من سجد وجد
محمود ياسين
لو ضاق صدرك اسجد يفرجها ربك، فما أحلى السجود، كيف لا وأقرب ما تكون من ربك وانت ساجد، فالسجود جبهة على الأرض، وقلب في السماء، في السجود تهوي إلى الأرض فتقترب من رب السماء سبحانه وتعالى، السجود لحظة تساوي الدنيا وما فيها، لحظة يقرع كيانك فيها قارعٌ يقول: (الآن، يا قلب نبضك، يا عين دمعك، يا لسان دعاءك)، إنها لحظة، لكن ما أعزها من لحظة، إنها لحظة، إن عاشها القلب انتفض بجبال الهموم المتراكمة عليه فينسفها ربي نسفًا. إنها لحظة، لكنها تنقل القلب من وادي الضياع السحيق ليتعلق بالعرش. إنها لحظة تنقلك من حضيض الفشل إلى قمة الامل، ومن وحشة اليأس إلى بهجة الانس. إنها لحظة تنشق من المخاوف التي تنهشك من كل جانب إلى كنف الله سبحانه حيث الأمان. إنها لحظة ظننت قبلها إنك فقدت كل شيء، لتكتشف بعدها أنك وجدت كل شيء. إنها لحظة وكأنها صيحة في مقبرة القلب أحيت مواته.
يا أخوتي، لا تحرموا أنفسكم من هذه اللحظة العظيمة، توكلوا على ربكم، علقوا قلوبكم برحمته، لا تلجأوا إلى غير ربكم سبحانه وتعالى، اصدقوا في اللجوء إلى الله، اطرحوا أنفسكم على عتباته سبحانه، فهو القائل: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) العلق:19، واعلموا أن من سجد وجد.