيين، ويقوم على الإقصاء. وبالتالي فالحوار لا علاقة له بالوطنية ولن يكون وطنياً”.
بدوره، رأى القيادي في حركة النهضة، بلقاسم حسن، في حديث صحفي، أن “تصريحات سعيّد بخصوص الحوار الوطني لم تتغيّر، فهو منذ البداية لديه أفكار تقوم على الإقصاء، وضد بعض من يصنفهم هو متآمرين ومنقلبين وناهبي أموال الدولة”.
وأوضح أن “الحوار بهذه التصورات، هو في الحقيقة حوار فردي لسعيّد مع نفسه ومع مسانديه، في حين أن الدعوة كانت لحوار وطني شامل غير إقصائي وغير مشروط إلا بأن يكون تحت خيمة الديمقراطية”.
ولفت حسن إلى أنّه “في ظل الانقلاب، لن يكون هناك حوار ولن يتم القبول به”، مشيراً إلى أن “الحلول ممكنة، وأطراف الحل هي تلك المعنية بالديمقراطية. فبعد القيام بالثورة والمضي بالتجربة الديمقراطية لا يمكن العودة إلى مربع الاستبداد والانقلاب، وبالتالي، لن تكون هناك مفاوضات لتثبيت الحكم الفردي”.
واعتبر حسن أنّ “سعيّد في أزمة خانقة وفي عزلة، وبهذا المسار وضع الدولة والمجتمع في خطر وهدد وحدة التونسيين، والانقلاب لن ينجح على الرغم من الحديث عن مصلحة وطنية، لا بل سيفشل وستظهر الحقيقة للتونسيين”.
وأشار إلى أنّ “تونس تمر بأزمة اقتصادية واجتماعية خانقة لم تبلغها سابقاً، إذ واجهت الحكومات الشرعية بعد الثورة الأزمات بالتفاوض والتحاور والبحث عن حلول داخلياً وخارجياً، ولكن في ظل حكم فردي ورئاسي لا أساس له في الدستور، فلن يكون هناك أي حلّ لهذه الأزمات”.