في الحلقة الأخيرة من شهادته على مسيرة العمل الإسلامي.. الشيخ هاشم عبد الرحمن يردّ على طعن الشيخ إبراهيم عبد الله بشهادته: أحد الأخوة أخبرني أن قرار الدخول للكنيست- ولو بثمن الانشقاق- اتخذه الشيخ عبد الله خلال سجنه في ملف “أسرة الجهاد”
بعض طروحات منصور عباس والموحّدة لا تستند إلى مرجعية شرعية وسياسية وفيها العديد من التجاوزات
دعا الإسلاميين ممن انتموا إلى الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا لإقامة تحالفات في بلدانهم وخوض انتخابات السلطات المحلية
طه اغبارية
في الحلقة الخامسة والأخيرة من شهادته، واصل الشيخ هاشم عبد الرحمن، رئيس بلدية أم الفحم الأسبق، توثيق المشاهد الفارقة والمهمة التي وقف عليها في مسيرة العمل الإسلامي، وذلك ضمن سلسة متلفزة جرى بثّها عبر صفحة موقع “موطني 48” على “فيسبوك” وعبر قناة الموقع على “يوتيوب”، وقد أعدّ السلسة وأدار الحوار خلالها الإعلامي عبد الإله وليد معلواني.
بعد الانشقاق
في تلخيص موجز لمسيرة ما بعد انشقاق الحركة الإسلامية عام 1996 وقيادة الشيخ رائد صلاح للحركة الإسلامية إلى جانب نائبه الشيخ كمال خطيب، قال الشيخ هاشم عبد الرحمن والذي شغل بعد عام 1996 الناطق الرسمي باسم الحركة الإسلامية، قال إن مرحلة ما بعد عام 1996 تميزت بالانسجام والتفاهم بين الأخوة، بالرغم من التباينات بين قيادة الحركة الإسلامية في بعض الأمور لكنها مرحلة اتّسمت بالتخطيط والبركة في العمل والصراحة والمصداقية، إلى جانب الراحة النفسية.
وعلّق على تصريحات للشيخ إبراهيم عبد الله صرصور (رئيس الحركة الإسلامية الجنوبية الأسبق) طعن فيها بمصداقية شهادته، بالقول: “سامحه الله، لم أشهد زورًا، عاهدت الله أن أكون صادقا في شهادتي، وهذه شهادتي التي أسجّلها في الدنيا وفي الآخرة بإذن الله. ربما غابت عني بعض الأمور، ولكن يعلم الله أنني لم أقصد إلا قول الحق والحقيقة”.
وكشف الشيخ هاشم، أنه تلقى اتصالا-بعد بثّ الحلقة الرابعة- من الشيخ فؤاد مواسي من باقة الغربية، وهو أحد أركان العمل الإسلامي منذ البدايات، وقد صدّق مواسي على الشهادة وزاد بدوره على ما ذكره الشيخ هاشم، أنّ قرار الدخول إلى الكنيست- ولو بثمن الانشقاق- اتّخذه المرحوم الشيخ عبد الله نمر درويش ومن معه خلال قضاء محكوميتهم في السجن على خلفية ملف “أسرة الجهاد”.
إلى ذلك، أكد الشيخ هاشم، أن قيادة الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح كلّفته وآخرين- بعد الانشقاق- ببذل كل جهد من أجل إعادة اللُّحمة إلى الحركة الإسلامية، مقدّرا أن فشل جهود إعادة اللحمة يتحمّلها الطرف الآخر بسبب تمسكه-خصوصا- بموقفه في ملف الكنيست.
وأضاف “فتحنا الباب عدة مرات من أجل إعادة توحيد الصف وكنت شريكا بذلك باستثناء المرحلة الأخيرة التي أعلن فيها الشيخ رائد استعداده للتنازل عن رئاسة الحركة الإسلامية، لكن هذه المحاولة فشلت أيضا”.
مهرجان الأقصى في خطر
بعد انشقاق الحركة الإسلامية، أطلق الشيخ رائد صلاح وقيادة العمل الإسلامي مشروع “مهرجان الأقصى في خطر”. يقول الشيخ هاشم عن تلك المرحلة: “كما أشرت سابقا فقد تميزت مرحلة ما بعد الانشقاق بالبركة والنشاط وكان من بركات هذا الانسجام مهرجان الأقصى في خطر، وقد انتابنا بعض القلق حول عدد الحضور في المهرجان الأول، فالانشقاق كان حديث العهد، ولكن والحمد لله امتلأ ملعب ستاد السلام في أم الفحم بعشرات الآلاف. بالتالي كانت انطلاقة المهرجان مرحلة مفصلية في مسيرة الحركة الإسلامية، تبعها العديد من النشاطات الأخرى التي ربطت المسلمين بالأقصى المبارك، عبر إقامة مؤسسات داعمة ومنتصرة للمسجد الأقصى من بينها: مشروع البيارق ومصاطب العلم وغيرها، وهذا الأثر الطيب لا زلنا نراه إلى اليوم، من خلال الآلاف المؤلفة من أهلنا الذين يشدون الرّحال الى الأقصى. بالتالي فإنّ جمع الناس على قضية الأقصى لم تكن مسألة عابرة، هذا إلى جانب الزخم المبارك الذي رافق كل نشاطات الحركة الإسلامية بعد العام 1996”.
“تجديد الخطاب الإسلامي”!!
حول موقفه ممّا يسمى “تجديد الخطاب الإسلامي” الذي طرحه الدكتور منصور عباس وقيادة الحركة الجنوبية، يرى الشيخ هاشم، أنّ من يريد أن يطرح هذا الموضوع عليه أن يكون من أهل العلم الشرعي وقال “لكل علم أهل اختصاصه فأنا مثلا ادرس للقب الثالث في الشريعة، ولا اعتبر نفسي بمكانة إخواني من العلماء أهل الاختصاص مثل: الدكتور مشهور فواز، أو الدكتور عبد الرحيم خليل وغيرهما. ومن هنا، فطرح ما يسمى “تجديد الخطاب الديني” أراه جرأة على الخطاب الديني”.
واستهجن طروحات منصور عباس وقيادات الموحّدة، متسائلا “إزاء هذه المواقف ألا يوجد عند الأخوة مرجعية شرعية، أشعر أحيانا وكأن بعض الأخوة في الجنوبية والموحدة يتحدث بحرية مطلقة بدون مرجعية شرعية أو سياسية. قبل حظر الحركة الإسلامية كان الشيخ رائد والشيخ كمال وأنا وغيرنا من الاخوة نكتب في صوت الحق والحرية أو غيرها من الوسائل الإعلامية، وكل ما كنا نكتبه كان يراجع وفقا لميزان الشرع والقانون والسياسة، وأحيانا كانت تحذف فقرات كاملة من كتاباتنا. نصيحتي للدكتور منصور وإخوانه الذين أخالفهم في الكثير من المواقف وقد اتفق معهم في مواقف، نصيحتي لهم أن يستندوا إلى مرجعية شرعية وسياسية، ومرجعية أخلاقية وطنية، لأنني ألمس في أحيان كثيرة غياب الضوابط، ولهذا تأثير سلبي علينا كعرب. نحن لنا خصوصيتنا التي يجب أن نحافظ عليها وعلى ثوابتنا وأساسيات وجودنا. التوافق بين الأخ منصور والائتلاف الحكومي على كل شيء تقريبا لا يجوز، يجب ألا تكون شريكا في الإساءة لشعبنا إلى جانب عقليات مثل وزيرة الداخلية الإسرائيلية التي تتحدث بمنطق اقصائي احتلالي وعنصري. فحتى لو كان الثمن الخروج من الائتلاف لا يجب على الأخ منصور ورفاقه أن يكونوا شركاء في قرارات ظالمة وعنصرية، تؤثر علينا كأهل هذه البلاد”.
يعتقد الشيخ هاشم أنه على الحركة الجنوبية إعادة تقييم طروحاتها، ناصحا أن تكون هذه المراجعات صريحة مستندة إلى مرجعية فقهية وفق ميزان الشرع، كاشفا عن حوارات أجراها مع عدد من قيادات الجنوبية والموحدة من بينهم السيد إبراهيم حجازي، وقد دعاهم إلى تقييم تجربتهم والتجاوزات الكثيرة التي وقعوا فيها ومنها ما فيه مخالفات شرعية، مضيفا “صحيح أنّ الحركة الإسلامية جرى حظرها، ولكن أنا بصدد مبادرة لإجراء حوار مقبول، على الأقل حتى نوقف ما يجري من تراشق على صفحات التواصل الاجتماعي”.
اعتبر عدم تهنئة الشيخ رائد بعد خروجه من السجن من قبل الدكتور منصور عباس والقائمة الموحدة، خطأ، وتابع “صحيح أن بعض الأخوة من قيادات الحركة الجنوبية هنأوا الشيخ رائد، ولكن غياب الدكتور منصور وأعضاء الكنيست كان خطأ، فنحن في النهاية تجمعنا الاخوة، حتى لو اختلفنا، ولو- لا سمح الله- تعرض أحد الأخوة للسجن أو الملاحقة سنزوره كما نزور الجميع فهذا أقل الواجب”.
وأكد في هذا الجانب، أنّ خدمة شعبنا ليست مقتصرة على طريقة واحدة (الكنيست)، بل هناك عدة بدائل من بينها لجنة المتابعة والمؤسسات الأهلية وقال “لست عضوا في أية مؤسسة، ولكن أتشرف بخدمة شعبي من خلال عملي في الإصلاح والدروس والتواصل الدائم مع الناس”.
حظر الحركة الإسلامية
يرى الشيخ هاشم عبد الرحمن، أن حظر الحركة الإسلامية بتاريخ 17/11/2015، على يد حكومة بنيامين نتنياهو، كان قرارا غبيا لأن المفترض- برأيه- أن تكفل النُظّم الديموقراطية حرية العبادة وحرية العمل السياسي في إطار القانون.
وأردف “منذ تأسيس الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا، كنّا نؤكد على عملنا في إطار القانون، وأنّه لا يجوز لأي فرد مخالفة القانون ومن يفعل ذلك يتحمل المسؤولية. إن كان يريد نتنياهو محاسبتنا على أفكارنا وعقيدتنا، فهذا غباء، لأن حب الأقصى من عقيدتنا وديننا ولا يمكن أن توقفه وتصادره السجون والملاحقات”.
وأضاف “حظر الحركة وعشرات الجمعيات الأهلية التي كانت فاعلة في كل مجالات الحياة أحدث فراغا كبيرا في الداخل، ملأته العديد من المظاهر السلبية، مثل: العنف والجريمة والسوق السوداء وغير ذلك من المظاهر المرفوضة. بالتالي قرار الحظر كان غبيا بامتياز. حظر التنظيم لا يعني أبدا إمكانية حظر الأفكار والمشاعر والانتماء وحظرنا عن خدمة أهلنا وشعبنا”.
مستقبل الصحوة الإسلامية
حول رؤيته لمستقبل الصحوة الإسلامية في ظل الواقع الاجتماعي والسياسي الذي يعيشه المجتمع العربي في الداخل، استطرد الشيخ هاشم “بعد حظر الحركة الإسلامية لا يمكن أن نتحدث بصورة جمعية، إلا أنّ أبناء المشروع الإسلامي والصحوة كأفراد، يعملون ما بوسعهم لخدمة مجتمعنا وشعبنا، واليوم هناك في كل بلد العديد من النشاطات الدعوية من خلال المساجد وإحياء المناسبات الدينية”.
ونصح بأن يقوم الإسلاميون في كل بلد بتشكيل تحالفات مع المكوّنات الأخرى للنسيج الاجتماعي تلك البلدة، وخوص انتخابات السلطة المحلية ضمن “حلف” يقوم على خدمة كل بلد وخدمة المجتمع العربي عموما.
في ختام شهادته، توجّه الشيخ هاشم عبد الرحمن بنصيحة إلى أبناء العمل الإسلامي في الداخل قائلا: “علينا أن نبحث دائما عن الخير في مجتمعنا ويمكننا أن نكون ممن يزرعون هذه “الفسيلة”، علينا أن ننظر إلى الإخلاص في العمل قبل النظر إلى ضخامته، وأن نسير على هدي رسولنا صلى الله عليه وسلم القائل: “إن تصدق الله يصدقك”. كما أنصح نفسي وإخواني بأن نمسك علينا ألسنتنا، قد نختلف ثم نتحاور، نتفق أو لا نتفق، ولكن إيانا من تخوين الآخرين وتجريحهم والسخرية منهم وتسفيههم”.