“التايمز” تكشف تفاصيل مثيرة عن المرتزقة الروس بسوريا
نشرت صحيفة “التايمز” تقريرا أعده توم بارفيت، يقول فيه إن جيش المرتزقة الروس المرتبط بالحملة التي شنها الرئيس فلاديمير بوتين؛ دعما لرئيس النظام السوري بشار الاسد، يدفع ثمنا غاليا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن الآلاف من الروس يقاتلون في سوريا، وهم أعضاء في جماعة مرتزقة سرية قريبة من الكرملين، وتهدف إلى تخفيف الضحايا من بين الجنود النظاميين الروس.
ويبين الكاتب أنه عندما قامت شركة تعهدات أمنية اسمها “واغنر”، إلى جانب القوات النظامية الروسية، ودخلت معارك ضد المعارضة للأسد، فإنه قتل على الأقل 150 من أفراد ما يعرف “الجيش الشبح”، مستدركا بأن أقارب الذين قتلوا أو فقدوا في المعارك بدأوا يشتكون بسبب عدم معرفتهم عن مصيرهم وتم التعتيم عليهم.
وتذكر الصحيفة أنه يعتقد أن عدد المرتزقة الروس في سوريا يقدر بـ1500 – 2000 مرتزق، وهو نصف عدد القوات الروسية النظامية في سوريا في فترات الذروة، منذ قرار بوتين التدخل في سوريا نهاية أيلول/ سبتمبر 2015.
ويلفت التقرير إلى أن الوحدات التابعة لشركة “واغنر” أدت دورا مهما في المعارك ضد تنظيم الدولة والجهاديين والجماعات الأخرى المعارضة للأسد، حيث عملت تحت جناح القوات الروسية النظامية، ومع ذلك نفت وزارة الدفاع الروسية وجود هذه القوات، وأبقت على عملياتها سرا.
وينقل بارفيت عن الناشط رسلان ليفييف في موسكو، الذي قام بالتحقيق في وجود هذه القوات، قوله: “إن هدف هذه المجموعة هو العمل كقوات برية نيابة عن القوات النظامية الروسية مع قوات الحكومة السورية بشكل يسمح للجيش الروسي بالتقليل من قواته”.
وتفيد الصحيفة بأن بوتين أعلن هذا الشهر عن تخفيض القوات الروسية في سوريا، بعد أن أدت العمليات مع قوات الأسد إلى “سحق الإرهابيين بشكل كامل” بحسب قوله.
ويقول ليفييف، الذي يدير مركزا اسمه “كونفليكت إنتليجنس تيم”، إنه “تم استخدام (واغنر) من أجل أن يقال للغرب: انظروا إلى حملتنا العسكرية التي لم يمت فيها سوى القليل مقارنة مع قتلاكم في أفغانستان والعراق”.
ويبين التقرير أنه من الناحية الرسمية، فإن عددا قليلا من الجنود الروس قتلوا في الحرب، إلا أن ليفييف وغيره قاموا بإحصاء قتلى “واغنر”، من خلال البحث عن أدلة في وسائل التواصل الاجتماعي والوثائق المسربة من الشركة، لافتا إلى أنه تم إقناع عائلات المرتزقة الذين قتلوا أو فقدوا بالصمت، حيث يتم تعويضها بمبلغ 38 ألف جنيه إسترليني، وهناك قلة ممن يتحدثون تعبيرا عن حالتهم الصعبة، لكن بعدما يحصلون على معلومات غير كاملة أو متناقضة عن أقاربهم.
ويذكر الكاتب أن عائلة غريغوري تسوركانو (38 عاما) ظهرت في مقابلة مع القناة المستقلة في موسكو “دوزد”، حيث ظهر تسوركانو وموظف آخر في “واغنر” اسمه رومان زابولتني في شريط فيديو لتنظيم الدولة، بث في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وقالا إنهما في الأسر ولم يسمع عنهما أي شيء، وقال والدا تسوركانو إن ضباطا أقاموا معهما لمدة أسبوعين، وقالوا لهما إنهما بحاجة لحماية من الصحافيين، ويعتقدان أن هذه حيلة كانت من أجل منعهما من خلق فضيحة للشركة، مشيرا إلى أن وزارة الدفاع لم ترد على مطالب الوالدين المساعدة في تحديد مكان وجود ابنهما.
وتنقل الصحيفة عن ممثل لشركة “واغنر”، قوله إن ابنهما قتل، لكنه لم يقدم تفاصيل، وقال تسوركانو الأب لقناة “دوزد”: “لقد كنت ساذجا.. لقد عشت حياتي كلها ساذجا، ووثقت بالناس، ولم أعد أصدق أي أحد، وقال بوتين ذات مرة: لن نتخلى عن الروس، وصدقته، والآن أفهم أنها كذبة، اللعنة عليهم، (واغنر) وكلهم”.
ويشير التقرير إلى أنه في حالة أخرى، تلقى ليفييف اتصالا من شقيقة تامرلين كاشمازوف (29 عاما)، وهو مقاتل في “واغنر” فقد في نهاية أيلول/ سبتمبر، وبعد شهرين من اختفائه وعدم تلقيها أي معلومات، ذهبت شقيقته إلى معسكر تدريب تابع للشركة في مولكينو في منطقة كراسنودار جنوب روسيا، حيث يقول خبراء عسكريون إنه قريب من قاعدة للقوات الخاصة الروسية، وأخبرها المسؤولون فيه أن شقيقها قتل في سوريا، وحرق مقاتلو تنظيم الدولة جثته.
ويورد بارفيت نقلا عن شقيقة كاشمازوف، قولها إن الضباط لم يكونوا قادرين على تحديد المعركة التي قتل فيها، و”يبدو أنهم كانوا مصممين على التخلص منا”، وأضافت: “أفترض أنه اختفى دون ترك أثر، وعندما بدأنا بإزعاجهم كان من السهل عليهم القول إنه مات”، وعرضت الشركة على العائلة تعويضات وكفنا من الزنك، وهو ما رفضته العائلة التي شعرت بالاشمئزاز.
وتلفت الصحيفة إلى أن اسم الشركة “واغنر” جاء من اللقب الحركي لقائدها ديمتري أوتكين، الضابط السابق في القوات الخاصة الروسية، وهو في الأربعينيات من عمره، ولديه اهتمام بألمانيا النازية.
ويستدرك التقرير بأنه رغم أن المشاركة في قوات مرتزقة ممنوع في روسيا، إلا أن الشركة تعمل بموافقة من الكرملين، حيث أن بوتين لم يذكر الشركة عندما عقد حفلة تقديم الجوائز يوم الخميس، وكرم فيها 600 جندي وجندية شاركوا في سوريا، منوها إلى أن أوتكين المولود في كيرفورهراد أوبلاست في أوكرانيا، ظهر وهو يلتقي مع الرئيس في حفلة عشاء في الكرملين قبل عام.
وينوه الكاتب إلى أن الشرطي السابق الذي يعمل في موقع “فونتانكا” في سانت بطرسبرغ، دينس كوروتكوف، كشف عن نشاطات “واغنر”، وقالت مصادره إن المرتزقة في سوريا حصلوا على بنادق مصنعة في كوريا الشمالية، وأسلحة تعود للفترة السوفييتية “آر بي- 49″، ومنح الجيش السوري مقاتلي “واغنر” مصفحات من نوع “تي-72” ومدافع “هاوتزر 122 مليمتر”، فيما يحصل المرتزق على 240 ألف روبل في الشهر، ويعتمد ذلك على الرتبة وخطورة المعارك التي يشاركون فيها، لافتا إلى أن معظمهم من الجنود السابقين في الجيش الروسي، أو عملوا مع وحدات المتطوعين المؤيدة لروسيا في أوكرانيا.
وبحسب الصحيفة، فإن بوتين نفى مشاركة الجنود الروس في المعارك في منطقة دونباس الأوكرانية، لكنه اعترف في عام 2014 بوجود متطوعين روس “لبوا نداء القلب”، كما قال، مضيفا أنهم ليسوا مرتزقة نظرا لتلقيهم المال، مشيرة إلى أن مستوى التنسيق بين الجيش الروسي في سوريا والمجموعة انخفض، ففي الوقت الذي يصل فيه بعض المقاتلين منهم إلى سوريا على متن المقاتلات الروسية، فإن بعضهم يذهب إلى دمشق من خلال الطيران التجاري، وينقلون إلى قاعدة حميميم الجوية وبالمروحيات إلى ساحات المعارك.
وتختم “التايمز” تقريرها بالإشارة إلى قول كوروتكوف في مقابلة هاتفية إن “(واغنر) تعتقد أننا تقاتل (إلى جانب الخير) ضد المتطرفين في سوريا”.