أخبار رئيسيةمقالاتومضات

قمة الستة (المشبوهة) في النقب.. وإنشاء “هيكل أمني إقليمي”

الإعلامي أحمد حازم

قمّة الستة التي انعقدت الإثنين الماضي في النقب، والتي هي في الحقيقة قمّة “اتفاقات أبراهام” بالإضافة لمصر الدولة المطبعة قديمًا، أطلقوا عليها “قمّة تاريخية” وتمّ الإعلان عنها أنها عبارة عن مؤتمر سيكون النسخة الأولى لـ “منتدى إقليمي دائم”. هذه القمّة ينظر إليها في إسرائيل على أنها اجتماع غير مسبوق على نطاق واسع كمحاولة من جانب الكيان الإسرائيلي وحلفائه العرب لتشكيل جبهة موحدة، خصوصًا أن المحادثات بين المجتمعين، وحسب تقارير عبرية، تركزت حول إنشاء “هيكل أمني إقليمي”، وقضايا أخرى.

المحلل السياسي الإسرائيلي دافيد هوروفيتس، أحد مؤسسي صحيفة “تايمز أوف اسرائيل” ورئيس التحرير السابق لصحيفة “جيروزاليم بوست”، قالها بصريح العبارة في تحليل له، إن قّمة النقب تمّت على جناح السرعة، لكنه لم يقل لنا لماذا الإصرار الإسرائيلي على عقد هذه القمة وبهذه السرعة، وهي قمة غير مسبوقة لوزراء خارجية أربع دول عربية (مصر، المغرب، الإمارات والبحرين)، بالإضافة إلى مهندسي اللقاء: وزير خارجية الولايات المتحدة ووزير الخارجية الإسرائيلي.

قمّة النقب هي في الواقع قمة المتآمرين على شعوب المنطقة. والمعروف أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو القضية المركزية للأمم المتحدة، لكن هذه القضية لم يتم بحثها رسميًا في قمة النقب، رغم أن الدولة المضيفة هي طرف رئيس في الصراع.

المجتمعون في قمة النفاق والتآمر، التقوا بأمر من الولايات المتحدة وبإشراف إسرائيلي، لأن ترتيب عقد القمة كان بتخطيط من السفير الإسرائيلي في واشنطن وبتنسيق مع الخارجية الأمريكية. القمة بحد ذاتها، وأعني توقيت عقد القمة هو عملية تحد للشعور الفلسطيني بمعنى أنها عملية سياسية لئيمة لها مغزى سياسي كبير: فالقمة انعقدت في منطقة النقب التي يكافح أهلها منذ سنوات من أجل الاعتراف بقرى بدوية مسلوبة الاعتراف وسكانها بدون حقوق، وبدلًا من الاعتراف لتحسين أحوال ومعيشة سكانها البدو، سارعت وزيرة الداخلية الإسرائيلية شاكيد إلى الاعلان عن تأسيس عشرة بلدات يهودية في النقب، في إشارة واضحة إلى الإسراع في تهويد المنطقة.

نقطة أخرى مهمة، وهي أنّ قمّة المتآمرين، انعقدت عشية يوم الأرض الفلسطيني، وفي هذا رسالة واضحة من الجانب الإسرائيلي للمجتمع العربي في الداخل الفلسطيني، مفادها أن الجانب الإسرائيلي مستمر في سياسة التهويد واغتصاب الأرض. وهناك أمران ملفتان للنظر في قمة النقب، أولهما غياب الأردن، وغياب السعودية. فالمملكة الأردنية كان من المتوقع مشاركتها مثل مصر، كدولة مطبعة مع إسرائيل، لكن العاهل الأردني عبد الله أظهر حنكة سياسة واضحة، فبدلًا من المشاركة في قمة النقب سارع للإعلان في نفس موعد لقاء القمّة عن لقاء مع الرئيس الفلسطيني، وحسابات العاهل الأردني في هذا الظرف وعلى الأكثر لا تسمح له بالمشاركة في مثل هذا الجو السياسي. وفيما يتعلق بالسعودية، صحيح أنها نظريًا ليست طرفًا في اتفاقيات أبراهام، لكن عمليًا هي وراء كل ما يحدث في المنطقة. المحلل السياسي هوروفيتس قال في تحليله مادحا مملكة محمد بن سلمان: “ستكون المملكة العربية السعودية ذات الوزن السياسي الثقيل في المنطقة غائبة عن قمة النقب لكن ستحضر بروحها وقوتها من وراء الكواليس”. هوروفيتس قالها بكل وضوح أيضًا في تحليله: “إنّ السعودية وإسرائيل ورغم أنهما ليسا حليفين من الناحية الرسمية، لكنهما تتشاركان في معلومات استخباراتية، وتطوير أنظمة اقتراب صواريخ وأنظمة دفاع، وأكثر من ذلك”. وهنا لفت نظري صياغة “وأكثر من ذلك” فما هو هذا الأكثر يا ترى؟ فلا أحد يعرف بذلك سوى بينيت ومحمد بن سلمان، لكن على الأكثر ليس إيجابيًا للمنطقة.

كلمات الوزراء العرب في المؤتمر الصحفي الذي انعقد بعد انتهاء القمة، كانت كلها نفاق وتملق، باستثناء كلمة وزير الخارجية المصري سامح شكري. فالوزراء العرب أدانوا عملية الخضيرة بصورة أظهروا فيها “قمة النفاق” لكن وزير الخارجية المصري غرّد خارج السرب ولم يتطرق إلى العملية في كلمته، بل ركّز في معظمها على القضية الفلسطينية، مع رائحة توبيخ لإسرائيل، حسب الإعلام العبري.

إذًا، قمّة النقب لا يمكن وصفها إلا بقمة دول اتفاقات أبراهام، التي تتنكر للقضية الفلسطينية وتقوي ركائز إسرائيل في المنطقة في جميع المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى