أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

روسيا بوتين تدير ظهرها للقضية الفلسطينية

الإعلامي أحمد حازم

جرت العادة في العلاقات بين الدول أن أي رئيس دولة ينوي زيارة دولة معينة، يعطي هو أو وزير خارجيته مقابلة لكبرى صحف تلك الدولة قبل وقت قصير من زيارتها، وهذه عادة لا تزال إلى حد ما سارية المفعول حتى اليوم. فقبل اللقاء الذي جمع مؤخرًا رئيس الحكومة الإسرائيلية بينيت، مع الرئيس الروسي بوتين في مدينة سوتتشي، نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” مقالًا لوزير الخارجية الروسي، جاء في مقدمته، أن الموقف الروسي التقليدي من الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي: حل الدولتين، ودعم مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والعمل من خلال اللجنة الرباعية الدولية بالتعاون مع مندوبي جامعة الدول العربية، إلاّ أنّ كل ذلك يجب أن يأخذ بالاعتبار بصورة أساسية المصالح الأمنية لإسرائيل كمبدأ لا يمكن التهاون إزاءه.

لكن هذه الأمور التي تحدث عنها لافروف في المقال، لم تطرح أبدًا على بساط البحث خلال لقاء بوتين مع بينيت، اللذين تناولا في المباحثات التي جرت، وللمرة الأولى بينهما، الملفين السوري والإيراني وقضايا متعلقة بملف الإرهاب. الأمر الذي يدعو إلى الاستغراب أن موسكو كثيرًا ما تحدثت عن رغبتها واستعدادها لعقد مؤتمر دولي برعايتها، وكذلك دعوتها في العام 2018 لعقد لقاء مباشر بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونتنياهو عندما كان رئيسًا للحكومة الإسرائيلية.

وعلى الأكثر، عندما شعر الروس بأن إسرائيل غير مهتمة مطلقا بما تدعو إليه موسكو، ورفضت كل دعواتها المتعلقة بالسلام، أرادوا تغيير لعبة الكلام، حيث رأى الجانب الروسي أن عدم التطرق لملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قد يحسّن بصورة أكثر علاقات موسكو مع إسرائيل، كما أنّ الخلافات حول قضايا تتعلق بإيران وسوريا بالإمكان إيجاد صيغة للتفاهم حولها، باستثناء ملف الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

ويلمس المراقب والمتتبع لما يجري في المنطقة، أن أمن إسرائيل هو الأهم للجانب الروسي، وهذا ما ورد في تصريح لوزير الخارجية الروسي لافروف. فخلال زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي لابيد إلى موسكو في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلن لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإسرائيلي في التاسع من الشهر نفسه عن تمسك موسكو بضمان أمن إسرائيل، وقال إن “هناك مصالح مشروعة، مثل مصالح أمن إسرائيل، ونحن نؤكد دائما أنها من أهم الأولويات بالنسبة لنا”. تصريحات لافروف هي في حقيقة الأمر نسخة طبق الأصل عن الموقف الأمريكي المتعلق بأمن إسرائيل. فالدولة الأمريكية الإمبريالية كما يسميها الروس تلتقي مع روسيا المقاومة للإمبريالية حسب تعبير قادة روسيا فيما يتعلق بأمن دولة الاحتلال.

أقوال لافروف في المؤتمر الصحفي، عكست الموقف الروسي من كافة الحروب التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة. فمنذ حرب العام 2009، تحاول موسكو أن لا تزج نفسها بمواقف تحرج إسرائيل، بل ذهبت أحيانًا كثيرة في اتجاه تحميل المسؤولية لصواريخ المقاومة، وطالبت بضرورة حفاظ إسرائيل على أمنها والرد على مصادر الخطر. رغم أن فضائية (روسيا اليوم) الموجهة للعالم العربي أخذت نهجًا إعلاميًا مختلفًا، إذ كانت في الغالب تدعم الموقف الفلسطيني.

إذًا، الرئيس الروسي يلعب على الحبلين فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكن الحبل الإسرائيلي بالنسبة إليه وحسب ممارساته أهم بكثير من الحبل الفلسطيني، ولذلك تراه دائمًا في حفاظ عليه. روسيا بوتين تدير ظهرها للقضية الفلسطينية بشكل واضح، فهل يفهم ذلك عرب العلم الأحمر الذين يرفعون المظلة كلما أمطرت في موسكو؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى