الأولى من نوعها… الشيخ محمد حمدان من الناصرة ينال الدكتوراة في موضوع اللغة العربية- البلاغة في القرآن الكريم
ساهر غزاوي
في الأيام الأولى من ذي الحجة، تلقى الأستاذ الشيخ محمد مصطفى حمدان من مدينة الناصرة البشرى من جامعة حيفا بالمصادقة على نيله درجة الدكتوراة في موضوع اللغة العربية- البلاغة في القرآن الكريم، تحت عنوان “آليات تضخيم المعاني وتفخيمها في القرآن الكريم” وهي الأولى من نوعها على مستوى فلسطين التاريخية، كما أنها من الدراسات القليلة في هذه الموضوع.
صحيفة “المدينة” التقت بالشيخ محمد حمدان (45 عامًا) الحافظ لكتاب الله وإمام مسجد خالد بن الوليد بالناصرة، ومدرس اللغة العربية وموضوع الدين في مدرسة الشرق الابتدائية بالمدينة، وحاصل على اللقب الأول في موضوع الدين واللغة العربية من أكاديمية القاسمي واللقب الثاني باللغة العربية من جامعة حيفا، للحديث عن مشوار مسيرته التعليمية في مشروع الدكتوراة.
يقول الشيخ الدكتور محمد حمدان: “عام 2015 بدأت دراسة اللقب الثاني في جامعة حيفا/ مسار خاص للمعلمين في سنة واحدة، دون رسالة. وقد أنهيته بامتياز. أثناء ذلك حدثتني نفسي بمواصلة الطريق نحو الدكتوراة، فالأمر بدا لي متاحًا (وغيرنا مش أشطر منا). من أجل ذلك حرصت على تحصيل أعلى الدرجات في المواد التي حددوها لنا في هذا المسار”.
ويتابع: “بنيت علاقات طيبة جدًّا مع جميع المحاضرين، خاصة البروفيسور إبراهيم طه. وفور إنهاء اللقب الثاني بدأت بمراسلته، فوافق فورًا دون تردد على أن يكون مرشدًا لي في رسالة الماجستير”.
ويشير الشيخ حمدان إلى أن “الجامعة وضعت شروطًا غاية في الصعوبة للموافقة على مواصلة الطريق نحو الدكتوراة؛ ذلك أن المسار الذي وضعوه للمعلمين لا يتيح للطالب مواصلة الدراسة نحو الدكتوراة؛ إذ هو مسار مغلق محدد لشريحة محددة من الطلاب. وكان من بين تلك الشروط كتابة رسالة ماجستير، بالإضافة إلى سنة استكمالات كاملة لمواد متنوعة من داخل قسم اللغة العربية + لغة أوروبية ثانية (اخترت الألمانية)، واشترطوا كذلك علامات معينة في مواضيع محددة لا تقل عن 90”.
كان الأمر في غاية الصعوبة؛ يضيف الشيخ محمد حمدان لـ “المدينة” ويقول “فمستوى المواد عالٍ، وعدد الساعات كبير، أضف إلى ذلك أني أدرّس في الوقت نفسه، ومسؤول عن تركيز اللغة العربية في المدرسة، ومربٍّ لصف يعج بالمشاكل. ولا ننسى أني إمام لمسجد خالد بن الوليد، ومعروف لدى الجميع حجم وثقل المسؤولية التي يحملها إمام المسجد، بالإضافة إلى كوني رب أسرة وأبًا لأربعة من الأبناء. كل هذه الأحمال والضغوطات جعلتني أفكر، وبجدية في التنازل عن مشروع الدكتوراة، لولا أن الله سبحانه أمدّني بالعزيمة، والأهم من ذلك التوفيق”.
ويُبين: “نجحت في كتابة الرسالة في مدة قياسية جدًّا. وبعد تقديمها شرعت بالإعداد لمقترح البحث الخاص بأطروحة الدكتوراة. وكان عليّ أن أدرس ساعات محددة ومواد متنوعة من خارج قسم اللغة العربية. أعددت مقترح البحث، ولم يكن ذلك سهلًا، وبعد مدة ليست بالطويلة صودق عليه، بالتزامن مع صدور نتيجة تحكيم رسالة الماجستير (93)”.
ويردف الشيخ حمدان حديثه قائلًا: “لم تطل مدة الكتابة؛ فقد خصصت ساعات طويلة متواصلة متتابعة للبحث والتأليف، وربما كان لجائحة الكورونا، واضطرارنا للجلوس في البيت والتعليم عن بعد فضل في تسريع وتيرة التأليف. وبتوفيق من الله وحده أنهيت الأطروحة في زمن قياسيّ، لم أتوقعه من قبل ولم يتوقعه أحد ممن تابعني في الجامعة”.
ويقول أيضًا: “سلمت الأطروحة للتحكيم، وطال انتظار النتيجة. لقد انتظرت 10 أشهر حتى وصلتني البشرى في أفضل أيام العام، في العشر الأوائل من ذي الحجة. وبفضل الله كان المحكّمون معجبين جدًّا بما كتبت، وأثنوا على ذلك كثيرًا”.
أما عن رسالة الماجستير فكانت تحت عنوان: “أسلوب المبالغة في القرآن الكريم”. حيث درست هذا المصطلح البلاغيّ دراسة وافية، وأبرزت جمالية توظيف القرآن الكريم له في سبيل إثراء المعاني القرآنية وتوسيع دلالاتها. وجاءت أطروحة الدكتوراة لتستكمل هذا الموضوع، فكان البحث أعمق وأشمل بأضعاف مضاعفة. عنوان الأطروحة كان: “آليات تضخيم المعاني وتفخيمها في القرآن الكريم”، يقول الشيخ محمد حمدان.
ويضيف: “اشتمل البحث على ثلاثة فصول؛ الأول والثاني نظريان، بحثت فيهما العديد من القضايا النقدية والبلاغية واللغوية والفلسفية. أما الفصل الثالث فكان تطبيقيًّا درست فيه عشرات الآيات القرآنية، مظهرًا شتى الأساليب البلاغية والأدوات اللغوية والتعبيرية التي اشتملت عليها تلك الآيات؛ مبيّنًا كيف وظف القرآن الكريم مختلف أدوات اللغة: البلاغية والنحوية والصرفية والمعجمية والصوتية والإملائية من أجل توسيع المعاني وتفخيمها وتضخيمها، لتبلغ أقصى درجات البلاغة التي أدهشت البلغاء والفصحاء على مر العصور”.
وينهي الشيخ الدكتور محمد مصطفى حمدان حديثه لـ “المدينة” موضحًا أن “البحث كان إضافة مهمة جدًّا للساحة البحثية في مجال الدراسات القرآنية والبلاغية؛ حيث يلاحظ إحجام الدارسين عن الخوض في مثل هذا النوع من الدراسات المتعددة المجالات: اللغوية، البلاغية، النقدية، الفلسفية العقلية، والأهم من ذلك القرآنية. إذ لا بد للدارس أن يحيط علمًا بعلوم القرآن والشريعة الإسلامية المختلفة من تفسير وفقه وعقيدة وبلاغة وحتى أحكام التلاوة والتجويد. كل هذه العلوم جمعتها وصهرتها في قوالب مناسبة، أنتجت هذه الأطروحة. وأسأل الله أن يوفقني لمواصلة الطريق وأن يجعل عملي خالصًا لوجهه الكريم وأن يعم نفعه المسلمين”.