المواثيق الدولية.. خنجر مسموم في خاصرة الأسرة
أمية سليمان جبارين (أم البراء)
بداية وقبل الاسترسال في موضوع المقالة، أودّ أن أنوه إلى أن كافة المواثيق والمعاهدات الدولية تخرج من تحت سقف منظمة الأمم المتحدة، تلك المنظمة التي أُنشئت بعد الحرب العالمية الثانية في العام 1945 لتكريس الاحتلال غير التقليدي، على دولنا الإسلامية، لا سيّما بعد الإعلان عن تحرير واستقلال أغلب الدول المُستعمرة آنذاك، ولو شكليا، باستثناء الجزائر وفلسطين. وكما هو معروف، أن الدول المؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة هي ذاتها الدول المُستَعمِرة والمنتصرة بالحرب. وحتى تستطيع هذه الدول المستعمرة السيطرة على الدول ومقدراتها خاصة بعد مقاومة الشعوب العظيمة للاستعمار وتقديم ملايين الشهداء في سبيل تحرر البلاد، كان لا بد لتلك الدول المستعمرة وضع خطة بديلة وغير تقليدية، وعند البحث والدراسة من قبل المفكرين والساسة في الغرب تبيّن لهم أن الأسرة وبالذات الأسرة المسلمة، هي اللبنة الأولى والأساس في تشكيل الوجه العام للمجتمعات والأمم، لذلك تعتبر الأسرة عماد الأمة وأساس نهضتها ووقود تحررها، وأن الأم بالذات هي من تربي الأبناء على حب الدين والوطن والتضحية في سبيلهما ولنا في خنساوات فلسطين خير مثال على ذلك- وقد أخترت نساء فلسطين كمثال ليس للقصر، وإنما لأن فلسطين ما زالت ترزح تحت نير الاحتلال- وكما ذكرت، فعلى مرّ العصور كان للمرأة المسلمة الدور البارز في مسيرة تحرير الشعوب، لذلك فقد وضعت منظمة الأمم المتحدة خططا واستراتيجيات عملت عليها ولا زالت تعمل بها في سبيل تدمير الأسرة المسلمة، وبالذات ركيزتها الأهم وهي المرأة، من أجل الوصول إلى مجتمعات منحلة تائهة لا تقيدها أية شرائع دينية أو قيم أخلاقية، وهذا الهدف تمّ تحقيقه في المجتمعات الغربية، ويعملون الآن على تحقيقه في مجتمعاتنا المسلمة.
وقد يتساءل البعض لماذا هذا التركيز على الأسرة المسلمة؟! وما دخل الغرب البعيد بمدى نجاح هذه الأسرة أو تدميرها؟! أمّا الجواب، فقد جاء على لسان هنري كيسنجر مستشار شؤون الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق، ريتشارد نيكسون (1974) حيث أصدر تقريرا قال فيه: “إن النمو السكاني في دول العالم الثالث هو مصدر قلق للأمن القومي الأمريكي، وقد أوضح سبب ذلك القلق في الاضطرابات الأهلية (الثورات ضد المحتل) وحاجة أمريكا والغرب إلى الثروات والموارد الطبيعية التي تمتلكها بلدان العالم الثالث. وسبب آخر مهم، هو التعداد السكاني الأوروبي الذي يتناقص بشكل متسارع، حيث أصبحت القارة الأوروبية في القرن العشرين كالجليد تذوب وتختفي تحت أشعة الشمس، وفي المقابل، فإن المنحنى السكاني عند المسلمين في ازدياد (تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة)، لذلك أوصى وطالب تقرير كيسنجر بفرض سياسة تنظيم النسل على 13 دولة من دول العالم الثالث، كما طالب التقرير بتقنين الإجهاض وإباحته كحل ضروري لخفض الزيادة السكانية!!! وبما أن هدف الغرب متمثلا بالأمم المتحدة خفض عدد السكان إلى صفر فيجب عليهم أن يضعوا خططا جهنمية لتدمير وتجفيف رأس النبع الذي يغذي هذا التكاثر وينشئ الأجيال ألا وهي الأسرة.
لذلك عقدت الأمم المتحدة وعلى مدار سنوات المؤتمرات الدولية في عدة دول من أجل سن قوانين دولية تحت مسميات براقة مثل: الحفاظ على حقوق المرأة والطفل، الحفاظ على صحة المرأة والطفل، محاربة العنف ضد المرأة والطفل، حماية المرأة والطفل من العنف الأسري، الارتقاء بمكانة المرأة. وكل هذه المسميات ما هي إلا كالسم الزُعاف يُدَس تدريجيا لتغيير المفاهيم والثقافة المجتمعية من خلال المناهج التعليمية، والإعلام الرسمي لكل دولة على حدة. ومن أهم هذه المؤتمرات التي عُقِدت في سبيل تنفيذ أجندة الأمم المتحدة لتدمير الأسرة كان:
1. المؤتمر العالمي الأول للمرأة الذي عقد في نيومكسيكو عام 1975.
2. اتفاقية سيداو 1979.
3. المؤتمر العالمي الثاني للمرأة كوبنهاجن عام 1980.
4. المؤتمر العالمي الثالث للمرأة عام 1981.
5. المؤتمر الدولي للسكان والتنمية في القاهرة عام 1994.
6. المؤتمر العالمي للمرأة في بكين عام 1995.
تجدر الإشارة إلى أن كل اتفاقية أو وثيقة تصدر عن أي مؤتمر هي مُلزِمة لكل الدول الأعضاء، وإن رفضتها أية دولة أو قاومتها تسعى الأمم المتحدة لكسر هذه المقاومة إما بالمال (إغلاق شبر المساعدات المالية) أو بالإرهاب. وبما أن جميع الشعوب قد قاومت ولا تزال تقاوم بعض الاتفاقيات الأممية، فقد أوجدت الأمم المتحدة مظلات تندرج تحتها سبل تحقيق أهدافهم الخبيثة، ولكن تحت مسميات مُمّوهة ومصطلحات مخففة، أو كما يقولون كلمة حق أريد بها باطل ومن أهم هذه المظلات:
1. مظلة المساواة.
2. مظلة الأمومة الآمنة.
3. مظلة الصحة الجنسية والإنجابية.
4. مظلة حرية الاختيار.
5. مظلة التنمية المستدامة.
هذه باختصار، أهم المواثيق الأممية، وأهم مطالبها، حيث سنقوم بمقال قادم- بمشيئة الله- بشرح هذه المظلات وما يندرج تحت قبابها من معان خبيثة وهادمة للأسرة المسلمة على وجه الخصوص.