ميثاق السلم الأهلي في مسيرتنا الفلسطينية
الشيخ رائد صلاح
تتقدّم الإدارة العامة للجان إفشاء السلام بميثاق السلم الأهلي في مسيرتنا الفلسطينية، طامعة أن يكون مرجعية تضبط مسيرة حياتنا، مسيرة خير مباركة قائمة على إفشاء السلام والصلح والتغافر والتسامح في كل أسرة وبين كل جارين وفي كل شارع وحارة وبلدة في مسيرتنا الفلسطينية، وطامعة أن يكون مرشدا لنا، يبين لنا كيف نتفق راشدين، وكيف نختلف راشدين، وطامعة أن تسعى كل لجنة إفشاء سلام محلية لإقامة احتفالية تدعو إلى هذه الاحتفالية، السلطة المحلية وكل الحمائل والقوى السياسية والقيادة الدينية في بلدتها للتوقيع على هذا الميثاق وتأكيدا من الجميع على مباركته ومساندته والانضباط بما ورد فيه:
(ميثاق السلم الأهلي في مسيرتنا الفلسطينية)
لأنّه مجتمعنا الذي وُلدنا فيه وتربينا فيه وننتمي إليه ولأننا يجب أن نحافظ عليه قارب نجاة لنا جميعا- صغارًا وكبارًا ورجالًا ونساءً- دون استثناء. ولأنه لا يمكن لهذا المجتمع أن يظلّ قارب نجاة لنا جميعا إلا إذا حافظنا على علاقة التواصل والتراحم والتكاتف والاحترام المتبادل بين مكونات نسيج هذا المجتمع، بعيدًا عن العصبية الحمائلية أو الاحتراب الحزبي أو الفتنة الطائفية، ولأننا نرى من الواجب علينا أن نسهر على ترسيخ هذه القيم في مسيرة مجتمعنا كي يبقى لنا قارب نجاة- حاضرًا ومستقبلًا- فها نحن نعلن عن هذا (الميثاق) طامعين أن يلتقي عليه أبناء مجتمعنا جميعًا، وأن يكون لنا مرجعية ملزمة، يضبط استقرار مجتمعنا، ويُبصرنا بكيفية علاج أية قضية طارئة تهدد استقرار السلم فيه، حتى نظل محافظين على سلامة هذا القارب من أي خرق كان، وعليه فإننا نؤكد ما يلي:
1- إن دماء وأعراض وممتلكات بعضنا على بعض حرام وملعون من استباح لنفسه إلحاق أدنى أذى بها ظلمًا وعدوانًا.
2- كل فتنة ملعونة، ولعن الله من أيقظها، سواء كان باعثها ويلات العنف أو غول الطائفية أو عصبية الحمائلية أو صراعات حزبية.
3- تلتزم كل الحركات والأحزاب السياسية في مسيرتنا الفلسطينية مبدأ التعددية والحفاظ على الخطاب السياسي الراشد بعيدًا عن لغة الإحتراب والشقاق والصدام.
4- تلتزم كل الصحف والمجلات ومواقع الإنترنت وسائر وسائل الإعلام في مسيرتنا الفلسطينية بالمحافظة على الخطاب الإعلامي البنّاء والنقد الهادف القائم على الكلمة الطيبة بعيدًا عن لغة التجريح وإذكاء نار الخصومة والفتنة.
5- ينبغي أن نحفظ ألسنتنا وأقلامنا من أي قول إلا إذا كان فيه خير، لأن القول الذي لا خير فيه قد يجرّ إلى نزاع وشقاق وقد يترسب في النفوس إلى عنف يصعب علاجه.
6- من قتل نفسًا ظلمًا وعدوانًا فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعًا.
7- نؤكد شرف العائلة ونؤكد تقديره وحفظه وفي نفس الوقت نؤكد أنه لا يجوز لواحد منّا شرعا ولا عرفا ولا قانونا أن يأخذ القانون ليديه متذرعا بشرف العائلة سواء كان زوجا أو أبا أو أخا أو أيا كان.
8- آثم من روّع أي واحد منّا ولو كان مازحًا وإثمه أشد إذا همّ بإيذائه أو بيَّت له شرًا بيد أو سلاح.
9- آثم من من أعان على إيذاء نفس منّا ولو بنصف كلمة كأن يقول (اقــ …) وأراد بذلك نصف كلمة (اقتل) أو بغمزة غادرة أو بإشاعة رخيصة أو بإشعال نار فتنة عمياء.
10- آثم من ساهم بإشاعة فوضى السلاح الأعمى المشبوه في مجتمعنا سواء باع أو اشترى لأن هذا السلاح اللعين هو النار التي توقد الفتن وتشعلها وتنشرها، وقد تشتد اضطرامًا وتتسع رقعتها بسبب هذا السلاح الأعمى الأصم والأبكم المجنون.
11- كلنا يد على كل ظالم أو فتان أو مفسد، ونحن مطالبون أن نضيق عليه مساحة عيشه حتى نحد من أثره عسى الله تعالى أن يهديه أو أن يقضي الله أمرًا كان مفعولا.
12- لدى وقوع أية خصومة بين اثنين منّا أو أكثر بغض النظر عن خلفية هذه الخصومة نؤكد رفضنا الاحتكام إلى لغة السلاح أو الأذى باليد أو اللسان، ولا بدّ من اللجوء إلى لجان الإصلاح وجاهات الإصلاح.
13- من قام بجناية فهو وحده الذي يتحمل تبعاتها، سواء كانت الجناية إلحاق أذى بممتلكات أو أعراض أو دماء، ولو وصلت إلى حد القتل، ولا يجوز شرعًا ولا عقلًا ولا عرفًا تحميل تبعة أية جناية إلى أي قريب من أقرباء الجاني حتى ولو كان أباه أو أخاه أو ابنه أو أحد أقربائه القريبين أو البعيدين، وبطبيعة الحال لا يجوز تحميل تبعة هذه الجناية إلى حمولته أو طائفته أو حزبه.
14- آثم من تمسك بضلالة الثأر وأباح لنفسه أن يأخذ البريء بجريرة أبيه أو أخيه أو ابنه أو أي من أقاربه أو حمولته أو طائفته أو حزبه، فلنتبرأ من ضلالة الثأر فإنها قبيحة منتنة ولنعلم أن المعتدي يتحمل جريرة نفسه، ولا يجوز لنا أن نسقطها على غيره حتى لو كان أقرب المقربين إليه.
15- لسنا مجتمعا هجينا لا هوية له، بل نحن مجتمع له قيمه وثوابته المستمدة من انتمائنا المتجذر فينا منذ قرون طويلة ومن حقنا أن نحافظ عليها وكل من دعا إلى ما يصادمها فدعواه مردودة عليه. والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.