عملية”حفات جلعاد”.. 40 ثانية كسرت “قواعد إسرائيل الأمنية”
“أطلقوا النار علي .. أطلقوا النار علي”… بهذه العبارة كتبت الصحف الاسرائيلية مشهدها الصباحي؛ فما بين المسافات القصيرة جدا والثواني الأربعين، انطلقت 22 رصاصة لجسد واحدا من أبرز حاخامات الاستيطان لتكون كفيلة بنسف الحسابات الأمنية للجيش الاسرائيلي.
القناة الـ 14 العبرية، قالت إن عملية إطلاق النار قرب الموقع الاستيطاني حفات جلعاد علق عليها الناطق باسم الجيش “الإسرائيلي” قائلا “أطلقت الرصاصات من سيارة مسرعة على المستوطن على شارع 60 وكانت الإصابة في العنق، وقد لقي حتفه بعد وقت قليل من العملية، وتبين بعدها أنه الحاخام رزيئيل شيبح”.
بعد العملية شرع الجيش “الإسرائيلي” يجر ثوب الذهول والصدمة بحملة تمشيط واسعة للمنطقة؛ قوات كبيرة من الوحدات الخاصة والمدربة من كتيبة جمع المعلومات الميدانية اعتلت المناطق المرتفعة المطلة على قرى وبلدات نابلس، مستخدمة أجهزة إلكترونية متطورة مثل المناظير الليلية والكاميرات وأجهزة التصنت عن بعد، والمناطيد المزودة بكاميرات عالية الدقة، وطائرات الاستطلاع وأجهزة اعتراض الاتصالات، واستخدام الكلاب لتتبع الأثر ومداهمة بعض البيوت المشتبه بها.
القناة العبرية 12 نقلت عن نتنياهو قوله “إن قوات الأمن ستبذل كل ما في وسعها للوصول إلى القاتل البغيض، وستقدمه للقانون الإسرائيلي”.
ونقلت القناة 20 عن رئيس مجلس إقليمي شومرون يوسي داغان قوله “أمر صادم أن “الإرهابيين” يشعرون بالراحة لقيامهم بإطلاق النار على المدنيين الأبرياء، يجب عدم الاستسلام “للإرهاب”.
وأضاف داغان “كيف يمكن إطلاق النار على اليهود في وسط الطريق الرئيسي في دولة إسرائيل، إنه من الصدمة أن نرى يهوديا في قلب الطريق الرئيسي قتل بدم بارد” وهاجم الترتيبات الأمنية في المنطقة: “هناك إهمال أمني بسبب اعتبارات الميزانية”.
ونقل موقع “كان” العبري عن وزير الأمن “أفيغدور ليبرمان” أنه أصدر تعليماته للجيش بالتعامل بحزم لقتل الحاخام وقال مهددا “سيدفع الفلسطينيون ثمنا باهظا بعد هذه العملية”.
القناة السابعة نقلت عن وزير الزراعة أريئيل قوله “يجب أن نعمل على طرد أسرة القاتل من أجل خلق رادع”.
فيما أشارت صحيفة معاريف بأن العملية جاءت بعد أجواء خادعة، وذلك نقلا عن رئيس جهاز الشاباك نداف أرغمان الذي قال الشهر الماضي، “إن الهدوء الذي نواجهه مضلل، وحماس تحاول بكل ما لديها لتنفيذ هجمات إرهابية”.
وأضاف “الساحة الفلسطينية في العام الماضي كانت ساحة غير مستقرة جدا، لا في غزة ولا في يهودا والسامرة، وبالتأكيد بعد إعلان ترمب عن القدس”.
فيما نقل الإعلام العبري عن ردّات فعل المستوطنين ومطالبتهم للجيش بإعادة إغلاق الطرق الفلسطينية المجاورة للمستوطنات، ولم يتوان الجيش “الإسرائيلي” عن إقامة الحواجز والسواتر الترابية، وإعاقة مرور المركبات قبل العملية، مع أن الجيش “الإسرائيلي” يُساند عربدة المستوطنين وجرائمهم.
وحسب ما نشره موقع “تيك ديبكا” الاستخباري فإن لدى الأمن “الإسرائيلي” معلومات مسبقة عن نية الفلسطينيين تنفيذ عمليات مسلحة كانت مبيتة، وأن معلومات وصلت الجيش وأجهزة الأمن منذ أسابيع عن نية مجموعات مسلحة بتنفيذ هجوم في شوارع الضفة المحتلة، وحسب مصادر للموقع العبري فإن المنفذين مدربون بشكل جيد على إطلاق النار من سيارة مسرعة، وقد استخدموا أسلحه نظامية، وليس أسلحه ارتجالية.
فيما قالت القناة 20 العبرية بأن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آيزنكوت زار موقع عملية إطلاق النار وأمر بزيادة القوات، ورفع حالة التأهب في الضفة بسبب الخوف من هجمات مماثلة.
ونقلت القناة السابعة عن الوزير أوري أرئيل قوله “لقد سمعنا في الماضي أن هناك أسلوب العصا والجزرة؛ وأتوقع الآن من المؤسسة الدفاعية استخدام العصا ويجب طرد عائلات المنفذين وهدم منازلهم، وحول ترحيب حماس بالعملية قال إن “الإرهاب” في قطاع غزة يجب أن يعالج أيضا بشدة”.
ومن الجدير بالذكر أن الموقع الاستيطاني ” حڤات جلعاد” غرب مدينة نابلس أقيم على اسم المستوطن الذي قتل قبل سنوات جلعاد موشي زار، والتي أقيم على يد آيتي زار عام 2002 و يسكنها 40 عائلة وهو ابن المستوطن المعروف موشي زار الذي استولى على معظم أراضي المنطقة، و يسكن في بيت وحيد على قمة جبل هناك، وهو من حاول اغتيال بسام الشكعة رئيس بلدية نابلس.
محللون إسرائيليون اعتبروا أن التوقيت الزماني والمكاني للعملية كان ناجحا بالنسبة للمنفذين؛ حيث جاء في أعقاب تدهور الوضع السياسي، وفي ظل أجواء أمنية مشددة.
وبحسب المحللين فقد تم اختيار موقع العملية بدقة، إذ تعد هذه المنطقة منطقة مستوطنات، ولا تخلو من دوريات الجيش “الإسرائيلي”، وهي جرأة كبيرة من فلسطيني لتنفيذ هكذا عملية والانسحاب الآمن، وهو ما يعني كسر نظرية الأمن.
واعتبر الكثير من المتابعين للشأن الاسرائيلي أن وقوع العملية في ظل استنفار جهاز الشاباك، وحملة الاعتقالات اليومية خوفا من تنفيذ العمليات، يدل بشكل واضح على فشل تقديرات الأجهزة الأمنية وعلى رأسها الشاباك، الذي كان يقول أنه قضى على الفعل المقاوم في الضفة الغربية وعودة “الذئب الوحيد”، حيث تشير التحليلات الاسرائيلية إلى أنه جرى تنفيذ العملية من مقاوم واحد.