علاقات المغرب وتل أبيب الاقتصادية.. الزيارات تسرّع التطبيع
منذ توقيع اتفاق التطبيع بين المغرب وتل أبيب برعاية أمريكية أواخر العام 2020، تسير العلاقات بين البلدين في منحى تصاعدي تُوّج بزيارات وزراء إسرائيليين إلى المغرب.
والأحد، بدأت وزيرة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية أورنا باربيفاي، زيارة إلى المغرب، سبق أن أعلن عنها رئيس بعثة تل أبيب لدى المملكة دافيد غوفرين، الخميس، عبر تويتر.
وأضاف: “تم وضع خطة زيارة متنوعة تلتقي خلالها الوزيرة بمجموعة من الشخصيات السياسية والاقتصادية بهدف تعزيز الشراكات بين البلدين”.
وفي وقت لاحق، قال بيان لوزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية: “ستجتمع الوزیرة (الیوم الاثنین) مع ریاض مزور، وزیر الصناعة والتجارة”.
وستوقع الوزيرة اتفاقية مع نادیة فتاح العلوي وزیرة الاقتصاد والمالیة المغربية، ویونس السكوري وزیرالإدماج الإقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغیل والكفاءات المغربي.
وفي 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلنت المؤسسة الإسرائيلية والمغرب، استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد توقفها عام 2000 إثر اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وأصبح المغرب بذلك رابع دولة عربية توافق على التطبيع مع إسرائيل خلال العام 2020، بعد الإمارات والبحرين والسودان، فيما بات يُعرف بـ “اتفاقات إبراهام”.
لكن كيف تطور التطبيع الاقتصادي بين البلدين؟ وما حجم العلاقات الاقتصادية بين البلدين؟
بالأرقام
وقالت وزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية، الخميس الماضي: “بلغ حجم التبادل التجاري بین إسرائيل والمغرب نحو 131 ملیون دولار سنة 2021، منھا قرابة 31 ملیون دولار من الصادرات و100 ملیون دولار من الواردات”.
وتابع البيان: “تصدر إسرائيل إلى المغرب بشكل أساسي منتجات النقل والمطاط والمنتجات البلاستیكیة والمطاطیة وكذلك المنتجات الكیماویة”.
وأفادت الوزارة بأن “الواردات من المغرب تتألف على وجه الخصوص، من منتجات النسیج والفلاحة والنقل”.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 1999، حوالي 50 مليون دولار، وزار المغرب في ذلك العام نحو 50 ألف إسرائيلي، وفق مكتب الاتصال الإسرائيلي في المملكة.
البدايات والتطور
بدأت علاقات الجانبين على مستوى منخفض عام 1993، بعد توقيع اتفاقية “أوسلو” بين منظمة التحرير الفلسطينية وتل أبيب، لكن الرباط جمدت تلك العلاقات عام 2002، عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وفي 22 سبتمبر/أيلول 2000، زار المغرب رجال أعمال إسرائيليين، يمثلون 24 شركة متخصصة في التقنيات الزراعية بدعوة من غرفة التجارة والصناعة والخدمات (حكومية) بمدينة الدار البيضاء.
ومنذ 2018، برز المغرب ضمن قائمة الدول العربية المرشحة لتوقيع اتفاقات تطبيع مع إسرائيل، في إطار خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، التي كان مستشاره وصهره جاريد كوشنير عرّابا لها.
وأفضت المساعي الأمريكية إلى إعلان إسرائيل والمغرب استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما في 10 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وفي 22 من الشهر ذاته، وقعت الحكومة المغربية “إعلانا مشتركا” بين بلاده وإسرائيل والولايات المتحدة، خلال أول زيارة لوفد رسمي إسرائيلي أمريكي إلى الرباط.
ووقعت المملكة وإسرائيل أربع اتفاقيات على هامش استئناف العلاقات بينهما في ديسمبر 2020، تشمل المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية.
توالي الاتفاقيات
في 28 ديسمبر 2020، دشنت الرباط وتل أبيب مباحثاتهما لدراسة آفاق التعاون الصناعي والشراكة في 5 قطاعات صناعية، أجراها مولاي الحفيظ العلمي وزير الصناعة المغربي آنذاك، مع نظيره الإسرائيلي، عمير بيرتس.
وشملت المباحثات قطاعات النسيج، والصناعات الغذائية، والبحث التطبيقي في الصناعة، والتكنولوجيا الخضراء، وصناعة الطاقة المتجددة.
وفي 26 يناير/ كانون الثاني 2021، حلّ السفير ديفيد غوفرين بالرباط، لتولي منصب رئيس البعثة الإسرائيلية بالمغرب.
ومنتصف فبراير/ شباط 2021، اتفق وزيري التعليم المغربي سعيد أمزازي، والإسرائيلي يوآف غالانت، على إطلاق برامج لتبادل الطلاب و”توأمة مدارس ثانوية”.
وتوالت اللقاءات والمشاورات بين المسؤولين المغاربة ونظرائهم الإسرائيليين، حيث شملت مجالات عمل مختلفة وأفضت إلى توقيع اتفاقات.
رجال الأعمال
وفي 23 مارس/آذار الماضي، وقع المغرب وإسرائيل اتفاقية شراكة استراتيجية بين رجال الأعمال المغاربة والإسرائيليين العاملين بالقطاع الخاص، لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية.
ووقع الاتفاقية عن الجانب المغربي، شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام للمقاولات (رجال الأعمال)، وعن الجانب الإسرائيلي كل من رئيس هيئة المشغلين وأرباب الأعمال، رون تومر، ورئيس اتحاد غرف التجارة، يوريل لين.
وتهدف الشراكة بين الجانبين إلى إقامة حوار مفتوح ودائم بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب والهيئة الإسرائيلية للمشغلين وأرباب الأعمال.
الترويج للسياحة
وفي 26 يوليو/ تموز الماضي، وقعت الرباط وتل أبيب، اتفاقية للشروع في الترويج للسياحة بالمغرب، والتسويق المشترك من كلا الطرفين لتعزيز حركة السياحة الوافدة.
وتهدف الاتفاقية إلى ترويج مكاتب السياحة والسفر في إسرائيل والمغرب، للمرافق السياحية في البلد الإفريقي، بهدف تنشيط الرحلات إلى أبرز مناطقه.
وابتداء من 10 أغسطس/آب الماضي، بدأت شركة “إل عال” للطيران الإسرائيلية، بتنظيم ثلاث رحلات أسبوعية نحو مطار “محمد الخامس” بمدينة الدار بيضاء.
ويُتوقع ارتفاع عدد السياح الإسرائيليين إلى المغرب إلى 200 ألف سنويا، من متوسط 50 ألفا سابقا.
النقل الجوي
وأحالت الحكومة المغربية إلى البرلمان، بداية الشهر الجاري، مشروع قانون للمصادقة على اتفاقية موقعة مع إسرائيل تتعلق بالخدمات الدولية.
وهذه أول اتفاقية بين المغرب وإسرائيل تحال إلى البرلمان، وفي حال مصادقة غرفتي البرلمان (النواب والمستشارين) عليها، تنشر في الجريدة الرسمية لتدخل حيز التنفيذ.
وتنص الاتفاقية على أن “الطرفين يؤكدان قلقهما البالغ بشأن ما يقع من أعمال أو تهديدات ضد أمن الطيران المدني، الأمر الذي يعرض سلامة الأشخاص أو الممتلكات للخطر”.
وتشمل الاتفاقية كذلك بنودا تتعلق بـ “الإعفاء المتبادل من الرسوم الجمركية ومصاريف التفتيش والضرائب التي لا تتعلق بتكلفة الخدمات المقدمة على متن الطائرة”.