متطلبات المرحلة والدور المنوط بنا
أمية سليمان جبارين (أم البراء)
بات جليا وواضحا للعيان كوضوح الشمس في كبد السماء، أننا نقف على مفترق طرق، وأننا إزاء الدخول بمرحلة انتقالية- مرحلة ما قبل العاصفة- لذلك علينا جميعا رجالا ونساء واطفالا أن نكون على قدر المسؤولية، وأن نطبّق معنى الانتماء الصادق لوطننا ومجتمعنا وثوابتنا العقدية والوطنية من منطلق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) لذلك سأبدأ حديثي من خلال هذا المقال عن أهم راع ومسؤول بيننا:
إنها المرأة وبالذات (الأم) لأنها نصف المجتمع وتلد وتربي النصف الآخر. سأتوجه بحديثي إليك أيتها المرأة سواء كنت أما، أو زوجة أو بنتا، أو أختا، لأنه من المؤكد لا يخفى عليك أخيتي صعوبة الظروف التي نعيشها نحن (فلسطينيي الداخل) بالذات في هذه الفترة العصيبة، بعد محاولة قطعان المستوطنين اقتحام المسجد الأقصى المبارك في اليوم الـ 28 لرمضان وتصدي أهل القدس والداخل الفلسطيني لهم والحيلولة دون دخولهم وتدنيسهم مسجدنا ومسرى رسولنا صلوات الله وسلامه عليه، ممّا أثار حقدهم وكراهيتهم لنا التي طالما حاولوا إخفاءها تحت ستار (الحياة المشتركة) إلا أن حقدهم في هذه المرة تغلَّب على مكرهم ودهائهم وأصبحت الكراهية (ع المكشوف)، فاعتدت قطعانهم وعصاباتهم على كل ما هو فلسطيني في العشرة أيام الأخيرة ولغاية الآن، وأجزم أن أغلب فلسطينيي الداخل قد تأثر بهذه الهجمات علينا، كيف لا وقد أصبح التنقل بين المدن والقرى فيه شيء من الخوف من هجمات عصابات المستوطنين المدججين بالأسلحة الحية والأسلحة البيضاء على أبناء شعبنا الفلسطيني، تحت أعين الشرطة والجيش التي من المفترض دوليا وقانونيا أنها مؤسسات لحماية جميع المواطنين! وقد يسأل سائل بعد هذه المقدمة وما دخل الأم في الموضوع؟! وما هي المسؤولية المنوطة بها لأجل تخطي مثل هذه الظروف؟! وأي دور تلعبه الأم في هذا الصراع؟! أمّا جوابي على هذه الأسئلة فسيكون من منطلق أمومتي ودوري كأم مسلمة أعيش على ثرى هذه الأرض المباركة أرض الرباط. سأجيب على هذه التساؤلات من خلال نقاط أو رسائل أوجهها لكل أم تعيش على هذه الأرض، وبداية أقول برغم كل شيء، فإن على هذه الأرض ما يستحق الحياة.
أمّا الرسالة الأولى، فهي إلى المرأة كأم، أقول: حددي دورك في هذه الحياة ولا تقبلي أن يكون دورك في الاتجاه السالب الساكن، بل كوني في الاتجاه الإيجابي المتحرك لنصرة الدين، ونصرة قضيتنا العادلة والثبات على ثوابتنا العقدية والوطنية، فكوني مدرسة في تعزيز قيم الانتماء لهذا الدين وهذه الأرض المباركة، فلك الفخر يا عزيزتي أنك تعيشين على هذه الأرض، أرض الرباط فكم من أحرار وحرائر العالم يتمنون العيش على هذه الأرض ويغبطوننا على هذه الحياة. وكم أثلج صدورنا رؤية الأمهات صغيرات السن بالذات، مع أطفالهن يشاركن في كافة التظاهرات والوقفات التضامنية والاحتجاجية ضد غطرسة الاحتلال وعنجهيته، وهنّ بذلك ضربن أروع الأمثلة في تعليم فلذات أكبادهن معنى الوقوف أمام سلطان جائر. وكم يثلج الصدر رؤية الأطفال يهتفون لأجل المسجد الأقصى وفلسطين وهم بذلك يدحضون مقولة (الكبار يموتون والصغار ينسون). فبوركت أيتها الأم التي تربي أبناءها على الثوابت الدينية والعقدية، كل التحية لك أيتها الأم، يا من ارتقيت بتربية أبنائك من التربية المادية البحتة التي تجعل من أبنائنا كأنهم خراف للتسمين، إلى التربية العقائدية وغرس الحس الوطني لديهم. إنني ها هنا أذكر أمًا فاضلة من أمهاتنا وأثناء محاكمة أحد أبنائها من قبل مؤسسة الاحتلال لمشاركته بإحدى التظاهرات سئلت عن موقفها مما يحصل مع ابنها وهل تخاف عليه؟! أجابت: من الطبيعي أن أخاف عليه، ولكن خوفي على الوطن أكبر، وأنا لم أحمل وألد لأربي خرافا للتسمين، بل لأربي رجالا وحماة لهذا الوطن والدين. نعم يا سادة، نريد هكذا أمهات تكون الأم الواحدة بأمة بمن تربي من أبناء نصرة وإعلاء للإسلام والمسلمين.
الرسالة الثانية، أوجهها إلى المرأة كزوجة ومسؤولة عن بيتها، أقول: أخيتي في هذه الظروف، وكما تلاحظين، فقد أصبح التنقل بين البلدات جد خطير، وبالذات إلى البلدات اليهودية، حيث كما ذكرت آنفا تستنفر عصاباتهم في الشوارع وفي المدن للنيل من أبنائنا وأزواجنا الذين يتجهون لنيل لقمة العيش. إذن بات السفر في سبيل لقمة العيش صعبا للغاية في هذه الأيام، لذلك من المفروض بك أيتها الزوجة أن تراعي هذه الظروف وتكوني على قدر المسؤولية في إتباع خطة استهلاكية ترشيدية تتبعينها في تسيير أمور بيتك، لأن المال لم يعد يأتي بسهولة كما تعودت، لذلك علينا جميعا كزوجات أن نضع أولويات في المصاريف، وأن نتبع خطة شد الخاصرة لأننا لا نعلم ما نحن مقبلون عليه. وأن نتق الله في طعامنا وشرابنا فهما نعمة من الله سنسأل عنها يوم القيامة، وبالذات أولئك النساء اللاتي ترمي الطعام في القمامة دون أن يرف لها جفن، وكم من زوجات تتباهى برمي الطعام، بحجة عدم الأكل من (الطعام البايت) أو أن الطعام زاد عن حاجتهم فترميه في القمامة والعياذ بالله، وهذا الشيء لن يكون إلا سببا في الفقر والفاقة. كما عليك أيتها الزوجة أن تحتاطي بادخار ولو القليل من المال وعلى قول جداتنا: (خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود) و (كل حرة لا بد وأن يكون لها صرة) فلا نعلم ما تخفي لنا الأيام، وأعذريني أختاه إن قلت لك: (دشرك من الفشخرة الزائفة والمباهاة) ولنضع نصب أعيننا اهتمامات أكبر وأجل مما تعودنا عليه في أيام الرخاء فنحن والله مقبلون على أيام شديدة لن ينفعنا فيها إلا قوة إيماننا وثباتنا، لذلك أنصح كل زوجة وأم، أن تبدأ بتخزين الحبوب والبقوليات لسنة على الأقل، وتخزين المياه المعدنية، ويا ريت لو استطعنا حفر آبار في محيط منازلنا، أو على الأقل حفر بئر مشتركة لعدة بيوت، كما أنصح بتخزين التمر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بيت لا تمر فيه جياع أهله).
وأخيرا وليس آخرا، أتوجه بالتحية إلى خنساوات العصر يا من تهدين شموسا للأمة الإسلامية تشرق بنورها لتبدد ظلام الظالمين. يا صاحبة الدور الخفي في تأسيس وتربية الجيل الناشئ. وآخر دعوانا اللهم اجعلنا وذرياتنا من عبادك المخلصين وجنودك الناصرين لهذا الدين ومن المرابطين على هذه الأرض المباركة وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.