الفقه والواقع المعاصر: ما حكم ربط أنابيب الحمل- أو ما يسمّى بتسكير المواسير؟
أ. د. مشهور فواز رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء
الجواب: المراد بربط أنابيب الحمل: “ربط أنبوبة قناة “فالوب” التي تتلقف البويضة من المبيض، وتوصلها إلى تجويف الرحم بغرض التعشيش”، والأصل الشرعي هو حرمة اتخاذ وسائل منع الحمل الدائم التي تؤدي إلى قطع النسل، فقد ثبت في الصحيحين “النهي عن الاختصاء”. ويقاس عليه كل ما يؤدي إلى منع الإنجاب بالكلية، أو استئصال الشهوة، ولو كان بعذر الفقر، أو عدم الرغبة في الإنجاب.
إلا أنه يستثنى من حكم التحريم حالات الضرورة الطبية، إذا ثبت لدى الأطباء أن حدوث الحمل لامرأة معينة سيكون خطرا على حياتها، أو سيؤدي إلى ضرر على صحتها، فلا بأس حينئذ من إجراء عملية “ربط الأنابيب” إذا كان لا يوجد بديل آخر لمنع الحمل في هذه الحالة.
جاء في قرار مجلس الإفتاء الأردني (رقم/65): “أجمع العلماء على تحريم تحديد النسل والقيام بأي عمل يقطع الذرية، كربط الأنابيب للإناث، وقطع القنوات المنوية للذكور، وما أشبه ذلك”.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي (رقم/39) ما نصه: “يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم، ما لم تدعُ إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعي”.
وكذلك جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي (رقم/9) ما يلي: “إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي يقرر بالإجماع: أنه لا يجوز تحديد النسل مطلقا، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق؛ أو كان ذلك لأسباب أخرى غير معتبرة شرعا.
أما تعاطي أسباب منع الحمل، أو تأخيره في حالات فردية لضرر محقق، ككون المرأة لا تلد ولادة عادية، وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الجنين – فإنه لا مانع من ذلك شرعا.
وهكذا إذا كان تأخيره لأسباب أخرى شرعية أو صحية يقرها طبيب مسلم ثقة، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرر المحقق على أمه إذا كان يخشى على حياتها بتقرير من يوثق به من الأطباء المسلمين.