في المؤتمر الصحافي بعد تحرره من السجون الإسرائيلية.. الشيخ رائد صلاح يتحدث عن ظروف اعتقال قاهرة تفوق العزل الانفرادي
الشيخ رائد صلاح: “لقد أرادوا أن يسجنوني في جحر، وحيدا معزولا، لا بل فرضوا عليّ في ظروف عشت بها، أن أكون ليس في قسم عزل فقط بل في عزل عن قسم العزل، هكذا عشت والحمد لله ثبّتني الله”.
طه اغبارية
كشف الشيخ رائد صلاح عن ظروف اعتقال قاهرة تفوق العزل الانفرادي تعرض لها خلال قضاء محكوميته على خلفية “ملف الثوابت”، مشيرا إلى أنه سيتطرق إلى تفصيلات هذه المعاناة في الأيام المقبلة.
جاء ذلك في المؤتمر الصحافي الذي نظمته لجنة المتابعة العليا ولجنة الحريات واللجنة الشعبية وعائلة الشيخ رائد، في منتجع الواحة، بعد تنسم الشيخ رائد صلاح الحرية من السجون الإسرائيلية.
استهل المؤتمر الصحافي بتلاوة من القرآن الكريم للشيخ نضال أبو شيخة عضو لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، وتولى إدارة المؤتمر الاستاذ توفيق محمد عضو لجنة المتابعة العليا، الذي رحّب بالحضور جميعا وعلى رأسهم الأسير المحرر الشيخ رائد صلاح.
وحيّا الشيخ رائد صلاح في بداية كلمته خلال المؤتمر، الحضور الذين احتشدوا بالمئات فضلا عن العديد من وسائل الإعلام المحلية والعربية.
وتوجّه بالشكر إلى أمه “الصابرة التي جسدت جبلا من الصبر وهي تعيش معي متنقلة من سجن الى سجن ومن محكمة الى محكمة، كما أسجّل شكري الكبير كذلك إلى زوجي أم عمر، وقد قلتها مع احترامي لكل النساء الكريمات، لو قيل لي اختر الزوجة المثالية لقلت زوجي أم عمر” كما قال.
وشكر الشيخ رائد أفراد عائلته وأهله فردا فردا، كما توجّه بالشكر الى السيد محمد بركة رئيس لجنة المتابعة والشيخ كمال خطيب رئيس لجنة الحريات واللجنة الشعبية في مدينة أم الفحم. وسجّل الشكر “للقيادات الفكرية والقيادات الدينية والسياسية والإعلامية في كل الدنيا، الذين وقفوا في وجه غطرسة الظلم العالمي وتجرأوا وساندوا قضيتي العادلة، قضية الحق المنتصر أمام الباطل المتغطرس”.
وقال إن هذه العناوين جميعها كانت بالنسبة له “بردا وسلاما عندما عشت كل أيامي معزولا متنقلا من عزل إلى عزل حتى منّ الله عليّ واستبشرت أن أرى وجوهكم المتفائلة حتى الآن تحت شمس الحرية”.
وأردف شيخ الأقصى “لقد أرادوا أن يسجنوني في جحر، وحيدا معزولا، لا بل فرضوا عليّ في ظروف عشت بها، أن أكون ليس في قسم عزل فقط، بل في عزل عن قسم العزل، هكذا عشت والحمد لله ثبّتني الله”.
وأضاف “لولا الله لكان الحال على غير ما ترونني الآن، ولهذا الكلام تفصيلات قادمة إن شاء الله. فأنا بكرامة من الله وتدخل رباني مباشر، أقف وأتحدث أمامكم بحمد الله رب العالمين، والله لو سجدت وبقيت ساجدا حتى تخرج روحي، لما أدّيت الحمد المطلوب لله رب العالمين”.
وزاد الشيخ رائد حول ظروف اعتقاله “هكذا كانت حياتي ومحاولة فرض دور الأخرس عليّ، ولكن هيهات هيهات، قد يتحدون ضعفي ولكن هل يتحدّون الله تعالى. من هذا المجنون الذي تسوّل له نفسه أن يتحدى الله تعالى”.
وتطرق إلى مصافحته بـ “الأصابع من خلف القضبان لعدد من الأسرى الفلسطينيين من ذوي المحكوميات العالية والمؤبدة، منهم محمد العارضة ومحمود النابلسي والأسير الشرباتي”.
وقال إن معرفتهم كانت “طاقة فتحها الله لي على أسرى الحرية عمالقة الصبر والثبات، عمالقة الرؤوس المرفوعة”، معربا عن تقديره لمواقفهم العظيمة في مؤازرته لا سيّما لما عرفوا بقرب خروجه من السجن.
وتطرق إلى تعرفه على عدد من السجناء الجنائيين الذين حمّلوه رسالة إلى شعبنا والمجتمع العربي مفادها الدعوة إلى “العيش في لغة الصفح والتسامح والمحبة، وكفى لإراقة الدماء”.
وأكمل الشيخ رائد “عشت أسيرًا معزولا، أُريد لي أن أعيش أخرس، ولعل البعض طمع أن أخرج أخرس، ومع ذلك علّمني السجن الشيء الكثير، كثير من الأمور كما لو أني آكل العسل، أو اتذوق حلاوة قول الرسول عليه الصلاة والسلام: والله ما قضى الله قضاء للمؤمن إلا وهو خير له..””.
وكشف انه خلال فترة سجنه ألّف 11 كتابا في عناوين مختلفة ونظم ديوانا من الشعر بعنوان “الربيع النبوي” والذي يتحدث فيه عن مبشرات خير للأمة.
وشدّد الشيخ رائد صلاح “يُشرفني أن أكون من أبناء المشروع الإسلامي العروبي الفلسطيني، ويشرفني أن التقي مع أي إنسان بدون استثناء، التعدديات المختلفة يجب ألا تفرقنا، بل غاية هذا المشروع الإسلامي، الأخيرة أن نملأ الأرض قسطا وعدلا لكل الأرض”.
وأضاف: “نحن ماضون ونحن موقنون أنّ الله أكرمنا بثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية، عليها نحيى وعليها نموت، وعليها نلقى الله، هذه الثوابت لا تشيخ ولا تموت ولا تخرج الى التقاعد، هذه حقيقة وأية أمّة تتخلى عن ثوابتها، تكتب على نفسها الانتحار، نحن مع ثوابتنا كل ثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية، وهي مفصّلة في كتابي “معركة الثوابت”، تاج هذه الثوابت القدس والاقصى المباركين”.
وختم الشيخ رائد صلاح كلمته بالقول “أكرمني الله من ضمن ما قرأت في السجن، كتابا اسمه “السيرة النبوية” للدكتور الصلابي، وفيه جواب واضح بين السطور، كيف يمكن أن نستفيد منه ونستثمر في علاج آفة العنف في الداخل الفلسطيني، كذلك أبشر أنني على العهد مع ثوابتن وعلى العهد مع القدس والاقصى، وأنا على العهد مع لجان افشاء السلام سنكمل ونواصل في مشروع لجان إفشاء السلام من حيث انتهينا، فقد أقمنا أكثر من 40 لجنة إفشاء سلام محلية في داخلنا الفلسطيني، وسنبقى نعمل في هذا المشروع في كل بلداتنا وأنتم رأس مالنا نحن أقوياء بكم”.
كلمة بلدية أم الفحم
هذا وكانت المداخلة الأولى في المؤتمر الصحافي، لبلدية أم الفحم، وألقاها المهندس زكي محمد اغبارية القائم بأعمال رئيس بلدية أم الفحم نيابة عن الدكتور سمير صبحي المتواجد خارج البلاد.
وقال اغبارية “يوم استقبال الشيخ رائد صلاح هو يوم عرس في أم الفحم ولكل امتنا العربية والإسلامية وشعبنا الفلسطيني”.
وأضاف “دفع الشيخ رائد ثمن الحفاظ على المواقف والثوابت والمقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، نرحّب به بيننا وهو يزيدنا معنويات بكلامه وحضوره”.
كلمة رئيس لجنة المتابعة
ورحّب السيد محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة بالحضور، وقال إن “هذا يوم نحتفل به، لا نحتفي به بانتهاء العقوبة وانما بانتهاء فصل من فصول الظلام، لان الشيخ رائد عوقب بعقلية الاحتلال الذي يريد استهداف الصوت الفلسطيني والعقيدة والثوابت”.
وأضاف “لا يوجد نظام في العالم تجرأ على ذلك، ولذلك نحن سعداء بخروج الشيخ الى فضاء الحرية، من أجله وبيته وعائلته ومن أجل محبيه وشعبنا ومن أجل لجنة المتابعة التي افتقدنا حضوره فيها هذه الفترة”.
وتابع بركة “هو صاحب مشروع وطني وديني وعقائدي، الفرق بينه وبين آخرين، انّه الأكثر استعدادا ليدفع ثمن مواقفه، ولو أنه تراجع عن مواقفه لما سُجن”.
وقال إن الشيخ رائد يشكل نموذجا نريد أن تفهمه أجيالنا الشابة”.
وأضاف أن “ما يتعرض له الأقصى في الفترة الأخيرة، فاق كل شيء، وهذا يعيد من جديد الدور الطليعي للشيخ رائد صلاح، خاصة الآن لأنهم يريدون بناء الهيكل المزعوم. المسجد الأقصى في خطر ودور الشيخ طليعي في هذه المعركة العادلة على الأقصى والقدس”.
وقال أيضا “المؤسسة الإسرائيلية تريد قطع رؤوسنا ورؤوس قياداتنا ومناضلينا كي نصبح شعبا مقطوع الرأس بدون بوصلة ولا اتجاه. وفي موازاة ذلك ينشرون الجريمة والعنف في مجتمعنا من أجل تفكيك البنية التحتية لمجتمعنا، وفي هذه المسألة هناك دور متميز للشيخ رائد صلاح في إرساء السلام وهو صاحب مشروع افشاء السلام في مجتمعنا”.
وخاطب الشيخ رائد قائلا “ندعوك أن تعود أسرع ما يمكن إلى لجنة المتابعة وقيادتها، وأن تأخذ علم وراية الأقصى والثوابت والسلم الأهلي، هذه الأمور تقلق المؤسسة الإسرائيلية، ونحن نعتمد على دورك، نهنئ شعبنا والجميع في هذا اليوم”.
كلمة الشيخ كمال خطيب
الشيخ كمال خطيب رئيس لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، رحّب بالحضور وقال “لا شك أنّ فرحا غامرا يشعر به كل من جاء اليوم ومن سيأتي للتهنئة في قادم الأيام، هذا الشعور علامة محبة وتقدير في قلب ووجدان كل صادق من أبناء شعبنا ممن عرف فضل ودور الشيخ رائد فيما قدّم لشعبه وأمته ودينه خلال سني عمره الطوال”.
وقال إنه تعرّف على الشيخ رائد صلاح قبل نحو 41 عاما، لما تخرّج الشيخ رائد من كلية الشريعة في جامعة الخليل وكان هو كمال خطيب طالبا في السنة الأولى بكلية الشريعة هناك، مؤكدا “وكان هناك عهد وميثاق أن نمضي في خدمة ديننا وشعبنا وأمتنا، صحيح أنّ ثمن هذه الرابطة كان باهظا، سواء كان بحظر الحركة الإسلامية يوم 17/11/2015 أو بالاعتقالات والملاحقة، وقد ظنّت المؤسسة الإسرائيلية أنها بهذا ستسكت صوتنا أو أن تحرف بوصلتنا، وهذا ما لن يكون إن شاء الله”.
وتطرق إلى المتغيرات التي حدثت خلال سجن الشيخ رائد صلاح وكيف “تحوّل نفتالي بينيت إلى يساري في نظر البعض، وكيف أن ليبرمان أصبح “قريبا” وأن جدعون ساعر صار حمامة سلام، وكيف أن الهيكل صار في نظر البعض “جبل الهيكل” وأن حائط البراق صار عند البعض “حائط المبكى”.
واستدرك خطيب بالقول “لكن عملة شعبك يا شيخ رائد لم تتغير، لا زالت قيّمة ونادرة وستظل الرقم الصعب، سيظل أبناء شعبنا الرقم الصعب في التأكيد على هوية القدس والأقصى”.
وأضاف “لمّا قلنا “الأقصى في خطر” قالوا لنا لما تهولون من الأمر، الأقصى بخير، واليوم كل فلسطيني صادق يؤمن أن الأقصى في خطر”.
وتابع الشيخ كمال “مع كل الواقع الصعب الذي وجد بعد حظر الحركة الإسلامية، لكن سنبقى نقول إنها وسيلة وليست غاية نخدم بها اسلامنا ومجتمعنا، فإن غابت، حتما لا بد من خلق وسائل أخرى لخدمة المجتمع والدين”.
واكد خطيب ان شعبنا في هذه المرحلة ومع خروج الشيخ رائد صلاح يحتاج إلى عدم تمييع البوصلة والصمود على الثوابت.
وختم الشيخ كمال خطيب بالقول “إذا كان أسلافنا قد علّمونا مقولة “إني سهم في جعبتك”، فأنا على يقين أن الشيخ رائد ما يزال يقول لشعبه أنا سهم في جعبتك، نعرف الشيخ وهمّته ودينه ولا يقبل منه أن يخرج في إجازة فأنت سهم في صدور الباطل ونحن كلنا سهام معك كما تعاهدنا معك، نمضي على هذا العهد على يقين أننا إلى الفرج أقرب إن شاء الله”.
كلمة اللجنة الشعبية في أم الفحم
السيد محمود أديب رئيس اللجنة الشعبية في أم الفحم، رحّب بالشيخ رائد صلاح بين أهله وأبناء شعبه، وقال “إن هذه القامة لطالما كانت موحّدة لكل العمل الوطني، ودفعت ولا تزال تدفع الثمن مقابل ثوابتنا الوطنية”.
وأضاف “تحوّل الشيخ رائد صلاح إلى أيقونة للقيادة الوطنية التي نفتخر بها، مناضلا تحدى أصفاد السجن والقيد ولم تفت في عضده وعزيمته”.
وختم محمود أديب بالتأكيد على أهمية الوحدة بين كل مكوّنات شعبنا وأنها سر قوتنا وضمان نجاحنا في مواجهة السياسات العنصرية الإسرائيلية.