يستذكر مسلمو اليابان باعتزاز، الداعية التركي نعمة الله خليل إبراهيم يورت، الذي وافته المنية نهاية الشهر الماضي (يوليو/ تمّوز 2021)، بعد مشوار حافل قضاه في نشر الدعوة الإسلامية في العالم وفي اليابان خاصة.
نعمة الله خليل إبراهيم يورت، الذي توفي عن عمر يناهز 90 عامًا بسبب قصور في القلب خلال تلقيه العلاج في أحد مستشفيات إسطنبول، ساهم من خلال أنشطته الدعوية والإرشادية في اعتناق آلاف الأشخاص للدين الإسلامي في أوروبا واليابان.
ولد يورت، المعروف لدى الجمهور باسم “نعمة الله خوجة”، عام 1931 في منطقة طاشوفا بولاية أماسيا التركية (شمال)، لأبوين تركيين هما إبراهيم وخاتون يورت.
وفي سن مبكرة، بدأ نعمة الله المشاركة مع والده في جلسات العلماء بولاية أماسيا، ليعمل فيما بعد مؤذنًا في جامع “السلطان أحمد” في إسطنبول عام 1955 ويشغل منصب نائب الإمامين الشهيرين محمد أوكوتجي وسيد شفيق أرواسي، قبل أن ينتقل إلى مكة المكرمة بصحبة والده الذي تقاعد وقتئذ من رئاسة الشؤون الدينية في تركيا.
أقام في مكة المكرمة لمدة 33 عامًا، حيث درّس في مسجد حي الأشراف الواقع بالقرب من جبل النور، قبل أن يتوجه لاحقًا إلى اليابان بناءً على دعوة جاءت من هناك، وأصبح الإمام الأول للمركز الإسلامي الياباني.
افتتح نعمة الله خوجة مئات الجوامع والمساجد في اليابان التي أقام فيها أكثر من 20 عامًا، وأصبح يُعرف هناك باسم “مجاهد اليابان”، لأنه ساعد الآلاف من الناس من مختلف الجماعات الدينية على اعتناق الإسلام.
تمكن نعمة الله خوجه الذي كان يتحدث 6 لغات هي التركية والعربية والفارسية والأردية واليابانية والإنكليزية، من توزيع 20 ألف مصحف في الصين عام 1981، وزار أكثر من 50 دولة خلال حياته التي كرسها لنشر الإسلام، كما افتتح مئات المساجد في أنحاء مختلفة من العالم.
– حلم إقامة مدرسة إسلامية في اليابان
وقال هارون قرشي، الأمين العام لجمعية الوقف الإسلامية في اليابان، إن شخصية نعمة الله خوجة كانت متميزة للغاية، وكان هو من كبار المشايخ الذين عاشوا في اليابان.
وأضاف قرشي، لمراسل الأناضول، أن نعمة الله خوجة ساهم في “تشرّف عدد كبير من الأشخاص بالإسلام” في جميع أنحاء اليابان، وأنه يملك مع الداعية الراحل ذكريات طيبة للغاية.
وتابع القول: “لدينا العديد من الذكريات المشتركة. لقد ساهم الداعية الراحل في إقناع العديد من اليابانيين الذين كانوا يخططون للانتحار بالعدول عن هذه الأفكار، من خلال تعريفهم بالإسلام”.
ولفت قرشي الى أن نعمة الله خوجة لطالما حلم بتأسيس مدرسة إسلامية في اليابان، وأنه تمكن من تحقيق هذا الحلم بعد أن بدأت مجموعة من مسلمي باكستان بالعمل على تنفيذ هذا المشروع عام 2017.
– وجه باسم
من جهته، قال الممثل الإعلامي لمسجد طوكيو، “شيموياما شيغيرو”، إن وفاة نعمة الله خوجة تُعدُّ خسارة كبيرة للمسلمين اليابانيين الذين يستذكرون مآثره باعتزاز.
وأضاف شيموياما لمراسل الأناضول، إنهم يتذكرون “الوجه الباسم” المميز لشخصية نعمة الله، الذي كان يسافر عبر البلاد من كيوشو إلى هوكايدو، لإيصال كلمة الشهادة لليابانيين.
– كلمات السعادة
أنصاري ينتورك، الإمام السابق لمسجد طوكيو ومستشار الخدمات الدينية بالسفارة التركية في لندن، قال إنه خلال فترة عمله في اليابان، تعرف إلى الداعية نعمة الله الذي عمل مؤذنًا في مسجد طوكيو وقدم المشورة للشباب الياباني.
وذكر ينتورك لمراسل الأناضول، أن الداعية نعمة الله أصبح بزيه الأبيض وسيلة لإرشاد اليابانيين إلى الهداية للدين الإسلامي والشعور بالسعادة المعنوية.
وتابع: “كان يقف في مخارج مترو الأنفاق ويسأل المارة “هل تريد أن تقول كلمة السعادة؟”. إذا تلقى ردًا إيجابيًا على عرضه، كان يطلب منهم قول “كلمة التوحيد”.
وأشار ينتورك إلى أن نعمة الله خوجة تمكن من إقامة علاقات وثيقة بين الجاليات المسلمة التي تعيش في اليابان، لافتًا أن الأخير قدّم خلال زياراته المتكررة إلى اليابان، كل أنواع التضحيات من أجل نشر الدين الإسلامي بين اليابانيين.
وأردف: “كان نعمة الله خوجة يدرك صعوبة تغيير الناس عاداتهم وتقاليدهم إلا أنه كان مؤمنًا بأن نشر الإسلام يأتي من خلال عملية تربوية تقوم على تجنب الأمور التي من شأنها أن تكسر الروح المعنوية. إنه كان يقوم بأداء هذه الخدمة بإخلاص قدر استطاعته”.
فيما ذكر الإمام الياباني أحمد ماينو، أن نعمة الله خوجة كان يحظى باحترام كبير في اليابان بسبب جهوده الصادقة ومحبته للشعب الياباني.
وفي حديثه مع مراسل الأناضول، أشاد ماينو بالجهود الكبيرة التي بذلها نعمة الله خوجة من أجل تعريف المجتمع الياباني بالدين الإسلامي.
وشدد ماينو على أن الداعية الراحل تمكن من بناء علاقات متينة داخل اليابان وتلقين آلاف اليابانيين في جميع أنحاء البلاد كلمة التوحيد ووضعهم على طريق الهدى.
(الأناضول)