د. مهند مصطفى عن أسباب بروز تنظيم “داعش” في فلسطين: إسرائيل ساهمت في ذلك
طه اغبارية، عبد الإله معلواني
بعد إعلان تنظيم “داعش” عن تبني عمليتي بئر السبع والخضيرة، يطرح تساؤل مهم وخطير حول أسباب تحول الحالات الفكرية الخامدة المتماهية مع التنظيم في الداخل إلى “العسكرة”، رغم أن استراتيجية العمل النضالي لكافة مكوّنات الداخل ممثلة بلجنة المتابعة العليا تقوم على العمل المدني السّلمي والقانوني في مواجهة السياسات الإسرائيلية وفي مقدمتها الخطاب الشعبوي لدى العديد من الأوساط الصهيونية ونظرتها العدائية لفلسطينيي الداخل.
في محاولة للوصول على إجابة موضوعية للتساؤل، آنفا، استضاف الإعلامي عبد الإله معلواني، الدكتور مهند مصطفى، المحاضر الاكاديمي ومدير مركز مدى الكرمل، في استوديوهات “موطني 48”.
تطرق مهند مصطفى إلى أسباب ظهور تنظيم “داعش” في المنطقة العربية والعالم، موضحا أن التنظيم برز إبان الاحتلال الأمريكي للعراق وقويت شوكته بعد ذلك بسبب تحولات كبيرة جدا وقعت في المنطقة العربية كان أهمها احتلال العراق والاطاحة بنظام صدام حسين ثمّ تطييف الصراع في العراق واضطهاد أهل السنة. كل ذلك- بحسب د. مهند- ساهم بتحولات داخل تيارات السلفية الجهادية التي كانت موجودة داخل العراق، ويضاف إليها ما جرى لاحقا في سوريا.
إلى جانب ذلك، يعتقد- مهند مصطفى- أنّ السبب الحقيقي لـ “تمدد” تنظيم داعش هو الانقلاب العسكري في مصر، والإطاحة بالتجربة الديموقراطية هناك وبسائر الثورات العربية ضد أنظمة الاستبداد، مفسّرا أن “الثورات العربية انتجت نوعا من الأمل عند الشعوب العربية، بإمكانية التحول الديمقراطي، وبناء أنظمة تضمن الحرية والتعددية السياسية والتداول السلمي على السلطة، وضمن هذا التحول انخرطت حركة الاخوان المسلمين، وهي أصلا جماعة إصلاحية تؤمن بالتغيير من خلال العمل المجتمعي والدعوة، فلمّا وقع الانقلاب العسكري في مصر والإطاحة بالتجربة الديموقراطية والتي أفرزت الدكتور محمد مرسي المنتمي للإخوان، رئيسا، أحدث ذلك الانقلاب تحولات في المشهد الاسلامي نفسه، أدّت إلى حالة من الإحباط في بعض الأوساط الإسلامية التي ذهبت للبحث عن بديل، وفي مثل هذه التحوّلات يمكن أن تنشأ تيارات متطرفة وراديكالية”.
واستطرد بالقول “سقوط تجربة الاخوان المسلمين في مصر اعطى مصداقية للحركات التي كانت هامشية في الحقل الإسلامي كي تنمو في ظل حالة الإحباط، ونمت بالفعل في العراق ولاحقا في سوريا ومصر وغيرها. لذلك برأيي، لو لم يكن هناك احتلال أمريكي للعراق ولو لم يكن انقلاب عسكري في مصر لم نكن لنرى ظاهرة داعش”.
وفيما يخص بروز ظاهرة “داعش” في الداخل الفلسطيني، يفصّل مهند مصطفى “اعتقد أن التفسير الموضوعي لبروز الظاهرة هو حظر الحركة الإسلامية عام 2015، لأنه قبل الحظر تميز المشهد الإسلامي في الداخل بتنوعه من الناحية السياسية والفكرية والاجتماعية، حتى في أنماط التدين وُجد هذا تنوع، وداخل هذا التنوع في المشهد الإسلامي في الداخل برزت الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح وساهمت بضبط التوازنات في الحقل الإسلامي بصفتها التيار المركزي داخل الحقل الإسلامي، وعندما تقوم بحظر تيار بهذا الحجم، فأنت تساهم بخلق فوضى وحالة من الفراغ تغيب معها الضوابط السياسية والفقهية والأخلاقية والاجتماعية، وبالتالي غياب الخطاب الإسلامي المهيمن المضبوط بقواعد وازنة وسطية أدى إلى ديناميكيات في الحقل الإسلامي بالداخل، ويكفي أن نتذكر أن الحركة الإسلامية قبل حظرها وتحديدا في عام 2014 أصدرت وثيقة مهمة بيّنت فيها موقفها من ظاهرة داعش ورفضها للظاهرة وإدانتها لها ولممارساتها في العالم العربي وفي الداخل”.
وحول التحول من مجرد أفكار متماهية مع “داعش” إلى “عسكرة” وتنفيذ عمليات مسلحة باسم “التنظيم” في البلاد، قال مهند مصطفى “لا شك أن هذا الأمر بحاجة إلى دراسة مستفيضة مع التأكيد أن أعداد من يؤمنون بأفكار داعش لا يتجاوزون العشرات، وهذا الأمر موجود في العديد من دول العالم، ولكن الخطير هنا أن إسرائيل في ظل خطاب شعبوي صهيوني لا يميز ظاهرة داعش عن باقي المجتمع الفلسطيني في الداخل بل يعتبر كل العرب بيئة خصبة لداعش فضلا عن اعتبار كل توجه إسلامي هو “داعش”، على المؤسسة الإسرائيلية التعاطي مع الظاهرة ببعد مدني أكثر من المعالجة الأمنية، تماما كما فعلت العديد من الدول التي برز فيها التنظيم، وعلى السلطة الحاكمة في هذه البلاد أن تعلم أن ظاهرة داعش تشكل بالأساس خطورة على استراتيجية الفلسطينيين في الداخل والمتمثلة بالنضال السلمي المدني من أجل البقاء في أرضنا والمطالبة بحقوقنا كافة من خلال القنوات القانونية والمدنية”.
قضايا حول تنظيم داعش مع المحاضر مهند مصطفى يحاوره الاعلامي عبدالاله معلواني