كاتب اسرائيلي يتحدث عن خديعة “الوسيط الأمريكي المحايد” بين الفلسطينيين والاسرائيليين
طه اغبارية
سخر الصحفي الإسرائيلي، رفيف دروكر، من دور “الوسيط المحايد” الذي تدعي الإدارات الامريكية المتعاقبة، أنها تمارسه في المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين منذ عام 1992، متطرقا إلى محطات متعددة خلال التفاوض بين الطرفين، كانت الإدارات الأمريكية خلالها تطلع الإسرائيليين على فحوى مواقفها ومقترحاتها وتعمل معهم على تنقيحها وتغييرها بما يخدم المفاوض الإسرائيلي.
وقال دروكر في مقال له بصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، اليوم الاثنين: “في شهر اكتوبر عام 1998، وخلال مؤتمر “واي بلانتيشن” والذي عقد بين رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية حينها، ياسر عرفات، عرض الأمريكيون مسودة اتفاق. فقط للإسرائيليين، وقالوا نسمع ملاحظات الإسرائيليين وندخلها للمسود، ثم بعدها نعرض المسودة على الفلسطينيين. الوفد الإسرائيلي لم يكن راضيا عن المسودة، وخلال ليلة كاملة دارت مفاوضات ساخنة بين الطرفين الأمريكي والاسرائيلي. سمع الفلسطينيون في الغرفة المقابلة الصراخ في الجانب الإسرائيلي ولم يفهموا ماذا يدور. “هذا لأننا متشددون معهم” قال الأمريكيون للطرف الفلسطيني في محاولة منهم لشراء الوقت”.
وتابع دروكر: “عام 2000 وافقت إدارة كلينتون على مؤتمر “كامب ديفيد” رغم انها لم تكن راغبة بذلك بسبب قناعة كبار الموظفين في الإدارة أن الأطراف ليست جاهزة بعد. رفض الفلسطينيون القدوم في البداية. لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية حينها، براك، فرض إرادته على القوة العظمى في العالم والتي قامت بدورها بإخضاع عرفات، في بداية المؤتمر عرض الأمريكيون مسودة اتفاق للإسرائيليين فقط، وكانت مسودة متساهلة مع المطالب الاسرائيلية وأقل تشددا مما عرضه باراك نفسه على عرفات ورفضه. حملت المسودة الأمريكية أفكارا إسرائيلية مررها الاسرائيليون ذاتهم للأمريكيين في إطار التنسيق التام بينهما خلال التفاوض، بدون علم الفلسطينيين طبعا. بالرغم من ذلك رفض باراك المسودة وطالب برفعها عن طاولة المباحثات. خضع الأمريكيون. وفي مرحلة سابقة حين عرض باراك نفسه تصورا لعملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين، كان يطلب من الأمريكيين عرضها على الفلسطينيين باعتبارها افكارا أمريكية!!، وقد استجاب كلينتون فورا”.
ولفت الصحفي رفيف دروكر إلى وجود العديد من الأمثلة والنماذج على تصرف الإدارات الأمريكية كـ “وسيط محايد” بين الفلسطينيين والعرب والاسرائيليين، ومنها ما حدث في مؤتمر “جنيف” بين الأسد وكلينتون، عام 2000، ووقتها، يقول دروكر: “ألح باراك على كلينتون بالانتظار حتى الليلة الأخيرة قبل لقائه الاسد، ليعطيه تصوره للانسحاب الاسرائيلي من الجولان، وجين جاءت الساعة المتفق عليها، لم يلتزم باراك بوعده، وحتى في مبادرة “جون كيري” عام 2014 تم وقتها تنقيح وضبط الورقة الأمريكية مع الإسرائيليين قبل عرضها على الفلسطينيين”.
ويؤكد الصحفي الإسرائيلي، أن “الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عام 1992، اعتقدت ان هذا “تكتيكا حكيما”- فقط ما يمكن تمريره أولا لرئيس الحكومة الإسرائيلية يمكن ترجمته لاتفاق- وحرصوا دائما على عدم مفاجأة الإسرائيليين في اي اجراء بخصوص عملية السلام من منطلق التنسيق الدائم بينهما في قضايا الأمن، ثم عرض ذلك على طرف خارجي. وطبعا إسرائيل لا تقوم بهذا التنسيق المتبادل في كل ما يتعلق ببنائها للمستوطنات!!”.
يقول دروكر: “ذكر دنيس روس (منسق عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بين الاعوام 95 إلى 97) في مذكراته كيف ضغط عليه نتنياهو من أجل الخروج بتصريحات مطمئنة لوسائل الاعلام ولشركائه في الائتلاف الحكومي، وحين سأله لماذا لا تقوم بذلك بنفسك، أجابه نتنياهو، لأنهم لن يصدقوني أنا ولكن سيصدقونك”.
يشير دروكر إلى أن “الإدارات الأمريكية حرصت على اختيار موظفين، مخلصين للهدف ونواياهم جيدة ويهود” للتنسيق بخصوص السلام الفلسطيني الإسرائيلي. ومنهم من عمل قبل مهمته في الشرق الأوسط وبعدها في منظمات يهودية .
يواصل دروكر حديثه عن امريكا كوسيط محايد، وقال: “نهاية الأسبوع الفائت أعلن موظف كبير في البيت الأبيض، أنه لا يمكن تصور اتفاق بين الفلسطينيين والاسرائيليين دون أن يكون الحائط الغربي (حائط البراق) تحت السيطرة الإسرائيلية”.
يتابع الصحفي الاسرائيلي في نهاية مقاله: “الشيء الوحيد المفيد والمهم فيما تقوم به الإدارة الأمريكية الحالية، ان مسألة “الوسيط المحايد” لم تعد تنطلي على أحد ولن تقوم لها قائمة، فحتى محمود عباس الذي بلع كل الضفادع، لا يمكن أن يستمر بقبول دور الثنائي الغريب- جيسون غرنبلت وجارد كوشنير- كوسطاء محايدين بين الأطراف. “الوسيط المحايد” أضر في نهاية الأمر حتى بالمصلحة الإسرائيلية في الوصول لاتفاق مع الفلسطينيين. والأفضل بدونه”.
من افضل هذا الكاتب ام الكتاب العرب وعلماء السلاطين