تل أبيب محبطة من عقبات إقامة تحالف عسكري إقليمي بمشاركتها
رغم توقيع الاتفاقيات التطبيعية مع العديد من الدول العربية، وتنامي التعاون الأمني بين المؤسسة الإسرائيلية ودول في الخليج العربي تحديدا، فإن الطريق إلى تشكيل قوة عسكرية مشتركة بمشاركة تل أبيب لا يزال طويلاً ومليئاً بالعقبات، وفق التقدير الإسرائيلي.
ويبدو أن من الصعب رؤية إمكانية استعداد خليجي لإقامة مثل هذا التحالف العسكري، دون تدخل أو قيادة أمريكية، ما قد يستدعي إن سعت تل أبيب لتعزيز هذا التحالف، وإن لم يكن بالشراكة الكاملة معها، أن تعمل على تسخير الأمريكيين للتحرك والتصرف مع الدول العربية.
كوبي ميخائيل ويوئيل غوزنسكي الباحثان في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، رجحا في دراسة، أن “الفترة القادمة ستشهد إخفاء التعاون العسكري بين إسرائيل ودول الخليج، بجانب التركيز على التعاون المدني والمشاركة الأمريكية النشطة، لأن القيود والعوائق التي تحول دون إنشاء تحالف عسكري إقليمي ما زالت قائمة، حيث تم الاتفاق على أنه في ظل هذه الظروف ليس هناك احتمال حقيقي لتأسيسه، بسبب انضمام إسرائيل له، والخوف من الانتقادات الداخلية، والخلاف المحتمل بين الدول العربية نفسها حول أهداف التحالف”.
وأضافا أن “هذه العوائق لا تتعارض مع الالتزام المعلن والعلني للإمارات والبحرين بالعلاقات مع إسرائيل، بما تحمله من توطيد العلاقات الأمنية بينها، بسبب زيادة شعورها بالتهديد الإيراني، وهو ما تجلى في تصريحات أبوظبي والمنامة خلال زيارتي رئيس الحكومة نفتالي بينيت والرئيس يتسحاق هرتسوغ إليهما، ومع ذلك فإن تكثيف الزيارات الرسمية ومرور شركات الطيران الإسرائيلية إليهما، والتحقق من التطبيع بالمعنى الواسع والدعاية، لا يهمش مراعاة عمق العلاقات الأمنية، والتنسيق السياسي والاستخباراتي، وإبرام صفقات الأسلحة، والمشاركة في التدريبات المشتركة”.
تسعى المحافل الإسرائيلية لتبرير إقامة ذلك التحالف العسكري في المنطقة، ومحاولة “إقحام” المؤسسة الاسرائيلية فيه استنادا لثلاثة أسباب رئيسية: أولها تنامي الشعور بالتهديد من جانب إيران ومبعوثيها، والثاني الابتعاد المستمر للولايات المتحدة عن الشرق الأوسط، والشعور السائد بين عدد غير قليل من حلفائها، بأنه لا يمكن الوثوق بها كما في الماضي، والثالث يتمثل في رغبة قادة الخليج بمساهمة إسرائيل لدفع مصالحهم الاستراتيجية.
تتزامن هذه التبريرات مع تراجع اهتمام دول الخليج المطبّعة بالقضية الفلسطينية، واقتصار درجة الالتزام تجاهها على أساس الكلام فقط، دون أن يحول ذلك دون مزيد من التعاون العملياتي برعاية أمريكية بين إسرائيل ودول الخليج ومصر والأردن، ما يعني أن الولايات المتحدة قد تسعى لإنشاء تحالف عربي إسرائيلي إقليمي لتعويض تقليص قواتها على الأرض، بينما يعمل في نفس الوقت للحفاظ على مصالحها الحيوية في المنطقة.
وتستحضر الأوساط الإسرائيلية ما تعتبره إخفاقات عربية متلاحقة في تشكيل العديد من الأحلاف العسكرية، ما قد ينطبق على ذات التوجه بإقامة تحالف تشارك فيه إسرائيل هذه المرة، بسبب الصعوبة المتعلقة بالصراعات العربية البينية، وعدم التوافق حول هوية العدو المشترك، بجانب الخصومات القبلية والعائلية والشخصية، والنزاعات الإقليمية، والمصالح المتنافسة، والمواقف المختلفة في ما يتعلق بإيران والحركات الإسلامية، كلها عوامل ألقت بظلالها على العلاقات بين بلدان المنطقة.
هذا لا يلغي فرضية تروجها الأوساط الإسرائيلية ومفادها أن هناك عددا من الدول العربية ترى في إسرائيل شريكا موثوقا به، ومؤثرا، يمكن التركيز عليه لمحاربة اتساع نفوذ إيران في المنطقة، ورغم ذلك فإن الطريق لإقامة قوة عسكرية مشتركة بمشاركة إسرائيل لا يزال طويلاً، ومليئاً بالحواجز، رغم ما قد تحصل عليه الدول الخليجية في تحالفها العسكري مع إسرائيل، وفق المزاعم الإسرائيلية، لأنها قد تقدم مساهمة استخباراتية وعسكرية كبيرة من أجلها.
بديلا عن هذا التحالف الكامل، يطرح الإسرائيليون نموذجا آخر للتعاون العسكري ويتمثل في إحباط تهريب الأسلحة الإيرانية، أو إنشاء صورة استخباراتية موحدة، للتعامل بشكل أفضل مع التهديدات المشتركة مثل بناء وتشغيل القدرات التكتيكية والطائرات بدون طيار الإيرانية، سواء من قبل إيران أو مبعوثيها، والاستمرار في المشاركة في المناورات الإقليمية، وتعزيز التعاون التكنولوجي والاقتصادي والثقافي والبيئي، ما سيزيد من التعاون العسكري بين تل أبيب والدول العربية.